الأربعاء: 15/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

نتائج الثانوية العامة... البداية وليست النهاية

نشر بتاريخ: 12/07/2016 ( آخر تحديث: 12/07/2016 الساعة: 17:11 )
نتائج الثانوية العامة... البداية وليست النهاية
بقلم: د. علي زهدي شقور
ظهرت امس نتائج امتحان الثانوية العامة في فلسطين للعام 2016 حيث كان عدد الطلبة المسجلين لهذا الامتحان 78،585 مشتركا تقدم للامتحان 77،772 مشتركا نجح منهم 50،284، بنسبة 64.66% بحسب ما أعلنه وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم، صباح الاثنين، في عدة فروع هي العلوم الانسانية والفرع العلمي والفرع التجاري والفرع الشرعي والفروع المهنية.

وفي هذا المقام لا يسعنا أولا إلا أن نبارك لأبناءنا الطلبة الذين اجتازوا الامتحان بنجاح آملين منهم الاستمرار في بذل المزيد من الجهد في دراستهم الجامعية من أجل تحقيق ما يصبوا إليه. متمنين عليهم أن يحسنوا اختيار تخصصاتهم وأن يعتمدوا على هذا الاختيار بشكل أساسي على قدراتهم وإمكاناتهم الذاتية ورغباتهم بمشورة ذوي الخبرة في المجال وبالتالي تكون رغباتهم وإمكاناتهم وحاجة المجتمع هي الأسس التي تحدد الاختيار. وأن لا يكون الاختيار مبنيا على ما جرت عليه العادة بتمييز تخصص عن تخصص آخر انطلاقا مما هو مقبول وغير مقبول في المجتمع أو بسبب المعدل الذي حصل عليه الطالب. ولنا في الماضي تجارب كثيرة ومريرة، فكم من طالب مكنَه معدله الالتحاق بكليات لم يستطع المواصلة فيها وتنقل في كليات عدة إلى أن استقر في كلية كانت هي الأنسب لامكاناته، وكم من طالب اضطر لمغادرة الوطن لعدم تمكنه من الالتحاق بالكلية التي يريد بسبب معدله، ليلتحق بها خارج الوطن ويبدع ويتميز في الدارسة فيها. فأهمية حُسن اختيار التخصص تعتبر مفتاح النجاح وبداية الإستعداد الجيد الذي يقود للتميز والإبداع في مرحلة الدراسة الجامعية وهما يمثلان الضمان للمستقبل الجيد والحياة أفضل. 

وهنا يأتي دور أولياء الأمور الهام في مساندة قرارات أبنائهم والأخذ بأيديهم نحو تحقيق رغباتهم وعدم إلزام أبنائهم بما هم راغبون وحالمون. وعلى أولياء الأمور أن يعلموا أن هذه المرحلة هي أولى مراحل استقلالية الأبناء فلن يتمكنوا من الاستمرار في ضبط ومراقبة أمور أبنائهم الحياتية، فخروجهم من البيت وعودتهم إلى كلياتهم ليس منظما ومصروفهم اليومي ليس محددا وعلاقاتهم الاجتماعية لا يمكن ضبطها وبالتالي على هؤلاء الأولياء إعادة النظر في هذه العلاقة التي لا بد أن يطغى عليها النصح والارشاد بدل الإلزام والأمر. وهذا من شأنه أن يدعم مسيرة الأبناء الجامعية نحو النجاح والتفوق، فعندما يتحمل الفرد مسؤولية أداء مهمة ما يعمل جاهدا على ألا يخفق أو يفشل فيها.

ولا يسعنا ثانيا إلا أن نخاطب أبناءنا الطلبة الذين لم يتمكنوا من إجتياز امتحان الثانوية العامة ونتمنى عليهم ألا يعتبروا ذلك نهاية المطاف وإنما مرحلة لابد من أن يستفاد منها وأن يعتبروها تجربة نتعلم منها جميعا ونبحث في أسبابها لنتخطاها مستقبلا. وأنكم لستم الوحيدين الذين تتحملون المسؤولية، فهناك أطراف أخرى كثيرة تشارككم تحمل مسؤولية عدم إجتيازكم هذا الامتحان بطريقة أو بأخرى. فمنكم من لم يكن راغبا في مواصلة هذا النمط التعليمي ولم تتوفر له أنماط تعليمية بديلة ولم يتم مساعدتكم في وقت مبكر في الكشف عن ميولكم ورغباتكم وتوجيهكم الوجهة الصحيحة نحوها. ومنكم من كانت لديه ظروف أجبرته على عدم الاستعداد المناسب لهذا الامتحان في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا. ومنكم من لا توجد لديه ملكة الحفظ والاسترجاع للمعلومة في وقت محدد ليتناسب وطبيعة هذا الامتحان، وغيرها من الأسباب.

ولكي تتم مساعدتكم في تخطي هذه التجربة بالصورة المناسبة ونتعلم منها جميعا ونستفيد من المرور بها، لابد من تشكيل لجان رسمية وأهلية تتدارس معكم أسباب ما آلت إليه الأمور وتبحث معكم سبل حلها. فقد نصل إلى توجيهكم نحو المؤسسات المهنية والتقنية التي قد تتماشى وميولكم وإمكاناتكم أو إعادة النظر في طرائق استعداداتكم للتقدم للامتحان مرة ثانية أو زيادة دعمكم للتحضير لهذا الامتحان وغير ذلك من الحلول الممكن التوصل إليها معكم. وعليكم أن تتأكدوا أنه بقدر أهتمامكم بنجاحكم هناك من هو مهتم أيضا بكم وبنجاحكم.

وندعو العلي القدير في هذه المناسبة أن يسدد خطى كل من يعلم جاهدا على دعم وتعزيز المسيرة التعليمية في وطننا الحبيب، ونأمل من كافة قطاعاتنا المجتمعية مؤازرة الجهود التي تبذل من أجل الإرتقاء بالتعليم في كافة مراحلة ومستوياته، فمخرجات مؤسساتنا التعليمية هي رافد لهذه القطاعات.