السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الفلسطينية ... لزوم ما لا يلزم

نشر بتاريخ: 27/11/2019 ( آخر تحديث: 27/11/2019 الساعة: 13:44 )

الكاتب: عماد توفيق عفانة

قبل الحديث عن تفاصيل التجاذبات التي يشهدها المسرح الانتخابي الفلسطيني، والرد المكتوب الذي طلبه عباس من حماس تأكيدا على التزامها، دون أية ضمانات على التزام عباس ذاته بنتائج تلك الانتخابات، لا بد من الإجابة على ثلاثة تساؤلات وهي:

ماذا تريد الجهات الخارجية من الانتخابات؟

ماذا يريد الرئيس عباس من الانتخابات...؟

وماذا تريد حركة حماس من الانتخابات؟

أولا لا بد من تثبيت قاعدة للانطلاقة في تحليل المشهد الفلسطيني، وهي إن قرار الانتخابات في الساحة الفلسطينية هو قرار خارجي وليس قرار فلسطيني ذاتي.

مارست هذه القوى الخارجية عام 2006م ضغوطا كبيرة على عباس لإجراء الانتخابات بمشاركة حركة حماس، كما تعرضت حماس في ذات الوقت لضغوطات كبيرة على شكل اغراءات للمشاركة في تلك الانتخابات.

ماذا تريد الجهات الخارجية من الانتخابات؟

كانت الجهات الخارجية تريد من انتخابات 2006م ادخال حماس داخل استراتيجية البقرات السبعة، التي تقوم على تحويل حركة حماس إلى حركة أكثر مركزية، ليسهل ضرب رأسها وتكسيح أرجلها، وليصبح لدى قادتها بقرات لتحل مكان المبادئ، ضمن ما سمي حينها سياسة الاحتواء، لإدخالها تحت سقف الالتزامات التي تفرضها القوى الدولية.

لذلك إذا كان هذه السياسة ما زالت مستمرة حيال حماس، فربما يخطئ من يعتقد أن الانتخابات سوف تتم، وافقت حماس أم رفضت.

لكن إذا كانت القوى الخارجية تريد فصلا تاما لغزة عن باقي الأرضي الفلسطينية كما عن باقي مكونات النظام الفلسطيني الرسمي، تطبيقا لصفقة القرن، فربما سيكسب عباس الجولة، عبر دفع حماس لرفض مطالبه التعجيزية والاستفزازية عند نقطة معينة، بحيث تجرى الانتخابات دونها، الأمر الذي سوف يصب في صالح "إسرائيل" التي ربما لن تعرقل الانتخابات بالقدس، الأمر الذي ستصوره السلطة كإنجاز سياسي.

ماذا يريد الرئيس عباس من الانتخابات...؟

يقف محمود عباس أمام استحقاق مفصلي في سبتمبر المقبل، يتمثل بتقديم طلب منح فلسطين كدولة العضوية الكاملة في الجمعية العامة.

إلا أن متطلبات هذا الاستحقاق حسب محددات المكتب القانوني في الأمم المتحدة، ينقصه وجود مجلس تشريعي، وهو المجلس الذي حله عباس بقرار من المحكمة الدستورية في ديسمبر 2018م.

كما يلزمه تجديد شرعية عباس ذاته، والتي انتهت دستورياً منذ 2009م، الأمر الذي لا تقصر حماس وفصائل المعارضة في توظيفه للطعن في شرعيته وفي جميع قراراته داخليا وخارجيا.

وعليه فعباس بحاجة لإجراء هذه الانتخابات لتوفير متطلبات استحقاق قبول فلسطين كدولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولتجديد شرعيته شخصيا.

ماذا تريد حركة حماس من الانتخابات؟

حركة حماس من جانبها لا توفر فرصة للتأكيد على قبولها كافة الشروط التي يفرضها عباس لإجراء الانتخابات حتى ولو خالفت شروطها السابقة، وحتى ولو عارضت الاجماع الفصائلي، ذلك ان حماس كعباس تريد تجديد شرعيتها الانتخابية، لكن حماس تبدو بحاجة أكثر للمشاركة في هذه الانتخابات، أولا كي لا تخرج من النظام الرسمي الفلسطيني.

وثانيا لأن حماس لا تريد أن تتهم بأنها أداة في تطبيق صفقة القرن، وأنها السبب في فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.

لذا فمن المرجح أن تتجاوز حماس عدد من العقبات التي قد تمثل أفخاخ لاستدراج اللا الحمساوية، من قبيل:

- المحكمة الدستورية، وغياب البيئة الانتخابية، وغياب الحريات العامة والخاصة، والاعتقالات الخ.

- المرجعية القضائية الذي ستحتكم إليها الأطراف المشاركة في الانتخابات وكيفية تعيين قضاتها.

الأمر الذي يضعنا أمام عدد من التساؤلات الصعبة مثل:

من الذي سينتصر، هل هم أصحاب صفقة القرن الذين يريدون فصل غزة عن الضفة، عبر اجراء انتخابات تشريعية دون حماس!

وهل يمكن لحماس أن تقبل بتنفيذ مرسوم رئاسي بإجراء الانتخابات دون مشاركتها، ترشيحا وانتخابا، وهل يمكن لحماس أن تستبدل مشاركتها المباشرة بدعمها لقائمة تكنوقراط مقربين منها!

وهل يمكن أن تجري انتخابات تشريعية بمشاركة فتح وحماس بشكل مريح، في تجديد لمكونات أوسلو الذي أكلت عليه "اسرائيل" وشربت حتى التخمة.

وهل يمكن أن تقبل "اسرائيل" تجديد حماس لشرعيتها الانتخابية، وهي التي تحاول جهدها اخراج حماس عن الشرعية وتصنيفها كحركة إرهابية!

وهل يمكن لحلم القائمة الوطنية المشتركة أن يتحقق كمحاولة لتجاوز حالة الاستقطاب والمنافسة القوية بين أقطاب الساحة، رغم السلبيات الكبيرة لمثل هذا الخيار!

إذا كانت الانتخابات قرار خارجي، وأنها ستتم وافقت حماس أم لا كما يحلوا للبعض أن يقول، فهل يمكن "لإسرائيل" تعطيل هذه الانتخابات عبر منع اجراءاها في القدس.

أم أن "إسرائيل" ستوظف هذه الانتخابات كرافعة لتعزيز الانقسام والانفصال!

وهل من مصلحة حركة فتح التي تفتقر الى الجهوزية للانتخابات عدم مشاركة حماس في الانتخابات لتجنب السقوط مرة أخرى!

أم أن تلكؤ عباس في إصدار المرسوم بتحديد موعد الانتخابات، مرده انتظار تغيرات جذرية في ساحة قطاع غزة، نتيجة حرب مختلفة ربما ستغير وجه المنطقة!