الكاتب: د. ربحي دولة
في واحدة من أحلك المراحل التي تمر بها القضية الفلسطينية وأكثرها قسوة وتعقيدًا يثبت الشعب الفلسطيني مرة أخرى تمسكه بروايته الصادقة وحقه الأصيل في أرضه وتاريخه وهويته رغم كل محاولات التشويه والتحريف التي تُمارس ضده من قِبل آلة إعلامية ضخمة تخدم رواية الاحتلال وتحاول طمس الحقيقة منذ عقود
الرواية الفلسطينية لم تُكتب بالحبر بل بالدم ولم تُحكَ عبر منابر السياسة فقط بل عاشت في ذاكرة الأمهات الثكالى ودموع الأطفال وصمود الأسرى وصبر اللاجئين فهي رواية شعب لم يعرف إلا النضال وسيلةً للبقاء ولم يتقن سوى مقاومة كل محاولات الإلغاء والتهميش.
القضية الفلسطينية لا تزال تنتظر من يُنصفها تنتظر قاضيًا حرًا لا يخضع لموازين القوة ولا يُغيّب ضميره أمام مشاهد الموت والدمار التي تتكرر يوميًا في غزة والضفة والقدس تنتظر ضميرًا عالميًا يستيقظ من سباته الطويل ليحكم بالعدل بناء على ما ترويه الوقائع الميدانية لا ما تصوغه الدبلوماسية الانتقائية.
ورغم تغطرس المحتل وتحالفه مع قوى دولية تملك أقوى ترسانات السلاح والتأثير إلا أن الشعب الفلسطيني لا يقف وحده فهو محاط بتعاطف إنساني واسع من شعوب العالم التي رأت بعيونها وسمعت بآذانها حجم المعاناة التي يعيشها هذا الشعب كل يوم والتي لم يعد من الممكن التستر عليها أو تبريرها مهما كانت الحجة أو الادعاء.
العدوان على غزة والتضييق على الضفة والتهويد الممنهج للقدس ليست مجرد أفعال متفرقة بل سياسة متكاملة تسعى لتصفية قضية لم تتمكن كل الضغوطات من إخماد جذوتها فالفلسطيني رغم كل ما يعيشه من قهر لا يزال يرى في صموده رسالة وفي صبره شهادة على عدالة قضيته التي لم تفقد بريقها رغم العتمة.
اليوم يتجلى وجه الصراع بوضوح فمقابل الاحتلال المدجج بالسلاح والدعم الدولي هناك شعب أعزل لا يملك إلا إرادته وإيمانه وذاكرته وتحالفه مع كل الأحرار في هذا العالم الذين آمنوا أن ما يحدث في فلسطين ليس نزاعًا محليًا بل قضية حق إنساني يجب أن تُنصف.
القضية الفلسطينية ليست قضية شعب يبحث عن تعاطف عابر بل عن حق واضح ومشروع في الحرية والكرامة والعودة والسيادة وهي باقية ما بقي هذا الشعب متمسكًا بأرضه وموروثه الوطني ومؤمنًا أن الحق لا يموت ولو تكالب عليه العالم.