الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإنجيليون الفلسطينيون والصهيونية المسيحية

نشر بتاريخ: 08/02/2019 ( آخر تحديث: 08/02/2019 الساعة: 19:11 )

الكاتب: المحامي جوناثان كتاب

اعتبر كثير من المحللين السياسيين خطوة الرئيس ترامب في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ومساندته اللامحدودة لأكثر مطالب الصهيونية المتطرفة بأنه جاء نتيجة لمساعي الصهاينة المسيحيين في الولايات المتحدة وخاصة الإنجيليين منهم ورغبة الرئيس الأمريكي ونائبه مايك بنس تحديداً في إرضاء هذه المجموعات حيث أن مطلب نقل السفارة لم يكن على رأس أجندة الإسرائيليين ولا حتى "ايباك" اللوبي اليهودي الصهيوني في أمريكا.
استفادة من هذا المنطلق فأن من المفيد معرفة موقف الإنجيليين الفلسطينيين من حركة الصهيونية المسيحية أنصافاً لهم واستفادة منهم في فهم العناصر التي تؤثر على السياسة الأمريكية.
يشكل الإنجيليون عددياً نسبة ضئيلة من المسيحيين الفلسطينيين وكما يظهر في الجدول المرفق، فأن أعدادهم قليلة. بعكس الإنجيليين في الولايات المتحدة مثلاً والذين تصل أعدادهم إلى أكثر من ستين مليوناً كما وأن تأثيرهم خاصة عن طريق المبشرين المتلفزين tele evangelist يصل إلى كثير من أعضاء الكنائس الأخرى أيضاً.
والذي يميز الطائفة الإنجيلية عن بقية الطوائف والكنائس المسيحية – سواء في فلسطين والعالم الواسع هو:
أولاً: انعدام التركيبة الهرمية البطريركية والتي تضبط سلوك ومواقف وتعاليم أفراد تلك الطائفة. بل يكاد من الصعب الإشارة إلى الإنجيليون ك “طائفة" أو " كنيسة" مثل الكنيسة الأرثوذكسية أو الكاثوليكية مثلاً. بل يشكل الإنجيليون مجموعة من الطوائف والكنائس التي تتمتع كل منها بدرجة عالية جداً من الاستقلالية والإدارة الذاتية ليس فقط في الأمور المادية والمالية والدنيوية وإنما أيضاً فيما يتعلق بالعقيدة والتعاليم والمواقف السياسية والفعلية من مختلف القضايا المطروحة. وقد أدى هذا التفاوت إلى وجود فروقات شاسعة في المواقف مما يجعل من الصعب والمستحيل التحدث عن "مواقف الإنجيليين" من أي قضية، بما فيها قضايا العدل والمساواة والسلام والحرب والقضية الفلسطينية وغيرها.
والميزة الثانية التي تخلق فروقات واضحة بين الإنجيليين – في فلسطين وفي العالم الأوسع – وبين بقية الطوائف والكنائس المسيحية. هو التركيز الشديد على الكتاب المقدس ونصوصه الحرفية كأساس العقيدة والإيمان والحياة – أكثر من الاعتماد على مؤسسة الكنيسة ورجال الدين وتقاليد الرسل وتراث وتاريخ الكنيسة كمؤسسة. وليس من الصدفة أن نمو الكنائس الإنجيلية تزامن مع اختراع الطباعة وتوفر الكتاب المقدس باللغات العامية بين يدي المؤمنين أثناء عصر التنوير والإصلاح اللوثري – كما وتزامن مع تقلص سلطة الكنيسة وارتباطها بالدولة والحكومة وقد أدى ذلك إلى ظهور المئات بل الآلاف من الكنائس والطوائف المختلفة وتفاوت التعاليم والعقائد والترتيبات الكنسية في هذه المجموعات التي أدرجت تحت سقف "الكنائس الإنجيلية" دون أن يكون بينها ارتباطات عضوية وترتيبات إدارية أو مرجعية دينية سوى الكتاب المقدس نفسه والذي كان يفسره الأفراد والمجموعات في الكنائس الانجيلية كل كما يراه مناسباً.
