الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

التبرع بالاعضاء عالميا ومحليا بين القبول والرفض والفائدة

نشر بتاريخ: 25/06/2016 ( آخر تحديث: 25/06/2016 الساعة: 19:37 )
التبرع بالاعضاء عالميا ومحليا بين القبول والرفض والفائدة
بيت لحم - معا - التبرع بالأعضاء يعتبر من المسائل الصحية المهمة والمناقشة عالميا بكثرة، وقد شهد العالم في الفترة الأخيرة ازديادا وتطورا عاليا واضحا في البحوث والدراسات العلمية حول التبرع في الاعضاء واعتمادها كأسلوب العلاج المثالي للمرضى الذين يعانون من فشل الأعضاء، ونمو قائمة الأعضاء الممكن التبرع بها مذ كانت تشمل الكلى الى معظم انسجة وأعضاء الجسم بنسب نجاح متزايدة، فمسألة التبرع بالأعضاء من المجالات المهمة على صعيد المجتمع لما لها من أثر في رفع المستوى الصحي لعدد كبير من المرضى، الا ان هذا المجال على الرغم من تطوره المتطرد ما زال يعاني من صعوبات تقف حائلا امام تطوره بشكل كامل، فهنا اعد د.نضال ابو خيزران د. محمد هاشم، د. اسامة الحروب، مشروع تخرجهم من كلية الطب في جامعة النجاح وباشراف د. خالد دمياطي، د. سعاد بلكبير، حول التبرع بالاعضاء، ضمن متابعة اللجنة الاعلامية لنقابة الاطباء لجهود الاطباء وخصوصا الخريجين الجدد وما اعدوا من مشاريع تخرّج هامة ومميزة. 
يعرف التبرع بالأعضاء على أن ازالة العضو من جسم المتبرع لغرض زراعته في جسم المتبرع له (المستقبل) والذي يعاني من فشل في هذا العضو بسبب حالة مرضية أو اصابة، وقد اتسعت قائمة الأعضاء الممكن التبرع بها لتشمل الكلى والكبد والقلب والرئتين والأمعاء والعديد من الأنسجة مثل الجلد والقرنية وغيرها من الأعضاء والأنسجة، وعلى الرغم من اتساع القائمة الا ان العديد من الأعضاء والأنسجة ما زالت عملية زراعتها غير منتشرة وقيد التطوير، وتعتبر الكلى أكثر الأعضاء التي يتم زراعتها عالميا حيث أضحت العلاج الأمثل للفشل الكلوي وقد شهدنا في فلسطين عددا كبيرا من عمليات زراعة الكلى والقرنية الناجحة.
ويمكن التبرع بالأعضاء خلال الحياة، حيث يقوم المتبرع الحي بالتبرع لأحد أقربائه؛ أو بعد الوفاة، ويعتبر التبرع بالأعضاء بعد الوفاة أكثر انتشارا اذ يشكل التبرع بالأعضاء بعد الوفاة المصدر الأول للأعضاء المتبرع بها عالميا حيث يمكن للمتبرع الواحد توفير عدد من الأعضاء لعدد من المرضى، ولهذا فان التبرع بالأعضاء بعد الوفاة هو محور اهتمام العديد من حملات التوعية والترويج لمسألة التبرع بالأعضاء.
ويعتبر التبرع بالأعضاء خلال الحياة أو بعد الوفاة لإنقاذ مريض مباحا ومشجعا وفقا لتعاليم الديانتين الاسلامية والمسيحية بضوابط كتحريم بيع الأعضاء والاتجار بها أو اذا كان العضو المتبرع به خلال الحياة أساسيا لحياة المتبرع كالقلب مع جواز التبرع به بعد الوفاة، كما يشترط على التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ان يكون المتبرع قد أعرب عن نيته ووافق على الانتفاع من اعضائه بعد وفاته ولذا فان التبرع بالأعضاء مع الالتزام بهذا الضوابط لا يتعارض مع تعاليم الديانات السماوية.
الا انه عالميا، هناك نقص حاد في الأعضاء المتبرع بها مقارنة بالمرضى المحتاجين لهذه الأعضاء، حيث انه في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، فان عدد المرضى الذين بحاجة الى اعضاء يتم التبرع بها لهم وصل الى أكثر من 120,000 في 2015، وأن عددا كبيرا من هؤلاء المرضى والذين يعانون من فشل في أحد اعضائهم يفقدون الحياة وهم بانتظار عملية التبرع بالاعضاء نتيجة لهذا النقص.
ويرجع السبب في هذا النقص الى ازدياد نجاح عمليات التبرع بالأعضاء نتيجة التطور في التقنيات الجراحية وأدوية المناعة وبالتالي زيادة الأعتماد عليها في علاج حالات أكثر من حالات فشل الأعضاء، كما انه نتيجة ازدياد متوسط الأعمار وزيادة انتشار الأمراض المزمنة ( السكري، ارتفاع ضغط الدم...) فانه عدد المرضى الذين يعانون من الفشل العضوي في ازدياد مما أدى الى زيادة قوائم وفترات الانتظار للحصول على أعضاء متبرعة.

