السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاعلان عن خطة لاستصدار مرسوم رئاسي لتعديل المواد التي تمنح أحكاما مخففة لجرائم ما يسمى بـ"شرف العائلة"

نشر بتاريخ: 20/11/2007 ( آخر تحديث: 20/11/2007 الساعة: 20:43 )
رام الله- معا- كشف وزيران هما وزيرة السياحة ووزير العدل اليوم عن وجود خطة وطنية لمحاربة ظاهرة قتل النساء، من خلال محاولة مجلس الوزراء استصدار مرسوم رئاسي تعدل بموجبه المواد المجحفة بحق المرأة، خاصة تلك التي تمنح أحكاما مخففة لمن يقتل زوجته أو قريبة له على خلفية ما يسمى "شرف العائلة".

واكتفى الوزيران اللذان لم يحددا موعدا معينا لاستصدار هذا المرسوم، بالقول أن العمل يجري على الانتهاء من هذه المسألة في المستقبل القريب.

جاء هذا خلال لقاء مفتوح عقدته جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، اليوم الثلاثاء، في غرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله والبيرة، حضرته أكثر من مائة مشاركة، تحدث فيه كل من وزيرة شؤون المرأة د. خلود دعيبس، ووزير العدل د. علي خشان، إضافة إلى منسقة "منتدى المنظمات غير الحكومية لمناهضة العنف ضد المرأة" أهيلة شومر، ومديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية أمال خريشة.

ويأتي هذا اللقاء ضمن حملة مناهضة العنف ضد المرأة، التي تنظمها الجمعية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء الذي يصادف 25 من تشرين الثاني من كل عام، بتمويل من الكنيسة النرويجية للمساعدات.

يذكر أن الإحصائيات تشير إلى ارتفاع عدد النساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري بأشكاله المختلفة الجسدية والنفسية والجنسية في الأراضي الفلسطينية بشكل خطير، في ظل انعدام سيادة القانون وتفشي ظاهرة أخذ القانون باليد واستمرار حالة الفلتان الأمني وانتشار فوضى السلاح وعدم وضع حد لهذه الجرائم.

وتتهم الناشطات النسويات القوانين المعمول بها في الاراضي الفلسطينية بتشجيع قتل النساء. ويشرن إلى أن القاتل في هذه الجرائم، يستفيد من المادة 340 من قانون العقوبات الأردني المطبق في الضفة الغربية، التي يحصل بموجبها على "عذر مخفف" "إذا فاجأ زوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته مع آخر على فراش غير مشروع"، إضافة إلى المادة 98 من ذات القانون، التي تأخذ بعين الاعتبار "من أقدم على فعله تحت تأثير ثورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه".

الوزيرة دعيبس: قضية ذات جذور اجتماعية صعبة الحل

وكان اللقاء ابتدأ بكلمة الوزيرة دعيبس، التي قدمت فيها شرحا عما تقوم به وزارتها من إجراءات للحد من ظاهرة العنف ضد النساء، مشيرة في هذا الإطار إلى أهمية تضافر الجهود الحكومية والأهلية من اجل تعريف العنف ودراسة أسباب انتشاره من جهة، ثم تكليف الوزارات والمؤسسات ذات الاختصاص بالقيام بما يلزم للتعامل مع النساء اللواتي يتعرضن له ودعمهن من جهة أخرى، إضافة إلى اتخاذ ما يلزم من تحركات للحد من انتشار هذه الظاهرة من جهة ثالثة.

ولكنها أشارت إلى صعوبة معالجة هذه الظاهرة، كونها ذات جذور عميقة مرتبطة أساسا بالتنشئة الاجتماعية التي تميز لصالح الرجل، إضافة إلى تزرعه في نفس المرأة من شعور بالتبعية السلبية وفقدان الثقة بالنفس ونقص الكفاءة الاجتماعية، وتعيق من فرصها في المشاركة الفاعلة في المجتمع.

الوزير خشان: إنصاف المرأة بأجندة وطنية

بدوره، تحدث الوزير خشان عن التحديات الاجتماعية التي تفرض سطوة الرجل على المرأة، والتي أدت إلى تدني وضعها، وعزلها عن المشاركة في قضايا المجتمع الرئيسية.

