الأحد: 05/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الصين وثقافة الشاي

نشر بتاريخ: 06/04/2019 ( آخر تحديث: 06/04/2019 الساعة: 17:57 )
الصين وثقافة الشاي
اسم الكاتب: أسامة أحمد النجار
لقد قُدر لي أن أكون ضمن وفد حركة فتح للقاء الحزب الشيوعي الصيني في إطار مذكرة تعاون وقعت بين الحزب وحركة فتح في إطار التعاون المشترك واستمراراً لنهج حركة فتح في بناء علاقاتها المتينة مع الأحزاب التقدمية والوطنية وترسيخاً لمبادئ تعاون تضرب جذورها من ستينيات هذا القرن أسس لها القادة العظام في فتح والحزب الشيوعي الصيني من أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد وماوتسي تونغ هذه العلاقة التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل قوى التحرر في العام وكل قادة الثورات الذين قضوا في سبيل حرية شعوبهم.
لقد كان جدول الزيارات مفعماً بكل شيء من الثقافة والسياسة والتاريخ والجغرافيا ومليئاً بالزيارات الميدانية التي ارهقتنا جسدياً ولكنها افعمتنا بالحيوية والنشاط والحياة لشعب يقدس العمل والبناء بإنتماء خالص لوطنه, ومن ضمن هذه الزيارات الميدانية كانت زيارة منطقة تشين جيانغ وهي من المناطق التي دخلت في اطار خطة الحزب الشيوعي الصيني في تطوير المناطق النائية وجلبها من حياة الجبال الى حياة المدينة والحضارة, حيث تم احضار السكان من الجبال وبناء المساكن الريفية لهم وتدريبهم على استصلاح الارض وزراعة الشاي كمحصول رئيسي في اطار التعاونيات التي نظمها الحزب الشيوعي الصيني حيث أصبحت هذه المنطقة من أكثر مناطق الصين والعالم شهرة في زراعة وصناعة الشاي.

الشاي بالنسبة للشعب الصيني له احترامه, وهو أكثر مشروب شعبي لديهم, يشربونه طوال اليوم وفي كل المناسبات وعلى كل الوجبات ولا يتوقفون عن شربه, فهو موروث تقليدي ضارب لديهم في عمق التاريخ, وعندما يلفظون كلمة شاي بلغتهم يقولون (تشاي) ومعنى الكلمة ليست حرفية (الشاي) بل هو مصطلح يفيد بثقافة شرب الشاي وتقاليده لديهم والتي يتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل.
وحسب المرافقين لنا من الحزب الشيوعي الصيني فإن في الصين أكثر من 250 نوع من الشاي تزرع فيه أكثرها كلفة وأغلاها ثمناً هو الشاي الأبيض حيث يصل الكيلو الواحد منه إلى ما يقارب 500 $ أمريكي وهو لا يصدر خارج الصين بل كمية انتاجه هي بالكاد تكفي إحتياجهم منه.
إن الشاي في موروثهم الثقافي ليس مجرد شراب بل له علاقة بالعلاج والطب الصيني التقليدي لذلك نجد هذا الاحترام له ولتقاليد شربه وهذا أيضاً مرتبط لديهم بالأدب والفلسفة والفنون, وهو أيضاً مرتبط بتهذيب الذات.
وهذه الثقافة الانسانية تأتي جذورها أيضاً من مبادئ كونفوشيوس وبوذا التي كانت جميعها تعتني بالتفاعل الاجتماعي والأخلاق بين الأفراد حيث أصبحت مذهباً للإمبراطورية الصينية والتي بنيت في مبادئها أساساً على مبدأ "تمنى للآخرين ما تتمناه لنفسك" وفي تعاليمه السياسية فقد دعا كونفوشيوس الى اعتماد مبدأ الضبط الذاتي للنفس وأكد انه على الحاكم ان يدرب نفسه على هذا المبدأ حى يبقى متواضعاً وليعامل أفراده بالعطف وأن الحاكم يستطيع أن يحفز الناس على اتباع القانون من خلال تعليمهم الفضيلة من خلال الاقتداء به.

ان هذه التعاليم وهذه الثقافة ما زالت قائمة وظاهرة في السلوك اليومي للشعب الصيني وقيادته, فالإشتراكية الصينية الجديدة التي وضعها رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ والتي بنيت على خمسة عناصر هي البناء السياسي والبناء الثقافي والبناء الاجتماعي وبناء الحضارة والايكولوجية وهي جيمعها تمثل جوهر الاشتراكية ذات الحضارة الصينية التي تربط بين نهضة الصين وقوتها وعظمتها مع دعم نهضة الشعوب الفقيرة لتكون على قدم وساق مع نهضة الصين العظيمة, ولذا نجد أن تفكيرهم انساني خلاق في تطلعهم الايجابي نحو غيرهم ورغبتهم الاكيدة والمبدأية في نهضة شعوب الارض ودعم تقدمها وتطورها وذلك في نظرة انسانية تهتم بالغير كما بالنفس وذلك عوداً على بدء لمبادئ كونفوشيوس "تمنى للآخرين ما تتمناه لنفسك".