السبت: 21/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

مثلث الأبرتهايد الاسرائيلي يتوسع !

نشر بتاريخ: 21/06/2025 ( آخر تحديث: 21/06/2025 الساعة: 11:58 )

الكاتب: د. رمزي عودة

هنالك ثلاثة أعمدة يقوم عليها مثلث الابرتهايد (الفصل العنصري) الاسرائيلي بحيث تتداخل هذه الأعمدة من أجل تحقيق هدف واحد وهو تقويض حل الدوليتن وإقامة نظام فصل عنصري في الضفة الغربية المحتلة. وهذه الاعمدة الثلاثة هي أولا: المستوطنين الذين يسعون لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وثانياً: رجال الجيش الذين يهدفون الى إنشاء مناطق استراتيجية عازلة بين الضفة الغربية والشرقية، تكون هذه المناطق تحت سيطرة الجيش وخالية من التجمعات العربية. أما العمود الثالث فيتمثل برجال السياسة الذين يهدفون الى القضاء على حل الدوليتن واقامة دولة يهودية خالصة!. وفي الواقع، فإن هذه الأعمدة الثلاثة متشابكة مع بعضها البعض، فالمستوطنين لديهم أحزاب دينية قوية مثل شاس وحزب العظمة اليهودي وحزب البيت اليهودي، وهذه الأحزاب هي التي تعطي شرعية البقاء في الحكم للساسة من الليكود وعلى رأسهم نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي، كما أن نتنياهو يجد نفسه مضطراً في إطار هذه المعادلة بأن يخدم جماعات المستوطنين ويعمل على تحقيق أهدافهم في التوسع وضم الأراضي ومنع قيام دولة فلسطينية. بالمقابل، فإن الجيش الذي أصبح يترأسه اليمينيون مثل زامير، يعمد بشكل منهجي الى حماية جماعات المستوطنين وقمع الفلسطينيين المناهضين للمشروع الاستعماري الصهيوني.
في الإطار السابق، نجد أن هذا المثلث الاستعماري العنصري يسعى لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:
1- توسيع عملية الاستيطان في الضفة الغربية.
2- تهجير جماعات متعددة من الشعب الفلسطيني.
3- منع قيام دولة فلسطينية.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف الثلاثة، فإن مكونات الأبرتهايد الاسرائيلي الثلاثة تتشابك مصالحها وعلاقاتها على الوجه التالي:
1- تبادل مواقعهم ومناصبهم الوظيفية بحيث يشغل مسؤولي الاحزاب وقادة المستوطنيين مناصب وزارية وحكومية، وينتقل قادة الجيش الى مناصب سياسية، أما المستوطنيين فيقومون في رفد الجيش بالقادة والجنود. بالمقابل، فإن الساسة الاسرائيليين يوزعون القيم السياسية على قادة الجيش والمستوطنيين.
2- تبادل القيم الاقتصادية والثروات، بحيث يتم توزيع هذه القيم على الأعمدة الثلاثة: المستوطنين الذين يحصلون على الارض، والجيش الذي يسيطر على هذه الارض، والساسة الذين يشرعنون توزيع هذه الأرض ومصادرتها. وفي الحالات الثلاثة، فإن المنافع القيمية والرمزية يتم جمعها وتوزيعها بين الأقطاب الثلاثة للأبرتهايد الإسرائيلي.
وفي إطار التوسع والتغول الاسرائيلي، فإن إسرائيل العنصرية تقوم بافتعال الحروب والتصميم على عدم وقفها تماماً كما حدث بالنسبة لغزة وما يحدث الأن في الحرب الاسرائيلية الايرانية وذلك بهدف توحيد هذه الأعمدة والأقطاب الثلاثة وخلق مخاوف مشتركة وحاجات مشتركة تجمعهم في إطار جبهة واحد مشتركة تمنحهم فرص أكبر للنجاح وتقلص إمكانات الانشقاق. من جانب ثاني، فإن جماعات المستوطنين تستغل فترة الحروب وحالة الانشغال الدولي بها من أجل مزيد من التوسع والاستيلاء على الأراضي، وبنفس السياق، فإن الساسة الاسرائيليين يستغلون الحروب من أجل تمجيد الذات والإستمرار في الحكم كحكام تاريخيين يمجدهم التاريخ اليهودي، وهكذا نفس الأمر بالنسبة لجيش الاحتلال الذي يسعى للمجد والبطولة والحصول على مزيد من الخبرات والأسلحة التي تمكنه من فرض الهيمنة والسيطرة والنفوذ الاقليمي.
في التحليل السابق، فإن عملية فهم وتحليل مثلث الأبرتهايد الاسرائيلي تتطلب فهم حالة الحرب المستمرة التي تعتبر بمثابة وقود يشعل نظام الفصل العنصري ويجعله مستمراًً وفاعلاً. إن هذا الفهم والتحليل هو الذي يفسر حالة النشوة والشعور بالإنتصار في خطابه بعد إطلاق عملية ضرب المفاعلات النووية الايرانية، كما أنه يفسر عملية انتخاب نتنياهو رئيسا لوزراء اسرائيل لأكثر من 16 عاما. كما أن هذا الفهم هو الذي يفسر ارتفاع موازنة الاستيطان خلال السنة الأولى من العام الجاري لأكثر من ثلاثة أضعاف وتسارع وتيرة تهويد القدس. وبنفس السياق، فإن هذا الفهم والتحليل هو الذي يفسر أيضاً ارتفاع موازنة الحرب في الجيش الاسرائيلي، وارتفاع معدلات استدعاء الاحتياط في الجيش وتزايد المساعدات العسكرية لجيش الاحتلال.