ولمواجهة هذا الشح الحاد في الأعضاء المتبرعة وبموازات جهود تطوير التقنيات الجراحية واللوجيستيات اللازمة لهذه العمليات، لجأت العديد من الدول الى حملات واساليب عديدة للترويج للتبرع بالأعضاء، ولعل انجح هذه الجهود ما قامت به المنظمة الوطنية للتبرع بالأعضاء في اسبانيا حيث تمكنت من رفع عدد المتبرعين بالأعضاء لتصل الى المرتبة الاولي عالميا في عدد المتبرعين سنويا وقد انشأت العديد من الدول منظمات مشابهة ولنفس الغرض الا ان الحال في العديد من الدول الأخرى ما زالت بحاجة الى جهود كبيرة في هذا المجال.

وفي الدول العربية اجمالا نتيجة لانخفاض دور الرعاية الصحية الأولية وانتشار عديد من الأمراض المزمة كالسمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها، فإن حالات فشل الأعضاء منتشرة كما ان التبرع بالأعضاء لا يتمتع بقبول مجتمعي كبير نتيجة للمعتقدات الخاطئة حوال التبرع بالأعضاء ومخاطرها واعتقاد تعارضها مع الدين فان مشكلة نقص الأعضاء المتبرعة تصبح أكبر وعلى الرغم من غياب الدراسات فمن المتوقع ان عدد كبير من المرضى يعانون من فشل الأعضاء ومن مضاعفات العلاجات المؤقتة فلا بد من الأهتمام بهذا المجال لما له من أثر كبير على المجتمع ككل.

وفي فلسطين شهدنا عددا من عمليات زراعة الأعضاء والأنسجة الناجحة والتي تمت في عدد من المراكز الصحية المتطورة ولعل هذه بداية تبشر بمستقبل أفضل للمرضى الذين يعانون من فشل عضوي ويمضون وقتا طويلا في علاجات مؤقتة توقفهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي وتسبب العديد من المضاعفات وتعرض حياتهم للخطر المستمر، الا ان هذا المجال بحاجة الى جهود كبيرة في مجال الدراسات والأبحاث العملية والعديد من حملات الترويج والتوعية بمشكلة نقص الأعضاء ومعاناة مرضى فشل الأعضاء وفوائد التبرع بالأعضاء على هؤلاء المرضى وعدم تعارض التبرع بالأعضاء مع المعتقدات الدينية لتشجيع الناس على المشاركة والتبرع بالأعضاء، لنتمكن في المستقبل القريب من انشاء برنامج وطني للتبرع بالأعضاء يشمل التبرع بالأعضاء بعد الوفاة وينتفع به كافة مرضى الوطن وادارته بطريقة فعالة لنضمن مستوى رعاية ومستقبل أفضل للمرضى ورفع المستوى الصحي في الوطن ككل.