الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

وجبة سحور صحية

نشر بتاريخ: 24/06/2016 ( آخر تحديث: 24/06/2016 الساعة: 10:03 )
وجبة سحور صحية
بيت لحم - معا - تُصدر اللجنة الاعلامية في نقابة الاطباء الفلسطينيين خلال شهر رمضان المبارك، سلسلة نصائح وارشادات طبية وصحية للصائمين، ضمن جهودها ونشاطاتها المستمرة، لتقدم اليوم نصائح لوجبة فطور سليمة وآمنة وصحية، اعدها د.معاذ محمد موسى.

إن المتتبع لما ينتشر في شهر رمضان عبر صفحات التواصل الاجتماعي من صور وفيديوهات لموائد الافطار والسحور التبذيرية يجد نفسه مذهولاً أمام كمية الإساءة لفهم مقاصد هذا الشهر الكريم... السحور بركة وهي وجبة نستعين من خلالها على مجهوداتنا اليومية، ونتقوى بها على الطاعات في هذا الشهر الفضيل؛ كان لا بد من كلامنا هذا... مفهوم البركة في اللغة يعني القلة الكميّة أو المادية التي تعطي أثراً وقيمة معنوية كبيرة، إذا فعلينا أن نتعلم كيف وماذا ومتى نتناول وجبة السحور ؟ وليس فقط "كم" يجب أن تكون كمية الطعام على موائدنا!

وجبة السحور
السَّحور (بفتح السين) يعني الطعام الذي يؤكل وقت السَّحر أي في الوقت الأخير قبل الفجر، وهذا أول قواعد السحور حيث لا يجوز أن يكون عند منتصف الليل مثلاً ولا يجوز أن يكون وجبة ممتدة منذ آذان المغرب حتى آذان الفجر يلتهم فيها المرء كل ما يقع تحت يديه وأمام بصره خلال هذا الوقت. فمن ناحية دينية حثنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على تأخير السحور وهذا من المنظور الغذائي يضمن أكبر فائدة خلال ساعات الصيام وأكبر استفادة جسمانية من طعام السحور بسوائله وسكرياته وما يحتويه من مغذيات، وبديهياً من المتوقع بعد تناول السحور أن يتم الانتظار حتى أذان واقامة صلاة الفجر، الأمر الذي يضمن تأخير النوم بعد السحور لقرابة نصف ساعة؛ تعطي وقتاً كافيا لبدء الجسم لافراز العصارات الهاضمة وبدء عملية الهضم، الأمر الذي لن يتحقق بشكل مثالي إذا تم تناول وجبة متخمة من حيث الكم أو النوع ثم النوم بعدها مباشرة.

عند الحديث عن "السحور" فإن أهم محاور كلامنا هو محتوى هذه الوجبة، أي ما ينصح بتناوله وما ينصح بالابتعاد عنه:

بداية يجب أن تحتوي وجبة السحور على مصدر بروتيني غني، مثل: الجبنة أو اللبن أو البيض أو الفول على أن يخلو تحضيرها من الزيت أو القلي أو الملح، ويشكل التمر ركناً اساسياً من طعام السحور بما يحتويه من مغذيات وسكريات مناسبة للجسم على عكس السكريات المصنعة التي تزيد احساس الجوع خلال النهار، وتترافق الوجبة مع وجود حصة من النشويات المعقدة مثل الخبر الأسمر خاصة لمرضى السكري وغيرهم ممن يوصيهم أخصائيو التغذية بذلك النوع من الطعام، كذلك تظهر أهمية تناول الخضار والفواكه الطازجة منها والمجففة خلال السحور حيث تحتوي الطازجة منها كالبطيخ على كميات من السوائل والالياف التي تحمي من الجوع والعطش خلال النهار، وتحتوي الفواكه المجففة كالمشمش والزبيب على ألياف و مغذيات مفيدة.

في الجانب الآخر ينصح بتجنب المخللات والمقالي والبهارات والموالح والدهون المشبعة، وكذلك تجنب الحلويات والعصائر والمشروبات الغازية المحلاة بسكاكر اصطناعية حيث وجد أنها تزيد من العطش خلال النهار، على عكس السكاكر الطبيعية الموجودة في الفواكه أو التمور.

وتظهر أهمية تجنب شرب المنبهات من القهوة والشاي ومشروبات الطاقة التي ستزيد من ادرار البول وبالتالي الشعور بالعطش خلال نهار الصائم، لذلك ينصح في حال الرغبة بمشروب ساخن أن يتناول المرء ما يخلو من الكافيين مثل اليانسون والزهورات وغيرها، إضافة للابتعاد عن تناول ما يزيد العطش مما ذكر سابقاً، فقد وجد أن تناول الاغذية التي تحتوي البوتاسيوم ومن ذلك الحليب والموز والمشمش المجفف، يعمل على تخفيف الاحساس بالحاجة لشرب الماء خلال نهار رمضان.

ومع ذلك يبقى التأكيد على أن شرب الماء النقي هو الخيار الأول والأخير المضاد للعطش خلال شهر رمضان وغيره من أيام السنة، ولا بديل عن شرب الماء؛ إلا أنه من المهم كذلك التنبيه لكيفية ووقت شربه، حيث ينصح بعدم شرب الماء خلال تناول وجبة السحور ذات نفسها لأنه قد يسهم في ابطاء عملية الهضم وتقليل أثر العصارات الهاضمة وتسريع الشعور بالشبع، لذلك من الأفضل تأخير شرب الماء لبعد انتهاء طعام السحور وحتى قبل رفع أذان الفجر، هذا إضافة للنصح بشرب الماء على فترات متقطعة طوال فترة الافطار الممتدة من أذان المغرب وحتى اذان الفجر.

كلامنا السابق جميعه يندرج ضمن نصائح الإطار العام للصائم، ولا يأخذ بعين الاعتبار حالات خاصة لمرضى الضغط أو السكري أو الكلي مثلاً، والذين يجوز لبعضهم شرعاً عدم الصوم في حال قرر لهم الأطباء ذلك، وفي حالة صيامهم يجب عليهم اخذ نصائح تفصيلية من طبيبهم المعالج أو أخصائيي التغذية.

وهناك جانبين مهمين: أولهما طبيعة ما يجب أن يحتويه سحورهم وافطارهم من أصناف غذائية، والجانب الآخر: مناقشة الطبيب المعالج بكيفية تعديل جرعات الادوية التي يحتاجونها لتناسب تغيير عدد الوجبات وقصر مدة الافطار خلال شهر رمضان الفضيل، وعدم فعل ذلك على عاتق المريض الشخصي.