السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حل الدولة و حل الدولتين و هيئة إدارة غزة و حكومة الضفة

نشر بتاريخ: 29/03/2017 ( آخر تحديث: 29/03/2017 الساعة: 11:19 )

الكاتب: زياد أبو زياد

من الصعب على من يراقب الوضع الفلسطيني الداخلي ان ينكر تشرش الانقسام اكثر فاكثر يوما بعد يوم بينما يبتعد الجميع عن تحقيق أي نوع مصالحة تؤدي الى وحدة الشارع الفلسطيني. في الضفة الغربية تعمل السلطة الفلسطينية من اجل توفير خدمات أساسية للمواطن الفلسطيني و في غزة تسيطر حركة حماس على عمل الوزارات بينما تواجه عقبات في توفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن الفلسطيني من اجل الصمود في الوضع الفلسطيني الذي لا بد من الاعتراف بانه وضع شعب ما زال يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي ووجود فراغ سياسي و غياب أي استراتيجية حقيقية لمواجهة مشروع الاحتلال الإسرائيلي الذي ينفذ يوما بعد يوم للتخلص من الشعب و السيطرة على الأرض الفلسطينية.
الحكومة الفلسطينية الحالية عاجزة عن القيام بعملها بشكل كامل بينما تسيطر إسرائيل على كل شيء في الضفة الغربية و قطاع غزة ما زال محاصر و يفتقد القدرة على توفير الخدمات الأساسية للمواطن الفلسطيني الذي لم يعطى استراحة مجاهد بالرغم من مواجهاته المستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي. القدس في حالة غياب كامل عن اجندة كل القوى الفلسطينية و يستمر الشعب الفلسطيني الذي يعيش فيها بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي و سياسته الاستيطانية و التهويدية لوحده بدون أي دعم حقيقي سواء كان ذلك بتدخل من المجتمع الدولي او حتى متابعة حقيقية من أي من الفصائل و الحركات الفلسطينية.
و بينما يغرق المشهد الفلسطيني في مشاكل إدارة شؤون الشعب التي في حقيقة الامر هي مهمة و لكن لا يمكن باي شكل توفيرها بدون استقلال و حرية تبقى القضية الفلسطينية يتيمة بدون أي استراتيجية او برنامج سياسي واضح يعيد القضية لتحتل مركز الساحة الدولية و أيضا لتذكير إسرائيل ان الاحتلال و مشروع الاستيطان لن يكون ابدا بدون ثمن سيدفعه الشعب الإسرائيلي بسبب سياسة حكومته و قيادته اليمينية المتطرفة.
سياسة الرهان على ما سيتم عرضه علينا من حلول لن تأتي لنا بشيء ووصلنا الى مرحلة ربما قد اخذنا فيها شهادة الدكتوراه في فهم حقوقنا التي تأتي لنا من خلال القانون الدولي و الموقف العام من الجمعية العامة للأمم المتحدة و قرارات مجلس الامن. ما نفتقده هو ان نأتي باستراتيجية حقيقية لا تخدم مصلحة الاحتلال بإدارة الصراع له و تضغط عليه لمراجعة حساباته و مخططاته الجنونية التي وصلت الى حد التفكير في السيطرة الكاملة على الأرض الفلسطينية و بناء انفاق لتحرك الشعب الفلسطيني تحت ارضهم بينما يعطى المستوطنون الحق ليعيشوا بحرية على ارض ليست ملكهم و لم تعطى لهم لا من قريب و لا من بعيد. اما الحال في غزة فهو غير مطمئن باي طريقة كانت و على قيادة الفصائل الفلسطينية ان تعي تماما ان الوضع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني و هو غير قادر على توفير الخدمات الأساسية لعائلاته سيؤدي الى ضعف الإرادة لديه للاستعداد للمواجهة القادمة مع دولة الاحتلال.
