السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"الفساد".. سلاح إسرائيل الخفي لتدمير الإرادة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 17/06/2019 ( آخر تحديث: 17/06/2019 الساعة: 18:18 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

كثير من المواضيع التي يحاول اي كاتب معالجتها لا بد وان تكون مستفزه لطاقة الكتابه لديه حتى يتمكن من معالجة هذا الموضوع بطريقه ينتصر فيها للحق .
في هذا المجال يستفزني للمره ربما العاشره موضوع الفساد الذي اصبح وكانه الشغل الشاغل للكاتب وللقارئ على حد سواء . وكانت الشعره التي قصمت ظهر بعير الاسبفزاز في هذه المره موضوع الزياده في مرتبات الوزراء الذي حصل في عهد حكومة الدكتور الحمدالله والذي يُزعَم بانه تم تحت شعار استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان مما جعله موضوع فساد بامتياز وهذا شيء محزن خصوصا وانه يتم الكشف عنه الان في هذه الاشهر الحرم التي انحبس فيها الغيث المالي مما ادى الى تجفيف حقول السلطه التي يعيش منها وعليها كل الموظفين العاملين في السلطه الوطنيه والذين يشكلون العمود الفقري لاقتصاد هذه السلطه الذي طالما كان مستهدفا من قبل اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال من اجل ربطه عضويا بالاقتصاد الاسرائيلي وعدم تمكينه من الاستقلال حتى لا يرقى لمستوى اقتصاد دوله وذلك بالرغم من انها(اسرائيل) تعرف يقينا ان هذا الاقتصاد الفلسطيني سيزدهر وبشكل مذهل في اللحظه التي تنهي احتلالها لارض الدوله الفلسطينيه التي حددتها الشرعيه الدوليه .
من هنا تاتي اهمية وحساسية الخوض في هذا الموضوع حتى لا يتم معالجته بشكل يخدم الاحتلال واهدافه واضحة المعالم و منذ اللحظات الاولى لقيام السلطه التي ترفض اسرائيل والى يومنا هذا من ان تكون سلطه وطنيه ولا ان تطور لتصبح دوله ذات سياده لما ترى الحركه الصهيونيه في ذلك ليس فقط تهديدا وجوديا لكيانها القائم (اسرائيل) وانما حتى لا تكون مانعا طبيعيا لتحقيق هدفها الاكبر في اقامة اسرائيل الكبرى وهو الذي نرى انه اصبح يسير بخطى حثيثه بعد دخول الجولان والقدس والمستوطنات وبشرعيه اميركيه وبتحد للقانون الدولي ضمن ممتلكات هذه الحركه الصهيونيه.
هنا يقفز الى ذاكرتي حديث متلفز اجراه شيمون بيريز ردا على صحة او عدم الادعاءلت الاسرائيليه بفساد سلطة الشهيد الراحل عرفات فاجاب "لو ان عرفات يفعل ما نريد منه فسنجعل منه مثالا للنزاهه".
وفي سياق متصل يقفز ايضا لذاكرتي ايضا ما اجابني عليه الدكتور سلام فياض وكان وزيرا للماليه عندما سالته عن كيفية مواجهتنا كسفراء جدد للاتهامات الموجهه للسلطه بالفساد بعد ان تم اعتمادنا سفراء فلسطين لدى دول الاتحاد الاوروبي فاجابني بان الرد موجود على مواقع السلطه وتحديدا موقع وزارة الماليه على الشبكه العنكبوتيه وهي على درجة عاليه من الشفافيه والنزاهه خصوصا وانه قد تم الاشاده بذلك من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والعديد من الدول المانحه واعتبرها العديد من هؤلاء انها الافضل محاسبة وشفافية من بين دول المنطقه وعديد من دول اخرى في العالم,
ما سبق لا يعني باي شكل من الاشكال عدم وجود فساد اداري او مالي في السلطه وهذا راي لا اعتمد فيه على معلومات موثقه ولكن اعتمد فيه على ما يقال على السنة من هم على درايه بهذه الامور وبمجرد وجود لجنه في فلسطين لمكافحة الفساد يضاف الى ذلك اننا لم نسمع عن محاكمة او عن اجراءات مشدده اتخذتها السلطه حيال الفساد الذي يعتقد البعض جازما انه موجود كالسوس ينخر في عظم المشروع الوطني وانا وبحكم المنطق ارى انه من غير الممكن ان لا يكون هناك فساد في ظل بقاء الاحتلال جاثما على صدور الفسطينيين ومن ان الفساد يعتبر السلاح الخفي لهذا الاحتلال الذي ينهش به لحم المشروع الوطني كلما استعاد صحته. خصوصا وان من يحكم هذا الاحتلال هو النتن ياهو الذي يعتبر سيد الفساد في العالم كونه تمكن من افساد كل ناخبيه لانه من الطبيعي ان لا ينتخب شخص فاسد سوى فاسد مثله.