وقد امتدت هذه الأفكار "الإنجيلية" من أوروبا إلى أميركا، كما انتشرت في بلاد الشرق الأوسط، بما فيها فلسطين عن طريق الإرساليات التبشيرية التي قامت بتأسيس عدد من الكنائس المحلية (كان افرادها بالدرجة الأولى من أتباع الكنائس التاريخية المختلفة). وكان من بين هذه الكنائس في فلسطين الكنيسة المعمدانية (بفروعها المختلفة) وكنيسة الناصري، وجماعات الله والكنيسة المشيخية وكنيسة الله وكنيسة الاتحاد المسيحي وكنائس أخرى صغيرة احتفظت كل منها بقدر عال من الاستقلال عن الكنائس الأخرى غير انه كان لها ارتباطات مادية ومعنوية مع الكنائس الام في أوروبا وأميركا. وقد بقيت هذه الكنائس بشكل عام صغيرة وضئيلة بالمقارنة مع الكنائس الأصلية التاريخية، وقد انتظمت هذه الكنائس الانجيلية مؤخراً في منظومة اسمها "مجمع الكنائس الإنجيلية" إلا انها بقيت مستقلة إدارياً ومالياً ولم تحظ باي اعتراف رسمي في فلسطين كطائفة منفردة.
وفي معظم الدراسات الديمغرافية في فلسطين يضاف عدد الانجيليين إلى عدد طائفة "البروتستانت" وهم الكنائس اللوثرية والكنيسة الأسقفية (الانجليكانية) والذين مع ذلك يعتبرون من أصغر الطوائف المسحية في فلسطين. وأن التأثير الحقيقي الإنجيليين، أن وجود، لا ينبع من أرقامهم وأعدادهم وإنما من المؤسسات المختلفة التي يرعونها ومن اتصالاتهم وتواصلهم مع الإنجيليين في الغرب والذين يشكلون بالفعل قوة مؤثرة إذا اجتمع رأيهم حول موضوع معين.
وفيما يتعلق " بالصهيونية المسيحية" فإنها كانت فكرة جانبية لدى بعض الإنجيليين وغيرهم من المسيحيين في أوروبا نمت خلال القرن الثامن والتاسع عشر. كان من بين أعلامها القس داربي والقس سكو فيلد كان لها تفسيرات مميزة حول نهاية العالم وحرب جوج وماجوج وعودة اليهود من الدول المختلفة إلى فلسطين في نهاية الأيام حيث يموت معظمهم في حرب "أرماجدون" التي تسبق مجيء المسيح الثاني. ولم تلق تلك الأفكار رواجاً كبيراُ حتى بعد قيام دول إسرائيل عام 1948غير أنها نمت بشكل كبير بعد فوز إسرائيل والعسكري. الساحق عام 1967 حين اقتنع عدد من المسيحيين في الغرب أن هذا الانتصار كان بسبب تدخل إلهي وأنه مؤشر على قرب نهاية العالم ومجيء المسيح الثاني.*
وقد تركت أحداث الشرق الأوسط مجالا واسعا للحركة الصهيونية لاستغلال هذا الاهتمام الشديد لتروج لمقولات كثيرة من بينها أن من واجب المسيحيين أن يؤيدوا دولة إسرائيل وأن في ذلك تسريع لمجيء المسيح الثاني وأن الله "يبارك الذين يباركون (دولة إسرائيل)" وأن الله قد أعطى فلسطين بأكملها للشعب اليهودي وأن ما يحدث اليوم هو تتمة لهذه النبوات القديمة ومؤشر على قرب نهاية الزمن. ورغم أن معظم الكنائس المسيحية واللاهوتيين والمفكرين رفضوا هذه الأفكار الاّ أن اهتمام المواطن العادي في الغرب بالحوادث والأخبار اليومية الواردة من الشرق الأوسط إضافة إلى الاستغلال المقصود من قبل الحركة الصهيونية لهذه الآراء ولدت قوة ضغط سياسية من قبل "حركة الصهيونية المسيحية" عملت في دوائر الحكومة والكونجرس لتجنيد الدعم المادي والعسكري لدولة إسرائيل وإعطائها صبغة دينية. على اعتبار أن هذا هو الموقف المسيحي الصحيح.
