الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

انحدار الاحتلال إلى الحضيض

نشر بتاريخ: 09/10/2018 ( آخر تحديث: 09/10/2018 الساعة: 12:11 )

الكاتب: د.مصطفى البرغوثي

أصبح الخان الأحمر رمزا لصمود الفلسطينيين على أرض وطنهم المهددة بالمصادرة، والتطهير العرقي والتهويد، ولم يوفر جيش الاحتلال والمستوطنون الإسرائيليون وسيلة إلا واستخدموها لكسر صمود أهل الخان الأحمر.
إستخدموا القمع الوحشي الذي رأى معظم الناس صوره على شاشاتهم، وإستخدموا الحصار، ومنع التجول، والإغلاق ومنع المتضامنيين من الوصول، بما في ذلك منع ممثلي وسفراء وقناصل دول لم يتورع الجيش الإسرائيلي عن توجيه الإهانات لهم.
وإستخدموا الخنق الإقتصادي، والإغراءات والوعود المخادعة، ثم إستخدموا سلاح الإشاعات الكاذبة، لتفتيت روح الصمود والتضامن وفشلوا في كل ذلك.
غير أن المستعمرين المستوطنين، بحماية جيشهم، أصروا على الإنحدار إلى مستوى غير مسبوق في الإنحطاط، بإستخدام سلاح جديد وهو إطلاق مياه مجاري مستوطنتهم غير الشرعية كفار أدوميم نحو قرية الخان الأحمر، فأغرقوا أجزاءا كبيرا من أراضيها بمياه المجاري التي وصلت إلى حافة البيوت، وصنعوا مكرهه صحية تهدد حياة البشر، والأغنام التي يعتاشون من تربيتها، وتمثل مصدرا لأمراض قد تكون خطيرة كالتهاب الكبد، والدزنطاريا، وغيرها من الأمراض المعدية .
ويمثل كل ذلك بشكل خاص خطرا كبيرا على صحة الأطفال والبيئة المحيطة بهم.
وبذلك فإنهم صنعوا كارثة بيئية وصحية ونفسية، لمضايقة أهل الخان الأحمر وإجبارهم على الرحيل، ولكن إلى أين؟ حسب إقتراح حكام إسرائيل إلى بقعة جرداء تتجمع فيها مجاري القدس، وتنعدم فيها سبل الحياة.
لم، ولن، يفت كل ذلك في عضد أهل الخان الأحمر الذين إشتد صمودهم وتعاظم التضامن معهم، وهم صامدون ، ومصممون على البقاء مثلما هم مصممون على الحياة.
التقيت يوم الجمعة في الخان الأحمر بعائلة مميزة جاءت من عارة في فلسطين الداخل لمساندة أهل الخان الأحمر، وهي عائلة شقيق الأسير البطل كريم يونس ، الذي أصبح إلى جانب نائل البرغوثي عميدا للأسرى في سجون الاحتلال بما تجاوز ستة وثلاثين عاما من الأسر الظالم .
وتشرفت بمكالمة هاتفية من المناضل الأسيركريم يونس ، الذي أكدت كلماته الحارة أن كل أسير في سجون الإحتلال يتابع معركة الخان الأحمر، وكل معارك المقاومة الشعبيىة في فلسطين، وهم كأسرى يخوضون بأنفسهم واحدة من أشرف معارك المقاومة .
وإن كان الخان الأحمر قد حظي بإهتمام إعلامي واسع، فلا بد من الإشارة إلى مواقع باسلة أخرى لا تقل أهمية وعطاءا، مثل كفر قدوم، وكفر نعمة وخربثا وراس كركر، والولجة والخضر، وسوسيا ومسافر يطا، وجبل البابا، وأبو النواروغيرها الكثير.
وجميعها تستحق الإحترام والدعم والتقدير، كما تستحقها مسيرات العودة الباسلة التي تتواصل كل يوم عمليا في كل محافظات غزة، صانعة أسطورة جديدة في عطاء وإبداع الشعب الفلسطيني.
لا يمثل إنحدار المستوطنيين والجيش الذي يحميهم نحو إستخدام سلاح المجاري، إلا تعبيرا بائسا ويائسا عن فشل أحلامهم، ولكنه يمثل أيضا تعبيرا دقيقا عن مستوى الإنحطاط الأخلاقي الذي وصلت إليه تصرفاتهم.