الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حمدونة يطالب بمحاكمة قيادات الاحتلال لما ارتكبوه بحق الاسرى

نشر بتاريخ: 05/06/2017 ( آخر تحديث: 05/06/2017 الساعة: 14:58 )
رام الله- معا- طالب مدير مركز الأسرى للدراسات رأفت حمدونة، اليوم الإثنين، بمحاكمة قيادة الاحتلال التي ارتكبت جرائم وصفها بـ"المرعبة" بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب في أعقاب هزيمة حزيران 1967.
وأكد في بيان له، أن الشهادات التى تم جمعها من أسرى عايشوا جزء من ظروف الاعتقال الأولى ضمن مقابلات نادرة مع محررين بقوا على قيد الحياة تظهر وحشية الغحتلال الذى لازال يتعامل مع الأسرى بنفس النهج والمنطق.
وقال سليم حسين الزريعي الملقب بـ"منديلا فلسطين" لمركز الأسرى والذى أمضى فى السجون 27 عاماً متواصلة: "اتسمت تلك الفترة بالقهر والمعاناة الكبيرة، فلم تسمح لنا إدارة السجون خلالها بالجلوس أو الحديث داخل الغرفة وخارجها، وفي حال تم مشاهدة مجموعة تجلس مع بعضها، يتم اقتحام الغرفة والاعتداء عليهم، ومعاقبتهم ونقلهم إلى الزنازين، وكنا مجبرين بالرد على السجان بكلمة "نعم يا سيدى"، وكان الأسرى يدخلون الحمام للاستحمام مرة واحدة كل أسبوع، ويتم تعرية الأسرى كاملا بشكل مهين وبشع جداً أمام ناظر الآخرين ممن معه، ولأقل من خمس دقائق ثم يخرجوه قبل أن ينتهي، ومن الأسرى من كان يرفض الذهاب للحمام ويغتسل في الغرفة بالماء البارد بطريقته الخاصة، كنا نشعر بأن الحياة عبء في ظل تلك السياسة، كنا نتمنى لو استشهدنا على أن لا يتم اعتقالنا بهذه الظروف.
وأضاف الزريعي، أن الأسير ملزم بالإستيقاظ ما بين الساعة الخامسة والنصف إلى السادسة صباحاً مستعداً ومنتظراً العدد المسمى "السفيراه" ثلاث مرات يومياً فى الصباح والظهيرة والمساء، وكلما اقتضت الحاجة لذلك، وعلى الأسير حين سماع صافرة العدد، أن يقوم بطي فرشته وبطاطينة بطريقة عسكرية، حيث يمر ضابط القسم من فترة لأخرى للكشف على حالة الانضباط والانصياع للأوامر، و على الأسير أن يجلس منتعلاً حذائه، مستعداً للعدد القادم وعليه أن لا يرفع رأسه بالنظر إلى ضابط العدد، إضافة "لجلوس كل خمسة أسرى معاً إلى أن ينتهي العدد".
ويضيف: كان التدخين مسموح ولكن تحت رحمة السجان، حيث كان يطلب من السجين إنهاء تدخين الأربع سجائر بساعة النزهة، ومن يريد إشعال سيجارته عليه أن يطلب بأدب من السجان ويقول له لو سمحت أريد ولاعة يا سيدي؛"كما كان يمنع على الأسير امتلاك الأوراق أو الأقلام أو الكتب ومن يضبط بحوزته أياً منها، كانت غرفته تتعرض لتفتيش دقيق يتم خلاله قلب الغرفة وتحطيم محتوياتها والعبث بأغراض وملابس الأسرى الاخرين".
وتابع: إن معاملة الأسيرات لم تكن بأفضل حال من معاملة الرجال، فالأسيرة المحررة  مريم أبو دقة وصفت ظرف الإعتقال الأولى: "عاملونا بالكثير من العنف، واستخدوا معنا فى التحقيق التهديد النفسى والإعتداء الجسدى ووسائل الترغيب والترهيب، وبعد التحقيق لم يدخلوا لنا ملابس بل أدخلوا لنا البجامات الرجالية التى تتسع لاثنتين أو أكثر، وسمحوا لنا بخمس دقائق حمام، واذا لم ننتهى بهذه السرعة فتحوا علينا الباب، وأجبرونا على النوم الساعة العاشرة مساءاً، وكانوا يمارسون الدهاء لتحسين صورتهم أمام العالم.
 وأوضح:" ذات مرة قالوا لنا: أطلبوا ما تشاءون، فطلبنا منهم الكثير من الطلبات حتى الفرشة، وأحضروها لنا مستغربين، حينهاعرفنا أن فى الأمر شىء، وبالفعل كانت زيارة لمنظمة الصليب الأحمر الدولى فى اليوم التالى للإطلاع على ظروف إعتقالنا".
