الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بدون مؤاخذة- أردوغان ينشط في تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد

نشر بتاريخ: 07/10/2019 ( آخر تحديث: 07/10/2019 الساعة: 17:01 )

الكاتب: جميل السلحوت

يخطئ من يعتقد أنّ أمريكا قد تخلّت عن مشروعها "الشّرق الأوسط الجديد" والذي يهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة. صحيح أنّ صمود حزب الله أمام الغزو الإسرائيلي للبنان عام 2006، وصمود الدّولة السّوريّة أمام الحرب الكونيّة عليها منذ عام 2012، والتي شاركت فيها قوى الإسلام السّياسي، وموّلتها دول البترول العربيّ، هذا الصّمود قد عرقل تنفيذ المشروع الأمريكيّ، لكنّه لم يقض عليه تماما، ورغم هذه الحرب العدوانيّة التي دعمها حلف النّاتو واستخبارات الدّول الإمبرياليّة وإسرائيل، ورغم حرب الوكالة الظّالمة على اليمن منذ عام 2015، والتي بدت ملامح انتصار جماعة أنصار الله"الحوثيين" فيها، إلا أنّ الدّور الأكثر خطورة هو ما تقوم به تركيّا بقيادة أردوغان، الذي كانت قوى الإرهاب من داعش وجبهة النّصرة تلقى الرّعاية والتّدريب في فيها وتتسلّل منها إلى سوريّا، واستهدفت قتل وتشريد الشعب السّوريّ، وتدمير سوريّا الدّاعمة للمقاومة الفلسطينيّة واللبنانيّة، والمتحالفة مع إيران.

صحيح أنّ قوى العدوان على سوريّا قد هزمت بصمود الجيش العربيّ السّوريّ وحلفائه كحزب الله اللبناني وروسيا، لكن الحرب لم تنته بعد، بل إنّها تتّخذ أشكالا جديدة. ولن يغيب عن بال أحد أنّ تركيّا عضو في حلف النّاتو، وتربطها بإسرائيل علاقات وتحالفات استراتيجيّة. وما الشّعارات الدّينيّة التي يرفعها أردوغان سوى من باب العلاقات العامّة لمواصلة خداع الشّعوب الإسلاميّة.

من هنا يمكن فهم العدوان التّركي على الأراضي السّوريّة الذي يمكن أن يبدأ في أيّ لحظة، كما أعلن أردوغان، ولا يمكن تفسيره إلا بحرب أمريكيّة إسرائيليّة ستقوم تركيّا بها بالوكالة وبالتّنسيق معهما.

وإذا ما كنّا نفهم العداء المستحكم بين تركيّا والأكراد، فإنّ أكراد سوريّا جزء أصيل من الشّعب السّوريّ، وأنّ أكثر ما يطمحون إليه هو حكم ذاتي يحفظ لهم حقوقهم ولغتهم وثقافتهم، مع التّأكيد على حقّ الأكراد في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم القوميّة على أراضيهم، وما يحول دون تحقيق هذا الهدف ليس سوريّا ولا العراق، وإنّما هو أمريكا وحلفاؤها حفاظا على تركيّا العضو في حلف النّاتو.

لكنّ الغزو التّركيّ لشمال سوريّا سيخلق ما يشبه لواء الإسكنرونة العربيّ الذي أعطته بريطانيا لتركيّا بعد الحرب الكونيّة الأولى، وضمن اتفاقات سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا لتقسيم المنطقة. وفي حالة نجاح هذا الغزو فإنّه يندرج ضمن المشروع الأمريكي "الشّرق الأوسط الجديد"، والذي ينطلق منه ما يسمّى "صفقة القرن" الأمريكيّة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، بعد أن قبلت دول عربيّة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وبناء تحالفات أمنيّة وعسكريّة معها؛ لمواجهة ما يسمّى الخطر الإيرانيّ.