الإثنين: 04/08/2025 بتوقيت القدس الشريف

الدكتور سمير غوشة... شمس فلسطينية غابت بصمت

نشر بتاريخ: 03/08/2025 ( آخر تحديث: 03/08/2025 الساعة: 14:40 )

الكاتب: وليد العوض

في الثالث من آب عام 2009، غابت شمسٌ من شموس فلسطين، ورحل بصمتٍ المناضل الكبير الدكتور سمير غوشة، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وأحد أبرز مؤسسيها وركائزها.
تعرفت إليه أواخر سبعينيات القرن الماضي، حين كنت شاباً فتياً، وشرفني الرفيق الكبير أبو حيدر بصحبته في زيارة الدكتور سمير في مقره بحيّ "الفكهاني" في بيروت، لمتابعة إصدار جريدة الحزب "سنعود"، وكانت مطبعة الجبهة مفتوحةً لذلك. كان صامتاً، هادئاً، كجبلٍ لا تزعزعه الريح، وكلماته القليلة كانت مليئة بالتحفيز، تنبض بالأمل، وتحضُّ على الفعل الوطني.
أما اللقاء الثاني، فكان عام 1983، في مخيم اليرموك بدمشق، حين اجتزت طرقاً وعرة من شاتيلا برفقة الصديق "أحمد الراجح،أحد مرافقيه. ورغم الإرهاق والتعب، استقبلنا بابتسامته الصادقة وحنانٍ أبويّ قلّ نظيره، فكان لقاءً يعكس صلابة القائد ودفء الإنسان. وبعد العودة للوطن تكررت اللقاءات بشكل مستدام ، وكل مرة كانت تؤكد على نبل معدن هذا القائد الوحدوي، في زمنٍ تآكلت فيه كثير من القيم بفعل الفئوية الضيقة والانقسامات المقيتة. كان الدكتور سمير ثابتاً في انحيازه لفلسطين، وحدوياً في رؤيته، صلباً في مواقفه، ومتواضعاً في حضوره. رحل شامخاً، تاركاً إرثاً نضالياً غنياً، وجبهةً ظنّ البعض أنها قد تضعف برحيله، لكنها سرعان ما نهضت بقيادة رفاقه، فاشتدّ عودها، وتعمّق بنيانها، وعزّزت مكانتها بين جماهير الشعب وفي مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.
في ذكرى غيابه، نستذكره لا بالحزن، بل بالفخر والوفاء. نُحيي ذكراه، ونشدّ على أيدي رفاق دربه قيادة ومناضلي ومناصري جبهة النضال ، موقنين أن الرجال الكبار لا يرحلون تماماً، بل يخلدون في الوعي والوجدان، وعلى وقعِ كل خطوة تُبقي فلسطين حيّة.