من اجل البدا ببناء استراتيجية مواجهة جديدة ربما تنعش وضع القضية الفلسطينية لا بد من الاعتراف بما يلي:
* ان مفهوم حل الدولة و حل الدولتين و الحكم الذاتي و غيره من ما يتم تداوله في المحادثات السياسية هو ليس بالضرورة حاجة فلسطينية بل ربما حل ينقذ إسرائيل لتستطيع ان تعيش في دولة يهودية كما يريدون من اجل الشعب اليهودي. و من هنا لا بد لنا ان نتوقف في الاجتهاد بالخروج بالحلول و التركيز على تسليط الضوء على المشكلة نفسها و هي ان هنالك شعب و ارض تحت احتلال يكفل القانون الدولي الحق لشعبها المقاومة من اجل انهاء الاحتلال و تتحمل القوة المحتلة و المجتمع الدولي مسؤولية توفير كل ما يحتاجه الشعب الفلسطيني بينما يبقى تحت سيطرة القوة الإسرائيلية المحتلة.
* علينا ان نعترف بان الانقسام الفلسطيني تحول الى صراع حزبي داخلي يدور حول من سيسيطر على حكم هو فعليا غير موجود و تم خلقه من فراغ ووهم الشعب الفلسطيني بانه موجود لان إسرائيل فعليا ما زالت تحتل كل الأرض الفلسطينية و مع كل الاحترام لكل أنواع المقاومة ما زالت جميع الأراضي الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية الأمنية الكاملة سواء كان ذلك على الحدود او في دخول الأراضي نفسها لاغتيال الشباب الفلسطيني او جوا من خلال تنفيذ غارات عسكرية بدون أي مبرر.
* ان الشباب الفلسطيني بعيدا كل البعد عن أي تفكير ثوري يأتي بما هو جديد لدفع القيادة الفلسطينية الحالية بكل الوانها لتعيد التفكير في ما تقوم بطرحه كحل في اخر عشرة أعوام. مشروع إقامة الدولة الفلسطينية من خلال بناء المؤسسات منذ عام 2006 اثبت فشله التام في توفير أي خدمة ذات قيمة للشعب الفلسطيني و السبب الأساسي يعود لاستمرار وجود الاحتلال الإسرائيلي و لذلك علينا ان نضع في اولوياتنا التخلص من الاحتلال قبل ان نتحدث عن مؤسسات دولة هي أصلا تحت الاحتلال.
* ان الخلافات الداخلية الفلسطينية سواء كانت في داخل الفصائل نفسها او بينها قد دمرت الكثير من ما تم بناءه قبل الرجوع الى ارض الوطن لانه بدون موقف فلسطيني موحد لا يمكن الحصول على دعم و موقف عربي موحد و بالتالي تشكيل جبهة مواجهة موحدة امام المشروع الإسرائيلي الجديد الذي يستهدف محي الهوية الفلسطينية و التخلص من الشعب و السيطرة على ارض.
* ان قوة الردع التي كنا نتمتع بها ليس بالضرورة من خلال المواجهة المسلحة و انما من خلال الحراك الدولي و الدعم الاممي لقضيتنا لم يعد كما كان و أصبحت قضيتنا مجرد قضية ثانوية تأتي بعد العديد من القضايا الأخرى التي تشغل بال قوى العالم المختلفة.
ان اردنا ان نغير علينا بكل بساطة ان نعيد ايماننا بان نهجنا هو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي و فضح جرائمه و التركيز على النضال الفلسطيني بدلا من الانشغال بإدارة دولة لا يمكن ادارتها بالرغم من الاعتراف فيها لانها تقع تحت السيطرة الاحتلالية الإسرائيلية الكاملة. في ال 17 لأبريل سيبدأ الأسير الفلسطيني اضراب مفتوح عن الطعام سيجلب انتباه العالم الى اكثر من 4500 سيدخلون اضراب مفتوح و هم يراهنون على الدعم الشعبي الفلسطيني لهم فهل سنكون قادرين على الوفاء بالوعد الذي قطعناه لهم؟ و هل من الممكن استثمار هذه المواجهة القادمة لتوحيد الجهود من اجل القضية؟