الأربعاء: 01/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الابارتهايد ثم الابرتهايد ثم الابارتهايد

نشر بتاريخ: 25/11/2019 ( آخر تحديث: 25/11/2019 الساعة: 01:21 )

الكاتب: مصطفى البرغوثي

بغض النظر عما إذا كان نتنياهو سيضطر للإستقالة، مع احتمال ذهابه للسجن بسبب فساده، أو إن كان سيحاول البقاء، خلال فترة محاكمته، وبغض النظر عن إمكانية تشكيل حكومة وحدة صهيونية بين حزبى الليكود وغانتس ( في حالة نجاح إنقلاب ضد نتنياهو يخطط له منافسه ساعر)، أو إن قام غانتس بتشكيل حكومة جديدة تستفيد من تفتت معسكر نتنياهو، فإن المحصلة بالنسبة للشعب الفلسطيني واحدة.
سيسعى حكام إسرائيل لمواصلة تفتيتت الضفة الغربية، وضمها جزءً جزءً، وسيعملون على إبقاء قطاع غزة منفصلا عن الضفة الغربية، وسيواصلون تكريس منظومة الأبارتهايد العنصرية.
ومن واجب الفلسطينيين، أيا كان موقعهم، أن يروا الحقيقة، وهي أن ما يسمى "بخيار الدولتين" تلاشى، وأنه لم يعد سوى ورقة تين يستر بها المجتمع الدولي تخاذله عن مناصرة حقوق الشعب الفلسطيني، وجبنه أمام الإرهاب السياسي والنفسي الذي يمارسه اللوبي الصهيوني، وتقصيره في حماية القانون الدولي وتطبيقه.
مثلما كانت " عملية السلام" ذريعة للتخاذل، والهروب من المسؤولية،يستمر " حل الدولتين" عنوانا للافعل، واللاعمل، وللإنشغال بكل ما يمكن الإنشغال به عن القضية الفلسطينية.
لا يجب بالطبع منح إسرائيل فرصة التنصل من جريمتها بقتل" حل الدولتين"، ولا يجب توفير أي جهد في شرح ذلك للمجتمع الفلسطيني، والعربي، والدولي.
ولكن ذلك لا يعني أن نبقى أسرى في قفص "أوسلو" والاتفاقيات التي خرقتها إسرائيل، ومزقتها، وألقت بها في سلة المهملات.
لا بد من الانتقال لإستراتيجية أخرى، تُبنى وحدة فلسطينية حولها، وتركز على طبيعة ما أنتجه الاستعمار الكولونياني الصهيوني، والنكبه، والاحتلال، من نظام ابرتهايد هو الأسوأ في تاريخ البشرية.
ولا بد أن يكون عنوان النشاط الدبلوماسي والتضامن والإنساني الدولي، اسقاط نظام الابارتهايد والتمييز العنصري الإسرائيلي.
ولا بد أن يكون المطلب الفلسطيني الحرية الكاملة، والمساواة الكاملة القومية، والمدنية، والديموقراطية بما في ذلك حق العودة.
يجب أن يعرف كل إسرائيلي، وكل يهودي، في العالم أن البديل لقيام دولة فلسطينية حرة ومستقلة ذات سيادة كاملة، لن يكون نظام دولة أبرتهايد واحدة، بل دولة ديمقراطية من النهر إلى البحر على كامل أراضي فلسطين، بما فيها قطاع غزة، يتساوى فيها الناس في الحقوق القومية، والمدنية، دون تمييز، و لن تكون دولة يهودية كما أراد نتنياهو، والذي سيقرر بنيانها السياسي أصوات الناخبين، حيث لكل إنسان صوت مساوي لصوت كل إنسان آخر دون تمييز.
ويجب أن يصبح عنوان كل نشاطنا الدولي " إسقاط منظومة الأبارتهايد" في كل فلسطين.
ولا بد أن نجند إلى جانبنا كل مناضلي جنوب إفريقيا الذين يستطيعوا أن يقولوا بألسنتهم للعالم، أن الابارتهايد الإسرائيلي أسوأ بكثير من نظام الأبارتهايد الذي عانوا منه في جنوب إفريقيا.
لم يعد هناك مجال للمرواحة في المكان، ولن يحتمل الفلسطينيون أن يعيشوا في "جيتوستانات" ومعازل مهضومي الحقوق، وأن يُستبدل حلمهم بدولة مستقلة، بسلطات مجزأة و ضعيفة تحت سيطرة الإحتلال ونفوذه، وتحكمه الأمني.
ومن واجب كل الحركة الوطنية، وكل الوطنيين، والمفكرين أن يكرسوا طاقاتهم لبعث الأمل في صفوف شعبنا، وخاصة جيل الشباب، بنقل الوعي لهم، بأن الحركة الصهيونية هي التي في أزمة، وهي التي ستهزم، ما دمنا باقين على أرض وطننا، وإن إستطعنا تجاوز خلافاتنا و توحيد صفوفنا.