الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

كتب المحرر السياسي : بكيت حتى بلّ دمعي قلمي!

نشر بتاريخ: 30/11/2007 ( آخر تحديث: 30/11/2007 الساعة: 12:07 )
بيت لحم- معا- كتب ابراهيم ملحم - يقولون في الصحافة " رب صورة خير من الف كلمة "..كان ذلك في غزة ،خلال بسط حماس سيطرتها بالقوة المسلحة على القطاع في الرابع عشر من حزيران الماضي، وما رافق تلك السيطرة من مشاهد مؤلمة سحبت من رصيد الحركة الكثير، حتى جاءت صور الاحتفال بالذكرى الثالثة للزعيم الراحل ياسر عرفات وما رافقها من اعمال قمع واراقة دماء سبعة شهداء وعشرات الجرحى.. تلك المشاهد التي اتت او كادت على ما تبقى من رصيد الحركة في قلوب الجماهير.

بعد تلك الصورة القاسية ،تلعثم قادة حماس في تقديم رواية مقنعة لما حدث، وطفق ناطقو الحركة بحثا عن منابر اعلامية لشرح الحدث وتبرئة حماس من التهمة، حتى ان رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية، بما عرف عنه من جزالة العبارة ورصانة الكلمة، بدا مرتبكا وهو يحاول البحث عن كلمات لتبرير الحدث ، فلم يجد غير الضحايا من الشهداء والجرحى ليحملهم المسؤولية .

منذ ذلك الحين ظل شبح تلك الصورة يطارد حماس ويستنزف رصيدها كلما تكررت الصورة على هذه الفضائية او تلك، الى ان جاء يوم الثلاثاء او ما بات يعرف بـ" اعتداءات انابولس" في رام الله وبيت لحم والخليل ،حيث رصدت الكاميرات صورا لا يبارزها الا تلك التي رصدتها الكاميرات اثناء وعقب الحسم العسكري لحماس في غزة وخلال قمع المحتفلين بالذكرى الثالثة للزعيم الراحل ياسر عرفات بالقطاع.

فلو ان حماس جندت خيرة الخبراء في الاعلام واستأجرت عشرات الوسائل الاعلامية لانتاج صورة تحل محل صورها تلك لما استطاعت "الاجهزة الامنية في الضفة قدمت الخدمة مجانا".

احداث الثلاثاء الماضي" اعتداءات انابوليس" في رام الله، وبيت لحم ،والخليل اثارت دهشة المتابعين لـ"مواهب" القمع التي كانت "هاجعة" لدى تلك العناصر الامنية التي تنظر اليها الجماهير كمحافظة على الامن وحامية للمواطن.

ولعل مصدر الدهشة نابع اكثر من كون تلك العناصر،هي من تعرض معظمهما للقمع الاسرائيلي خلال مشاركتهم وتصديهم للاحتلال ابان الانتفاضة ، فلا يكاد جسد اي منهم يخلو من ضربه بسيف او رمية برمح او طعنة بسهم خلال مشاركتهم في التصدي للاحتلال منذ كانوا صغارا.

ابكتني تلك الصور التي طيرتها وسائل الاعلام ،وهي ترصد عمليات القمع والضرب والمطاردة الساخنة للمشاركين بالمسيرات بمدن الضفة، والتي اسفرت عن استشهاد الشاب هشام البرادعي من الخليل ،واصابة العشرات بجراح بينهم بعض الشهود على الحدث من الصحفيين .

ولعل اكثر ما ابكى المشاهدين ، تلك الصورة المؤلمة لمراسل الجزيرة الزميل وائل الشيوخي وهو يتضور الما جراء ما تعرض له من ضرب تسبب بكسر ذراعه .. بكى وائل من الالم وبكيت معه حتى بل دمعي قلمي .

فما الذي يضير حماس لو صلى الناس في العراء.. وما الذي يضيرها لو احيا مئات الالاف من حركة فتح ذكرى رحيل زعيمهم وابو الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات.

وما الذي يضير الاجهزة الامنية في الضفة لو تظاهر الناس في بيت لحم، ورام الله، والخليل ضد انابولس ؟..ألم يشكل صمود الرئيس والوفد المفاوضات امام ضغوط اللحظة الاخيرة في انابولس اكثر من مظاهرة في معركة هي واحدة من اكثر المعارك شراسة، عندما تكون فيها الولايات المتحدة واسرائيل الخصم والحكم ، فيما العرب الذين "سيقوا" الى المؤتمر لا حول لهم ولا قوة .

ولعل ادانة فتح رسميا لتلك الاعتداءات وتحذيرها من تكرارها ومطالبتها بتشكيل لجنة تحقيق فيها يبعث على الطمأنينة وهو ما لم تفعله حماس في غزة عندما "تغولت" اجهزتها الامنية على المواطنين وان طالب رئيس الوزراء المقال بتشكيل لجنة للتحقيق لم تلتئم حتى الان .

كما ان تقديم وزير الداخلية اللواء عبد الرزاق اليحيى اعتذارا للصحفيين " لم تفعلها داخلية المقالة في غزة" يبلسم بعضا من الجرح على امل الا يتكرر المشهد في قادم الايام .

نعم لقد ابكتني تلك المشاهد حتى بل دمعي قلمي ولست ادري ما اذا كانت يدي قد تسلم من" مواهب " القمع تلك .