الفساد والاحتلال وجهان لعمله واحده ومع الاخذ بعين الاعتبار ان جل اهتمامات الفلسطينيين تكمن في كنس الاحتلال، ولكن هل يمكن لهذا الكنس ان يتم بجسد ينخر عظمه السوس وينهش لحمه هذا السلاح الخفي للاحتلال "الفساد"..
وعليه فان ما اثير بخصوص قرار زيادة مرتبات الوزراء وسكنهم الذي تم التراجع عنه بعد الاعتراف بانه خطأ وهذا بحد ذاته فضيله ومع ذلك اقول بانه كان من الممكن ان تكون اثارة هذا الموضوع حق قصد به باطل كما ظن البعض من حيث ان الزياده وتحسين ظروف المعيشه لوزرائنا هو حق ولكن "وهذه لكن كبيره" لو ان هذا القرار تم اتخاذه في اي وقت غير الوقت الذي تم فيه والذي كان عنوانه التقشف وشد الاحزمه على بطون الناس وهو ما قصده الشاعر بقوله "لا تنه عن خلق وتاتي بمثله عار عليك اذا فعلت عظيم".مع انني استدرك في نفس الوقت واقول باننا في فلسطين ما زلنا في مرحلة بناء والبنائين من غير الممكن الا ان تكون احذيتهم مغبره وملابسهم رثه ولا يتركون مواقعهم الا للحاجة القصوى ومع ذلك فهناك وزراء ضاعفوا رواتبهم من مهام السفر وتكاليفه من اجل مهام هي اصلا من واجب السفراء الذين يتقاضون رواتب ويقيمون في تلك الدول من اجل ذلك.
ختاما ومع ادراكي بان سلطتنا كما قال السيد الرئيس من غير سلطه الامر الذي عكس نفسه على ضعف ادوات مكافحة الفساد بسلطة القانون كونه كما اسلفت سلاح الاحتلال الذي سمحنا له (الاحتلال) بان يكون المصدر الاساسي للمعلومات سواء فيما يخص الفساد او في كل شارده ووارده في حياتنا اضافة الى انه يشكل قوة رادعه للشرفاء من غير الفاسدين في هذا الوطن الامر الذي يجعل من محاربة الفساد مهمه اخلاقيه تقع على عاتق كل مسؤول في هذه السلطه قبل ان تكون محاربته قانونيه ذلك اذا كنا فعلا نريد ان نستعجل الانتصار الذي هو حتمي في نهاية المطاف للشعب الفسطيني .
من تجارب الاخرين وفي سياق ما سبق يحضرني تجربة الدكتور في الكيمياء السيد جون بومبيه ماغوفولي الرئيس التنزاني الذي اشتهر على انه بلدوزر الاصلاح وقاهر الفساد والرشوه في بلاده وذلك بعد ان نجح في كنس الفساد في بلاده من خلال اجراءات اتخذها منذ اليوم الاول من تسلمه الحكم بتقليص عدد الوزارت ومنع المسؤولين من السفر الا باذن خاص منه وطرد الاف الموظفين المزورين والمرتشين ولكن اول قراراته كانت هي طرد رئيس جهاز مكافحة الفساد.