الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أنا شُرطي في (حُكومة الضمير)... بِرُتّبةِ إنسانْ

نشر بتاريخ: 27/11/2019 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:11 )

الكاتب: صخر سالم المحاريق

لم تأت الأديان جميعها إلا لشيء واحد وهو أن تُتَّمِمَ "مكارم الاخلاق"، مُراعية في ذلك "الضمير الانساني" الموجود حتمياً عند جميع بني البشر، بحيث يعود بهم عند تحكيمه إلى فطرتهم، والتي جبلوا في أصلها على حُب الخير وهم في ذلك سواء، لتظهر من خلالها مدى إنسانيتهم وتعاطفهم تجاه بعضهم البعض، وتجاه غيرهم من المخلوقات، فالإنسان يضبط نفسه وما تسول به من خلال حكومتين؛ يترجم في تحكيمهما معاً أو فرادى شكل سلوكه الظاهر والباطن، في حوار بين متناقضين هما (الخير أو الشر)، والذي هو في أصل نشأته خليط منهما، قال تعالى في سورة الشمس “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا”.
كثيرٌ منا من يقوم بممارسةِ سلوكياتٍ كارثيةٍ، دونما إلتفات منه إلى حجم مضارها ومخاطرها وآثارها، على الفرد صاحب الفعل نفسه، وعلى غيره من الأفراد أو حتى عموم من في المجتمع، وقد تكون تلك السلوكيات بعفوية وتلقائية تارة، أو في استهتارٍ منه تارة أو مقصودةٍ تارة أخرى، دون أن يحكم لبرهة (حكومة الضمير) خاصته، والتي تُمثل منظومة الأخلاق الفردية فالمجتمعية في شمولها، كما أنها الرادع الأول والأخير لكل فعلٍ مسيء، وهي من يساند "حكومة الدولة" وعسسها ويقر بذلك قوتها وهيبتها عند غيابها وقت القيام بالجرم عن المشهد، وهذا لشيء منطقي بحكم أن الضمير حكومة داخلية مصغرة، وحاضرة باستمرار في وجدان كل إنسان، وتستوطن كل نفس بشرية على العكس من "حكومة الدولة" كرادع خارجي، فمن لا يؤدبه الضمير .. تؤدبه الحياة حينما تدور.
عزيزي المواطن الكريم ... يا من أنت “راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته ”كما أمر نبينا الكريم، ولنقف بذلك معاً وسوياً على جملة من الأفعال والسلوكيات، المخالفة في فِعلها للشرع والتشريع والقانون، نراها جميعاً وبشكل أصبح من المعتاد يومياً، ولولا قدر الله ولطفه بعباده في أحيان كثيرة، لترجمت هذه السلوكيات لكوارث لا ينفع حين وقوعها وبعدها الندم، ولو قام كل منا بدور (المسؤول والشرطي) كل من طرفه، وحولنا تلك التصرفات المُشينة لذواتنا أولاً ولأخلاق مجتمعاتنا ثانياً، كنوع من "وقفة الضمير" وقمنا وحداناً وزرافات حين إذٍ بقلب تلك التصرفات ب عندما:
• عندما تَضّعْ حزام الأمان، وتَحُث كل من حولك على وضعه، والذي وجد لسلامتكم أولاً .. فأنت بذلك شرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تقفُ على الاشارة الحمراء، ولو كانت الساعة منتصف الليل والشارع فارغ .. فأنت بذلك شرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تُراعي في سلوكك (أنظمة وقوانين السير) على الطرق، والتي وجدت لسلامتك وسلامة من هم حولك .. فأنت بذلك شرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تَلتزمْ بالوقوف في أماكن الاصطفاف المخصصة والموسومة بإشارة .. فأنت بذلك شرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تَفتحْ الطريق من خلفك لسيارة الإسعاف لتساهم في إنقاذ حياة إنسان هو بحاجة لكل ثانية .. فأنت بذلك شرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تَمنعْ نفسك وأبنائك من ركوب وتملك سيارة غير قانونية أو غير مرخصة أو منتهية الترخيص .. فأنت بذلك شُرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تُقِّلْ العدد القانوني، والمسموح به في سيارة (الأجرة، والباص، وحافلة نقل الطلاب) .. فأنت بذلك شُرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تَلتزمْ بأنظمة وقوانين السلامة المهنية، بعدم الاستهتار عند ممارسة بعض الأعمال الخطرة .. فأنت بذلك شُرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تَرفُضْ استلام وبيع بضاعة فاسدة أو غير قانونية "مهربة" .. فأنت بذلك شرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما توكِلْ أمرك لله ومن ثم للجهات المختصة في حصولك على حقوقك في حال سُلبت لا أخذها بالقوة .. فأنت بذلك شُرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تَقِفْ شاهداً ليس "بشاهد زور" في حدث ما، ولو كان على رقبتك لتُحيِّ به إنسان .. فأنت بذلك شُرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تُحافظ على المُمتلكات العامة من (طرق، ومرافق، وأدوات) ولا تتعدى عليها .. فأنت بذلك شرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما تَكتشفْ في أنك بنفسك أو أحدٍ من أبنائك أو أخوتك أو أصدقائك قد وقعتم ضحية للفساد والمهلكات، كالمخدرات وغيرها .. فأنت بذلك شُرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
• عندما ترفض أخذ رشوة أو قبول واسطة في أي أمر تملك بموجبه نفوذاً وحق للتصرفِ وترى فيه مفسدة
وضرر خاص أو عام .. فأنت بذلك شُرطي برتبة إنسان في حكومة الضمير.
وفي الختام أقول عندما تَحترم القانون وتطبقه في جميع حالاته الواقع فيها وتنصاع وتقدر أوامر الشرطي الفلسطيني كمنفذ له والذي وجد لحفظ أمنك، ورعاية مصلحتك .. فأنت بذلك عوناً وسنداً له، وزميل له (كشرطي) برتبة إنسان في حكومة الضمير، وإذ بي أوجه رسالتي هذه إلى كل مواطن فلسطيني غيور حريص كل الحرص، على أن ينعم بالأمن والأمان في كنف مجتمع آمن هو وأبناء جلدته، بحيث يكون بمثابة صمام الأمان والداعم الأول، في الكف عن هذه إنتهاجِ وممارسة مثل هذه السلوكيات، يساند بذلك من طرفه أجهزتنا الشرطية، والتي تصل الليل بالنهار للسهر على لحماية مقدرات هذا الشعب المعطاء والمضحي “شعب الجبارين”، والذين أضم أصواتهم بالنيابة عنهم إلى هذه الرسالة كنوع من المسؤولية المجتمعية والجماعية، شاكراً لهم جهودهم ووجودهم الضامن لأمن واستقرار هذا المجتمع، ليرتقي كما غيره من الشعوب، والتي صنعت القوانين لتسير وفقها وعليها.