الأحد: 12/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

بيرزيت حاضنة الحركة الطلابية الفلسطينية

نشر بتاريخ: 22/12/2019 ( آخر تحديث: 22/12/2019 الساعة: 21:49 )

الكاتب: د.خالد التلاحمة

على امتداد تاريخها الحديث والمعاصر، كانت جامعة بيرزيت ولم تزل عصيّةً على الهزيمة، وقد مثلت نموذجاً من التعاون والتسامح والتعاضد بين كافة مكوناتها الاجتماعية بغض النظر عن مشاربهم الفكرية والدينية، كما أسهمت بقدرٍ كبيرٍ في تشكيل الوعي والثقافة بمعناهما المعرفي والتنويري من أجل تكوين صورة حضارية لمجتمعٍ فلسطينيٍّ متعدد الثقافات داخل حرمها، وعملت جاهدة على تطوير بيئة منفتحة على المعارف والعلوم المتقدمة المحفزة على الإبداع والريادة، يكون فيها الطلبة محور العملية التعليمية، لينعكس ذلك على هذا الصرح الوطني قوةً وعزيمةً نحو الاستمرار في بناء الأجيال المتعاقبة من العلماء والمفكرين المميزين، الذين كان لهم الحضور الأبرز على مساحات الفعل الوطني والعالمي في مختلف مجالات العلوم الانسانية والطبيعية.
إن الحفاظ على هذا الصرح قويًا عتيدًا عصيًا على الانكسار يحتاج من الكل الوطني إلى تضافر الجهود، وحشد الطاقات في تكريس وتعزيز الحالة النظامية والعلاقات التكاملية بين كافة مكونات الجامعة، وخاصة الهيئتين الإدارية والأكاديمية من جانب، والحركة الطلابيّة من جانبٍ آخر، وتكون هذه العلاقة مرتكزة على الثقة ومبدأ الحوار وتبادل الأفكار البنّاءة بطرق سلسلة بعيدة عن منطق فرض الرأي، وإغلاق بوابات الاتصال والتواصل المباشر، والتي تمثّل المسار الراقي والمتحضّر من التّعاملات الانسانيّة.
تعتمد الجامعات الفلسطينية وفي مقدمتها جامعة بيرزيت في تنفيذ الكثير من الفعاليات الوطنية واللامنهجية على الحركة الطلابية، وفق منظومة متكاملة من العلاقات المحكومة بمفاهيم وتقاليد سائدة في الجامعة عبر العقود الماضية، والتي تُسهّل إنجاح هذه الفعاليّات والظهور بما يليق بمستوى الجامعة الأكاديمي والوطني، ويعزز من دورها في حياة المجتمع المدني، وينأى بها عن المخاطر والتهديدات التي قد تؤدي إلى تعطيل المسيرة التعليمية كهدف استراتيجي للجامعة، والحد من هذا التقدّم والتطور الذي يُكوّن حُلم مكوناتها المتعددة، وصولاً للحفاظ على المظهر والحالة المدنية والمضمون الأكاديمي والنقابي في حرم الجامعة، مع إعطاء الحقوق المكفولة بأعراف الجامعة وتقاليدها وقوانينها لممارسة كل النشاطات التي تعزز ما نتطلع لتحقيقه وطنيًا من مخرجات جامعاتنا بأنواعها المختلفة.
ولكي يتحقق ذلك، لا بُدّ لنا من أن نتجرّد من الأنا المتضخّمة والذات العالية لنتحوّل إلى الأنا الجمعية التي تتضاءل إزاءها المطامع الضيقة، وتتضخم الأنا الجمعية لأن الانسان بمفرده هو لبنة البناء الحقيقية لكل مجتمع ناجح يغلّب المصلحة الوطنية على المصالح الفردية.
إن الأحداث الأخيرة التي حصلت في الجامعة والتي أدت إلى إغلاق أبواب الجامعة في نهاية هذا الفصل الدراسي، لا يؤدي إلّا إلى استمرار المعاناة وانحراف البوصلة عن الأهداف الأكاديمية، لذلك نهيب بكافة المكونات الطلابية إلى تحكيم لغة الحوار مع إدارة الجامعة للحفاظ على هذا الصرح كرافعة وطنية على المستويين المحلي والدولي، وأن يكون الهدف الأوحد أمام ناظريكم كما عهدناكم دومًا تغليب المصلحة الوطنية العليا وسوية الحياة المدنية الفلسطينية، فضلاً عن مصلحة الطالب الذي يُعدّ المتضرّر الأكبر من جراء تعطيل العملية الأكاديمية في الجامعة.
والله من وراء القصد.