الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
مصادر عبرية: اصابة مستوطن بعملية طعن واطلاق النار على المنفذ قرب الرملة

ما اشبه اليوم بالبارحة

نشر بتاريخ: 23/07/2017 ( آخر تحديث: 23/07/2017 الساعة: 11:17 )

الكاتب: احمد عيسى

تأسيساً على قياس احداث الحاضر بشبيهاتها من أحداث الماضي، أو بلغة علماء الشريعة، تأسيساً على شروط فقه القياس، فنحن الشعب الفلسطيني نعيش منذ فترة غير قصيرة في ظروف تشبه الى حد كبير تلك الظروف التي احاطت بالشهيد الراحل ياسر عرفات بعد فشل مفاوضات الحل النهائي في كامب ديفيد في العام 2000، واندلاع انتفاضة الاقصى بعد زيارة شارون الاستفزازية للمسجد الاقصى في نفس العام، الامر الذي يفرض علينا ان نكون من "أُولي الألباب"، تصديقاً لقوله تعالى: }لقد كان في قصصهم عبرةُ لأولي الألباب{، (يوسف 111) .
وفي هذا السياق يدرك كل صاحب بصر وبصيرة أي "أولي الألباب"، من الفلسطينيين وغيرهم من المراقبين للشأن الفلسطيني، ان معالم هذه الظروف قد طفت على السطح منذ اندلاع احداث المسجد الاقصى خلال الشهر الجاري، لا سيما بعد خطاب السيد الرئيس يوم الجمعة الموافق 21/7/ 2017، والذي اعلن فيه قرار الفلسطينيين بشأن أمور عدة، كان من بينها، او اهمها وقف كل اشكال الاتصال بالجانب الاسرائيلي، الامر الذي يفهم منه وقف التنسيق الامني مع اسرائيل.
وكان المجلس المركزي الفلسطيني قد اتخذ ذلك القرار في مارس العام 2015 وترك امر تنفيذه للقيادة السياسية، كما كان المجلس المركزي قد اعتمد في ذات الجلسة، دراسة مقدمة من امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة شؤون المفاوضات فيها بعنوان "العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية- نقطة اللاعودة"، والتي تضمنت جملة من التوصيات ومشاريع القرارات التي تلقي الضوء على الأسس التي تقوم عليها الاستراتيجية السياسية الفلسطينية.
وقد اظهرت أحداث المسجد الاقصى المشار اليها اعلاه، والتي لم تنته بعد ان العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية قد وصلت الذروة في مسار اللاعودة، اذ تبدو هذه الاحداث وكأن الحكومة الاسرائيلية تسعى لإخراجها عن السيطرة الفلسطينية لغايات حسم سيادتها على الحرم ومدينة القدس، والمساحة الاوسع من الضفة الغربية، الامر الذي يعكس رؤية اسرائيل الرافضة لحل الدولتين وقصر الحل فقط في قطاع غزة.
اما فيما يتعلق بتلك المرحلة التي رافقت الأشهر الاولى لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي رسم فلسطينيو العام 1948 معالمها الاولى في ساحات وباحات المسجد الاقصى المبارك، فقد قال البعض من الفلسطينيين حينها في ياسر عرفات، سوءاً وقبحاً وتفريطاً وتنازلاً وطنياً، ما لم يقله مالك في الخمر حباً واعجاباً وتودداً، اذ شكك جميعهم في التلقائية الوطنية للشعب الفلسطيني في انتفاضته، واعتبرها اكثرهم، انها أي الانتفاضة ما هي الا خطوة تحريكية لغايات اراد منها ياسر عرفات تمرير ما اتفق عليه في كامب ديفيد مع الجانب الاسرائيلي، وقال احدهم في وصفه استهداف الطيران الاسرائيلي للمنشآت والنشطاء الفلسطينيين " هذه ليست اكثر من فتاشات بهلوانية غايتها تمرير ما جرى الاتفاق عليه في كامب ديفيد".
ولاحقا أُجبر معظم اولئك المشار اليهم اعلاه، على تغيير خطاباتهم نحو ياسر عرفات والترحم عليه باعتباره رمزاً وطنياً ظل يهتف للقدس والمسجد الاقصى رغم حصاره الى ان قضى شهيدا شهيدا شهيدا كما كان يردد دائما، فضلاً عن حرصهم على عدم الظهور كمن اصطف الى جانب شارون في خطابه المعلن ضد ياسر عرفات.
وما اشبه اليوم بالبارحة، فها هو البعض ذاته يكرر نفس الخطاب في الرئيس عباس وحركة فتح التي يقودها وكذلك منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، لا سيما في هذه اللحظة من الزمن التي تتطلب بصر وبصيرة وطنية فلسطينية شفافة.
ان اهم العبر المستسقاة من قصة ياسر عرفات قبل وبعد رحيله عن المشهد السياسي الفلسطيني، هي فشل الكل الفلسطيني في حماية شخص ياسر عرفات، علاوة على فشل البعض في تقديرهم الوطني لسياساته، وحتى لا نلدغ من الجحر مرتين، ونصبح على ما فعلنا نادمين، علينا التقاط اللحظة وعمل كل ما يتوجب عمله لقطع الطريق أمام ما ذهب اليه الاعلامي الفلسطيني (ناصر اللحام) يوم امس في حديثه علنا عن اغتيال الرئيس محمود عباس، وفي هذا السياق تؤكد هذه المقالة انه، ان حدث ذلك وجرى الاغتيال من قبل اسرائيل لا قدر الله، سواء كن ماديا ام معنويا، فلن تصلح كل مياه البحار والمحيطات في الارض، لغسل لا وطنية كل من صمم خطابه بوعي ضد سياسات الرئيس عباس بشأن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وادارته.