وقد نمت معظم هذه الأفكار في جو في أوروبا مفعم بالإمبريالية وضرورة توسع النفوذ الأوروبي على حساب دول العالم الثالث وفي وجود غياب كامل لمعرفة ما يحدث على الأرض بما في ذلك قبول لمقولة أن فلسطين خالية من السكان وأنها تشكل "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض". كما واستغلت هذه الحركة أيضا تعاطف الكثير من المسيحيين مع اليهود بعد مجازر "المحرقة" وشعورهم بالذنب لعدم وقوفهم مع اليهود ضد الاضطهاد النازي وضد اللاسامية التي تمركزت في اوروبا قروناً طويلة.
أما بالنسبة للمسيحيين الإنجيليين الفلسطينيين، فقد كانت هذه التأثيرات بعيدة كليا عن تفكيرهم. كانوا يعلمون يقينا أن الصهيونية هي حركة سياسية مناهضة لحقوقهم وتسعى للسيطرة على بلادهم وطردهم منها، ولم يكن هنالك اي شك حول حقيقة ومطامع الصهيونية بل إنهم كانوا يعانون، مثل بقية المسيحيين والمسلمين في فلسطين من آثار الحركة الصهيونية، من طرد وتشريد ومصادرة أراضي وغير ذلك. لهذا فقد رأى الإنجيليون الفلسطينيون أن لديهم دور مهم في مكافحة ومواجهة الصهيونية المسيحية وتعريف إخوانهم من الإنجيليين في الغرب عن حقيقة الأوضاع هنا. ولا شك انه كان هنالك نوع من الإحراج الشديد عندما قام بعض رؤساء الكنائس الإنجيلية في الخارج باتخاذ مواقف سياسية علنية مؤيدة للصهيونية المسيحية – وخاصة أن هذه المواقف كانت تؤخذ باسم الدين المسيحي وتقتبس آيات من الإنجيل (عادة منزوعة من سياقها) لتبرير مواقف سياسية مؤيدة للصهيونية ومنافية لحقوق الفلسطينيين بما فيهم المسيحيين والانجيليين.
ومع أن الموقف الطبيعي لكثير من الإنجيليين الفلسطينيين كان يحبذ الابتعاد عن السياسة قدر الإمكان عملا بقول السيد المسيح "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" وتعاليمه بان "مملكتي ليست من هذا العالم" إلا أن مثل هذه الحيادية لم تكن سهلة أو حتى ممكنة لان الصهيونية المسيحية كانت تعتبر أن الله أعطى هذه البلاد للشعب اليهودي (شعب الله المختار) وبالتالي كانت تعتبر مجرد وجود أي فلسطيني (مسلم أو مسيحي: إنجيلي أو تقليدي) بمثابة مشكلة وخطر على الدولة اليهودية. وبالتالي فأن الحياد لم يكن ممكناً.
ولا شك أيضاً في أن تأثير الصهيونية المسيحية على الكنائس الام الانجيلية في الولايات المتحدة خاصة وفي الغرب عموماً انعكس على بعض الكنائس الانجيلية المحلية، بسبب ارتباطهم المادي والمعنوي مع تلك الكنائس التي كان افرادها يحضرون الى الاراضي المقدسة مشبعين بتلك الافكار. غير ان واقع الانجيليين الفلسطينيين المحلي جاء مغايراً تماماً لتلك التوقعات ووجد الفلسطينيون المحليون أنفسهم امام مهمة حيوية تتطلب ان يقوموا وهم الطرف الاصغر والاضعف بدور المعلم والمصحح لتثقيف اخوانهم في الطائفة وفتح عيونهم وتوضيح الامور لهم لاهوتياً وسياسياً رغم وجود تهديد بقطع العلاقات معهم او وقف التمويل والمساندة لهم عندما يتخذون مواقف مغايره لمواقف الكنيسة الام في الخارج.
من هنا اتخذت مواقف الإنجيليين الفلسطينيين المسيحيين مسارين مترابطين:
الأول: هو الالتفاف حول بقية الكنائس المسيحية الفلسطينية والاشتراك معها في اتخاذ مواقف موحدة ضد الصهيونية المسيحية والاحتلال والاستيطان وانتهاكات حقوق الانسان، ومع الحقوق الفلسطينية الثابتة. والثاني هو في نشاطات إنجيلية منفصلة، موجهة نحو إنجيليين في الدول الخارجية لتوضيح موقف كتابي ديني واضح من هذه القضايا.
