الكاتب:
جورج كارلوس قنواتي
أثبتت حرب الاحتلال على إيران أزمة أخلاقية يعيشها بعض أفراد شعبنا الفلسطيني، وطفت إلى السطح أمورٌ كنا نعتقد أنّها غائبة عنا، كنا نعتقد أنّ النظريات التي تتحدث عن شرّ الإنسان الداخلي لا تنطبق علينا، وأنّ شعبنا طيّبٌ بالفطرة ومتّحد، خاصة في ظلِّ الأوضاع الصعبة التي عاشها على مرّ السنين ولا زال يعيشها، وأثبتَ وحدته وتماسكه، ولكن...!!!
أوجّه كلامي هذا إلى البعض - فما زلت على يقين تام أنّ معظم أبناء شعبنا طيِّبون، وفيهم من الخير الكثير لمجتمعهم وللآخرين - فتكفي إشاعة واحدة فقط لتجعل المحروقات إحدى أكبر الأزمات التي يعيشها شعبنا هذه الأيام، بالرغم من كافة إعلانات الحكومة بعدم الهلع أو الخوف من انقطاع المحروقات أو نقصها، وأصبحَ طريق الحصول على البنزين والسولار معبّداً بالضرب والصراخ والشتائم، وحتى استخدام الأسحلة والاعتداء على رجال الأمن، فكيف لو كانت هناك أزمة حقيقية في المحروقات؟ هل ستصبح استباحة الدم بيننا أمرٌ طبيعي؟!
أصبحت مشاهد الطوابير على محطات المحروقات أمراً مألوفاً في أيِّ وقت، ليلاً نهارًا، و"الجالونات" تتصدر المشهد داخل محطات المحروقات، ناهيكم عن الصراخ والاعتداء والاقتتال بسبب الدور أو حتى لأسباب لا تذكر، حتى أصبح إيجاد لترٍ واحدٍ من البنزين أو السولار يحتاج جولة بين المحطات، ووقتًا طويلًا في الانتظار، وقد يسوء حظك فينتهي البنزين من المحطة عند البدء بتعبئة مركبتك.
الكثير من خزانات المركبات ممتلئة أو ممتلئ نصفها، ولكن إصرار أصحابها على إعادة تعبئتها لتكون ممتلئة بالكامل، وتخزين بعض المحروقات في المنازل احتياطًا، ما يعمّق الأزمة ولا يحلّها.
أما السوق السوداء، فحدّث بلا حرج، فقد أصبحت المحروقات تُباع باللتر أو اللترين أو بالقارورة وبأسعار لا تُصدّق، لنتعرّف على فئة جديدة من مجتمعنا وهم "تجّار الأزمة" الذينَ يستغلون معاناة المواطنين لتحقيق أرباحٍ خيالية، في وقت يُفترض أن يسند فيه الشعب بعضه لا أن يستغّل كل واحد الآخر!
وإذا تحدثنا عن سوء تخزين الوقود، فهو عبارة عن قنابل موقوتة، يخبؤها الناس في منازلهم، وقد تؤدّي إلى كوارث "لا سمح الله" في أي لحظة، لذلك تؤكّد الجهات المعنية على منع تعبئة المحروقات في عبوات بلاستيكية، ومنع وضعها في المنازل في ظروف تجعلها جاهزة للانفجار في أي لحظة.
وأخيرًا؛ إنّ المحروقات تُورَد بشكلٍ منتظم، وتؤكّد على ذلك سلطة الطاقة والجهات المعنية مراراً، ولكن خوف الناس من القادم ومن المجهول هو المُسيطر على الأذهان في هذا الوقت، ومع ذلك، لا يُمكن أن يبرر خوفنا هذا، الحالة التي نعيشها أمام محطات الوقود، ويُطلب من كل فردٍ فينا التحلّي بالمسؤولية والتروّي، خصوصًا في نشر وتناقل الشائعات.
عزيزي المواطن: ابحث دائمًا عن مصدر المعلومة، ولا تنشرها إلا إذا تأكدت منها، ثم تعامل مع الحدث بمسؤولية لا بأنانية
كن مصدر اطمئنان، ولا تكن مصدرا للهلع.