وصف الأسير المحرر أحمد عبد الرحمن ابو حصيرة  بدايات الإعتقال والمعاملة بالقول: كانوا يعطون الحلاق شفرتين فقط ليحلق لخمسين أسير على الصفر، وفي حديثه قال: أذكر أنه تم الإعتداء علينا بوحشية لأن إحدى الشفر فقدت بعد الحلاقة، وكل ممتلكاتنا هى 4 بطانيات برائحة نتنة ومتسخة، ولم يوجد وسادات بل كنا نضع الحذاء تحت رؤوسنا وعليه بطانية، وقطعة بلاستيكية نضعها تحتنا بسمك 1سم وصحنان "قروانان" وكاسة بلاستيك وملعقة، ووقت العدد يجب أن نكون على ركبنا وأمامنا تلك الأغراض ونبقى ولو لساعات حتى ينادى الضابط أن العدد صحيح.
واستطرد: كانت إدارة السجون تمنع الآذان، وكنا نتناوب على الآذان رغم العقاب، والزيارات كل شهر مرة نصف ساعة، ولا يوجد صلاة جمعة، وكنا نصلى فقط العيد جماعة بخطيب يحضروه لنا من خارج السجن، ولم يسمح بامتلاك الملابس بل كل ما نلبسه الغيار الداخلى وأبرهول، كنا نعانى من الأمراض الجلدية والقمل، حتى أننا ذات مرة جمعناه وقدمناه للصليب الأحمر حينما زارنا ليصدق ما نقول، ولا يوجد مرحاض فى الغرفة بل ثلاث جرادل "واحد للبول والثانى لقضاء الحاجة والثالث للقمامة"، وكنا ننام على الجنب كون أن كل شخص يحظى بما لا يزيد عن 30 سم، ومن يذهب لقضاء الحاجة لن يستطيع العودة لمكانه بعد فقدانه، وقد يبقى واقفاً فى إحدى الزوايا ".
واتفقت شهادة الأسير المحرر خضر محمود عباس المعتقل مع زملائه حينما تحدث عبر مقابلة عن بداية الإعتقال بمرارة:" كان الأسرى يشعرون بالجوع دوماً، وكان فطورنا من 3– 4 فرمات خبز، ونصف بيضة مقسومة بالنصف وكأنها بمنشار لأن القشرة باقية عليها بعد الإنفصال أو نصف حبة طماطم، وأقل من ملعقة مربى، و4 حبات زيتون، والغذاء صحن زربيحة "شوربة،" وصحن الرز لغثنين وصحن الطبيخ لأربعة ورغيف الفينو لأربعة، أو صحن مية فاصوليا نرى فيها القشيرات فقط مع قطعة لحم كل أسبوع مرة، أو قطعة سمك كذلك، وكانوا يحضروا لنا ما نسميها بشوربة المكانس أو "البيقة" الشبيهة بالبازيلاء، و كان أكل السبت مقززاً بسبب طهيه يوم الجمعة لأسباب دينية عند اليهود لعدم السماح باشعال النار فيه، ووجبة العشاء قريبة من وجبة الفطور، وكانوا يعتدون بالضرب على كل من ينام أثناء النهار".
 أما عن حالة الحصار والتضييق على الأسرى فوصفها الأسير المحرر محمود سليمان الزق بالقول:"حاصرتنا الإدارة بالكامل، لم تسمح باقتناء الورقة والقلم وحتى الصحف والمذياع والتلفاز كان ممنوعاً علينا، وكان يسمح فقط بسماع صوت إسرائيل باللغة العربية لساعتين، ساعة صباحاً وساعة مساءاً للأخبار وأغانى أم كلثوم، وجريدة الأنباء تصدرها المخابرات الغسرائيلية بشكل موجه".
وأشار حمدونة إلى المعاملة غير الإنسانية، حيث قامت دولة الإحتلال في بداية الاعتقال بتشغيل الأسرى الفلسطينيين وفق نظام السخرة، بهدف الاستغلال والإذلال والمهانة، فأخرجت بعض الأسري للعمل فى الأعمال الإنتاجية التي تفيد الإحتلال: مثل حياكة شبك الدبابات وإنتاج بعض الأمور للمؤسسة العسكرية.
وطالب حمدونة وسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية والإنسانية "المحلية والعربية والدولية" بإبراز إنتهاكات الإحتلال للأسرى في تلك الحقبة لتوثيقها وتقديمها للمحاكم كشهادات للضغط على الإحتلال لوقف جرائمها المستمرة من بدايات الحركة الأسيرة حتى اللحظة، ومحاسبة ضباط إدارة مصلحة السجون والجهات الأمنية الإسرائيلية لمسئوليتها عن تلك الغنتهاكات والخروقات للإتفاقيات الدولية ولأدنى مفاهيم حقوق الانسان.