الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

كيف يصبح التضامن الدولي داعما لقضيتنا التحررية؟

نشر بتاريخ: 30/11/2017 ( آخر تحديث: 30/11/2017 الساعة: 09:34 )

الكاتب: نبيل دياب

القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية - غزة 
كثيرون هم حول العالم الذين يدركون عدالة قضيتنا الفلسطينية ويؤمنون بنضالنا الوطني التحرري ويرون فيه مسيرة عظيمة يجب بل من الضرورة تتويجها بالحرية والاستقلال الوطني، يعرفون الحقيقة التي أرادت حكومات "اسرائيل" المتعاقبة تزييفها وطمس الحقائق فيها عبر المخادعة واستبدال الرواية الحقيقية باستغلال الكثير من الثغرات على المستويات المختلفة، وقد تطورت هذه المعرفة والادراك لحالة من التضامن والتأييد للفلسطينيين في مقارعتهم للاحتلال، حالة شهدت مداً في مرات كثيرة وجزراً في مرات أخرى بفعل المتغيرات السياسية وتقلُّب الموازين واختلالها، ولا أحد يستطيع أن ينكر ما حققه هذا التضامن والتأييد العديد من الانجازات ومساهمته الفعالة في منع المخاطر أن تقترب أكثر من قضيتنا الوطنية خاصة في العديد من المراحل الدقيقة.
فقد شكّل هذا التضامن نقطة ارتكاز لقضيتنا كي تحافظ على طابعها بأنها قضية تحرر وطني ونضال مشروع للخلاص من الاحتلال وليست كما تحاول اسرائيل تمرير ما تسميها بأنها "قضية اغاثية لتحسين ظروف الحياة لسكان " المناطق " على حد وصفها المزعوم.
ولا بد من الاشارة الى أن التضامن والتأييد العالمي يأخذ في مضمونه شكلين مختلفين واحد يمثل الحالة الاممية تجسد بإصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29-11-1947 لقرار أممي يتضمن تأييد تقسيم فلسطين و انهاء الانتداب البريطاني عن اراضيها بما يتيح المجال لإقامة دولة عربية على ما مساحته 42.3% من مساحة ارض فلسطين و الذي واجه هذا القرار في حينه معارضة عربية على رديف ، و حظي بتأييد فلسطيني محدود على الرديف الاخر ، و الشكل الاخر يتمثل في التأييد الشعبي من كثير من الفئات التي تنتمي للشعوب الصديقة لشعبنا الفلسطيني المحبة للعدل و السلام و الحرية التي دأبت في تنظيم و اعداد الاشكال المختلفة لتوفير الدعم و الاسناد للقضية الفلسطينية التي تطورت لتصبح معروفة في الاوساط السياسية محليا و عالميا ب " حركة التضامن الدولية " التي برزت بإسهاماتها عبر الضغط على حكومات بلادها في رفض ما تقوم به " اسرائيل " و جيشها المحتل من قمع و بطش و تنكيل و تمييز عنصري و كان لهذا الضغط أثرا واضحا في اصدار الهيئات الاممية العديد من القرارات التي تدين و ترفض سياسات الاحتلال العنصرية و العدوانية و الاستيطانية بالإضافة الى مساهمتها في كشف الكثير من الحقائق التي حاولت اسرائيل اخفاؤها لاسيما في جرائمها التي ارتكبتها سواء في القتل أو الاعتقال التعسفي أو الطرد و الحرمان من أبسط الحقوق الانسانية و كان من هؤلاء المتضامنين شهودا فعليين على تلك الجرائم و هنا في فلسطين فان عدد منهم دفع حياته ثمنا لكشفها .
واليوم فلا يمكن اعادة الاعتبار للتضامن الدولي و تفعليه أكثر الا بتوفير عوامل رئيسية يقف على رأس الاولوية فيها تقديم شعبنا الفلسطيني لخطابه السياسي الموحد و تحديد أركانه الواقعية التي بموجبها تحدد المسافة بينه و بين الاحتلال ، و ارساء قواعد متينة لتوحيد استراتيجيتنا السياسية و لتوحيد خطابنا الاعلامي الذي يبدع في اعادة الرواية الفلسطينية لحقيقتها المغيبة في زحام ما ينشغل به العالم ، خطاب خلاّق يجلب و يجذب الانظار لاكتشاف العمق الاسود و الخفي الذي يعبر عنه نظام التمييز العنصري الذي تجسده اسرائيل بسياستها المعادية لشعبنا الفلسطيني ، خطاب يعيد زخم التضامن الشعبي للشوارع في العواصم العالمية و يساهم في تجديد الوعي لمن غاب عن وعيهم ان الشعب الفلسطيني باق متشبث بأرضه ووطنه و مستمر بنضاله التحرري لاقتلاع احتلاله و اجتثاث جذور الاستيطان منه .
ان الشعب الفلسطيني الذي سئم 100 عام على الوعد المشؤوم و 70 عام على نكبته و 50 عام على احتلال أراضيه في الضفة و غزة يتطلع لتضامن عالمي يجسد المعنى الحقيقي لانهاء معاناته اليومية ، تضامن ينصب في مناصرته على محتليه و يترجم القرارات لافعال ناجزة تحاكم من تسبب في الامه و عذاباته ، تضامن يُحدث كسرا لقيد السجون و يمكن مناضلينا الاحرار أسرى الحرية من التمتع بحريتهم مع ذويهم لا أن يبقوا رهائن في زنازين العزل الانفرادي و معتقلات الذل و الهوان و يمزق كل القرارات التعسفية بحقهم ، تضامن يعيد الوحدة الجغرافية لاراضينا التي نهبها التغول الاستيطاني و يزيل جدران العزل و التقطيع لاوصالنا و ينهي حقبة سوداء من الحصار و المنع القسري لحركة تنقلنا من و الى اراضينا الفلسطينية .
فلا يمكن المراهنة على تحقيق التضامن الدولي و نحن منقسمون سياسيا و جغرافيا و لن نحظى باحترام و تقدير هذا التضامن لنا الا بتقديمنا لانفسنا موحدين منسجمين في تطلعنا المستقبلي لكيفية تسخير كل المقدرات الممكنة لخدمة الانسان و حمايته في كنف دولة مستقلة تصون حقوقه و تحمي كرامته الانسانية و الوطنية .