ورفض الوزير خشان في هذا الإطار اتخاذ الدين غطاء لتبرير الممارسات المجحفة بحق المرأة والتي تمنعها تحد من حريتها في مجال العمل والتعليم مثلا، وتضعها في مرتبة أدنى من الرجل.

وأوضح أن هنالك تنسيق ما بين وزارات السلطة الفلسطينية المختلفة، من اجل الخروج بقوانين أكثر إنصافا للمرأة، خاصة في مجال قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات.

وشدد على أن الدوافع وراء جهود إنصاف المرأة هي وطنية محضة، مفندا ادعاءات البعض بأن العمل على مساواة المرأة بالرجل يأتي في سياق تنفيذ أجندة خارجية ترتبط أساسا بالتمويل.

اهلية شومر: قتل تحكمه وجهة نظر ذكورية

من ناحيتها، عرضت منسقة "منتدى المنظمات غير الحكومية لمناهضة العنف ضد المرأة" أهيلة شومر نتائج بحث أجراه المنتدى حول قتل النساء في الأراضي الفلسطينية ما بين عامي 2004 و2006. مشيرا إلى انه تم توثيق 48 حالة قتل للنساء في تلك الفترة.

وشددت أن عملية قتل النساء تخضع بمجملها لوجهة النظر الذكورية، حيث يقرر الرجال ما يعتبرونه انتهاكا لشرف العائلة، ثم يتولون عملية التحقيق التي قد تصل إلى قتل الفتاة بعد إن يتم إدانتها من طرفهم.

واستنكرت ما تظهره الشرطة من دور سلبي للشرطة في التعامل مع هذا الموضوع، إذ أنها تتماشى مع رؤية الرجال التي ترى بهذه القضايا شأنا عائليا خاصا لا يجوز لأطراف خارجية التدخل به.

أمال خريشة: العنف والتمييز مترابطان

من جهتها، استنكرت مديرة جمعية المرأة العاملة أمال خريشة عمليات القتل ضد النساء، موضحة أن عملية القتل تبدأ مع شعور الضحية بغياب الأمان داخل منزلها، خاصة في حالات الاغتصاب داخل العائلة، حيث يكون عليها لزوم الصمت كي لا تقتل.

وأضافت:" كثيرا ما تتعرض الفتاة للعنف كالخنق والضرب والتجويع قبل أن تصل إلى المرحلة الأخيرة وهي القتل".

وربطت خريشة ما بين العنف والتمييز ضد المرأة، شارحة أن هنالك جذورا تاريخية عميقة تقوي سلطة الذكور في المجتمع الفلسطيني. وقالت:" عادة ما لا يتم التعامل مع المرأة كانسان وإنما كشيء يمكن السيطرة عليه وعلى سلوكه وبرمجته".

وتحدثت عن العوامل التي تكرس سيطرة الرجل على المرأة، وأولها العادات والتقاليد، إضافة إلى عدم وجود إجراءات قانونية وإدارية تحمي المرأة رغم أن القوانين تشير كثيرا ما تشير الى عدم التمييز ما بين الجنسيين، وقالت:" يتحدث القانون الأساسي عن المساواة ما بين الرجل والمرأة، ولكن ثمة فرق واضح ما بين النظرية والواقع اليومي".

ورفضت خريشة استخدام البعض مصطلح "القتل على خلفية الشرف" موضحا ان القتل والشرف لا يجتمعان.

ودعت إلى توسيع دائرة المناضلين من اجل قضايا المرأة ليس في الأوساط النسوية فحسب، وإنما في داخل الحركات السياسية والمجتمع المدني، بما يضمن الوصول إلى كافة القطاعات الشعبية من ناحية، وتحول المجتمع باتجاه الديمقراطية والانفتاح لا نحو التزمت والأصولية من ناحية أخرى.

يشار إلى أن اللقاء تخلله حوار مفتوح شددت فيه المشاركات على ضرورة تعديل قانون العقوبات بحيث تعتبر جريمة القتل على خلفية ما سمى بالشرف جريمة من الدرجة الأولى، ويجب أن يحاسب عليها القانون كأي جريمة قتل.