وقد اتخذ الفلسطينيون المسيحيون هذه المواقف اولا بالتكافل والتضامن مع بقية الطوائف المسيحية التاريخية في فلسطين والتي اوضحت علناً موقفها المتباين والمعادي للصهيونية المسيحية على اسس دينية لا هوتيه وسياسيه ايضاً، انضم اليها الإنجيلين الفلسطينيون.
فقد قام رؤساء الطوائف والكنائس المسيحية في فلسطين بالتوقيع على عرائض مختلفة واتخاذ مواقف جماعيه تجاه ممارسات الاحتلال الاسرائيلي ترفض مزاعم الصهيونية المسيحية. ويساهم الانجيليون الفلسطينيون في هذه المواقف بشكل دورياً. ويتخذون مواقف واضحة الى جانب بقية المسيحيين وبعكس مواقف بعض المسيحيين في الغرب خاصة الصهاينة المسيحيين. وبالإضافة الى توقيع العرائض فقد ساهم الفلسطينيون الانجيليون في عدد من المؤسسات المسكونية التي تمثل هذه المواقف وتترجمها الى كتابات ونشرات ولقاءات ومؤتمرات هدفها توضيح الموقف المسيحي الحقيقي ومواجهة ادعاءات الصهيونية المسيحية. ومن بين هذه المؤسسات مركز السبيل المسكوني للاهوت التحرر الفلسطيني والذي شارك كاتب هذه السطور في تأسيسه تحت قيادة القس نعيم عتيق من الكنيسة الأسقفية (الانجليكان) والتي جمعت مسيحيين من طوائف مختلفة بما فيها الانجيليين. ويقوم هذا المركز بلقاءات متواصلة مع مسيحيين من مختلف انحاء العالم كما ويقيمون مؤتمرات دوليه ويصدرون كتباً ومنشورات مختلفة يركز معظمها على توضيح الموقف الفلسطيني المسيحي والرد على ادعاءات الصهيونية المسيحية. وقد اقام مركز السبيل المذكور مجموعات مختلفة في عده دول تحت اسم "اصدقاء السبيل" لمتابعة هذه المواضيع واقامة الفعاليات المختلفة، بما فيها دعوة اسبوعيه للصلاة حول مواضيع معينه تهم المسيحيين الفلسطينيين تحت عنوان ‘Wave of prayer” (وهي دعوه لإقامه الصلوات والابتهالات الى الله حول مواضيع معينه ذات اهميه يوميه تتعلق الاخبار والممارسات والانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون.
ومن هذه النشاطات المسكونية ايضاً وثيقة "كايروس فلسطين" والتي تشكل وثيقة لاهوتية مسيحيه صادره عن الكنائس الفلسطينية وموجهه الى اخوتهم في الخارج.
وقد ساهم لاهوتيون انجيليون مثل د. حنا كتاناشو في صياغة هذه الوثيقة الهامة والتي تدعو المسيحيين الى مساندة الحقوق العادلة للفلسطينيين والى رفض مزاعم الصهيونية المسيحية والى اتخاذ اجراءات في إطار BDS (مقاطعه وسحب استثمارات وفرض عقوبات) لخطوات عمليه لمقاومه الظلم الواقع على جميع الفلسطينيين من مسلمين ومسيحيين.
الى جانب هذه الجهود المسكونية والتي يشارك فيها الفلسطينيون الانجيليون مع بقية الطوائف المسيحية فقد أتخذوا إضافة الى ذلك على عاتقهم مسؤولية مواجهة الصهيونية المسيحية بين الانجيليين في الغرب، من منطلق مفهومهم الاصولي للكتاب المقدس. وكان من بين اهم النشطاء في هذا المجال القس اليكس عوض، وهو قسيس معمداني من مواليد القدس. فقد دأب هذا القسيس والذي تربى في عائلة انجيلية محافظة بالقيام بدراسات لاهوتية حول مفهوم الكتاب المقدس، بعهده القديم والجديد لمصطلحات " شعب الله المختار" و "أرض الميعاد" والمدينة المقدسة (القدس) والهيكل المقدس ومفهوم الكفارة والتضحية وغير ذلك من المصطلحات التي يسيء استخدامها "الصهاينة المسيحية" ويبين القس اليكس في محاضراته وكتبه زيف هذه الادعاءات وسوء تفسير الكتاب المقدس واستغلاله لأهداف سياسية صهيونيه. وتوجد ملخص هذه الدراسات في كتابه (Palestinian Memories) والذي يلخص تاريخه الشخصي مع مفاهيمه اللاهوتية الدينية في إطار التفكير الكتابي المتعارف عليه بين الطوائف الإنجيلية.
اضافه الى كتابات ومقالات ومحاضرات القس اليكس عوض واّخرى من امثاله فقد قامت كليه بيت لحم للكتاب المقدس، وهي أكبر مؤسسه انجيليه فلسطينية بمعالجه هذه المسائل في مؤتمرات دولية اقيمت تحت شعار "المسيح لدى الحاجز" Christ at the Checkpoint كان أولها عام 2010 وفي كل هذه المؤتمرات جرت مناقشة ومعالجة مسائل تتعلق بمدينة القدس والصهيونية المسيحية وتفسير الكتاب المقدس من قبل لاهوتيين إنجيليين وغيرهم في إطار الظروف الحالية.
وتقع كلية بيت لحم للكتاب المقدس على بعد مئات من الأمتار عن الجدار العنصري الفاصل الذي يحيط بمدينة بيت لحم بالتالي يقوم المشتركون في هذه المؤتمرات في زيارة الجدار ومشاهدة المعاناة اليومية وظروف الاحتلال في الوقت الذي يناقشون فيه نصوص الكتاب المقدس وتطبيقها على الوضع الحالي.
وقد اتخذت الكلية في مؤتمرات "المسيح امام الحاجز" والتي تجري مرة كل سنتين اسلوباً مميزاً إذا دعت الى هذه المؤتمرات لاهوتيين من مختلف انحاء العالم ومن خلفيات متعددة بما فيها من المسيحيين الصهاينة والذي وجهت إليهم تحدياً واضحاً لمناقشة آرائهم وافكارهم على ضوء الحقائق الواقعية في فلسطين اليوم. وكانت النتائج مذهلة اذ أدت هذه المؤتمرات الى تغييرات واسعة في عقول الكثيرين من الإنجيلين الغربيين كما أدت الى زوبعة في الولايات المتحدة خاصة حيث هاجم الكثيرون منهم كلية بيت لحم للكتاب المقدس وتوقف البعض عن تبرعاتهم لتمويل نشاطاتها كما ودعوا الى مقاطعة الكلية ومؤتمراتها وهاجموا الانجيليين من اتباع الفكر المتطرفة الذين وافقوا على الحضور الى المؤتمر بحملة دعائية واسعة في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي ومحطات الراديو والتلفزة الدينية خاصة في الولايات المتحدة حيث اتهموا الكلية بدعم الإرهاب وبالحياد عن مبادئ الانجيل وبالرضوخ لضغوطات السلطة الوطنية الفلسطينية او حماس او غير ذلك.
وفي مدينة الناصرة اقام الاستاذ بطرس منصور، مدير المدرسة المعمدانية وشقيقه بدر منصور موقعاً الكترونياً باسم "هلم وانظر" Come and see ينشر باستمرار مقالات واخبار وتحليلات لاهوتية موجهة نحو الانجيلين الغربيين بهدف محاربة مزاعم الصهيونية المسيحية وتوضيح مواقف الانجيليين منها.
والذي ضايق المسيحيين الصهاينة هو ان الفلسطينيين لهم مواقف دينية ولاهوتية محافظة جداً بل واصولية احياناً، ولكنهم لا يوافقون الصهيونية المسيحية ويقارعونها الحجة بالحجة، وعلى أسس دينية وكتابية واضحة.

• رئيس مجلس أمناء كلية الكتاب المقدس ومحامي ممارس في فلسطين ونيويورك وقد قدم المحاضرة في مؤتمر جامعة الازهر لنصرة القدس في حزيران 2018.

*للمزيد من المعلومات باللغة العربية، راجع:
الصهيونية المسيحية: نشأتها- مخاطرها- مجابهتها، القس نعيم عتيق وسيدر دعيبس، منشورات الرمال:2008؛ ترجمة جوناثان كتاب وغازي مسعود.