الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

عـام جـديـد وأمـل كبيـر

نشر بتاريخ: 09/01/2020 ( آخر تحديث: 09/01/2020 الساعة: 18:11 )

الكاتب: سامر سلامه

ودعنا عام 2019 وها نحن نقف على أعتاب العام 2020. فمع الإنتقال من عام إلى آخر نقف عادةً لجرد حساب العام المنصرم ونحن نتطلع للعام الذي يليه. وما بين جرد الحسابات والتطلع للمستقبل نبقى في المنطقة الرمادية حتى تتضح الأمور، وتكتمل الصورة، وتنتهي الخطط، ونستعد لبدايات جديدة. وفي جميع الأحوال والحالات تبقى فسحة الأمل بمستقبل أفضل تستقر في عقولنا الواعية والباطنة على حد سواء. فكيف مر العام الماضي؟ وما هي إستعداداتنا للعام الجديد؟ تبقى الأسئلة المطروحة على طاولة الساسة والإقتصاديين والقيادات الميدانية. كيف لا وبدايات العام حملت معها عدد من الأحداث الإقليمية التي تعتبر إمتداد لأحداث ومخططات العام المنصرم وكأن العام 2019 لا يزال يزاحم بدايات العام الجديد ويرفض المغادرة. هذه الأحداث أثرت ولا تزال تؤثر بشكل أو بآخر على مستقبلنا وأوضاعنا ليس لهذا العام وإنما للأعوام القادمة. فإغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في بغداد له دلالاته وتبعاته على المنطقة برمتها. وإعلان تركيا عزمها إرسال قوات هجومية إلى ليبيا وإعلان مصر إستعدادها لمواجهة القوات التركية الغازية لن يمر مر الكرام. ونجاح نتنياهو من تخطي الإنتخابات التمهيدية لحزب الليكود يبقي هذا الرجل بقوة في المشهد السياسي الإسرائيلي. وإن نجاح الرئيس الأمريكي ترمب من إقناع الشعب الأمريكي بأنه الرئيس الذي جلب الإنتعاش الإقتصادي للأمريكيين وهو الشخص الذي نجح في القضاء على الإرهاب في الشرق الأوسط بتصفيته لأبو بكر البغدادي وقاسم سليماني سيعزز من فرص هذا الرجل بالنجاح لدورة ثانية في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة الأمر الذي سيكون له تبعاته على الأوضاع الفلسطينية. وعدم رد إسرائيل على طلب السلطة الفلسطينية بالسماح للمقدسيين بالمشاركة في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية على أرض القدس وفقا لإتفاقية أوسلو يمكن أن يقوض الإنتخابات الفلسطينية التي طال إنتظارها. وقيام حماس بنشر فيديو يتهم به جهاز المخابرات الفلسطينية بإغتيال أبو العطا سيؤزم العلاقات الداخلية الفلسطينية وسيؤبد الإنقسام بين غزة والضفة. ومع بروز أزمة الغاز والنفط في شرق المتوسط قد أبرز لاعبين جدد مثل اليونان وقبرص في المنطقة بالإضافة إلى فلسطين ومصر وإسرائيل وسوريا ولبنان وتركيا، فأزمة نفط المتوسط ستخلق تحالفات جديدة في المنطقة يمكن أن تبنى على حسابنا لأننا نحن الحلقة الأضعف في هذه المعادلة. كل هذه الأسباب على المستوى السياسي المحلي والإقليمي وغيرها من الأسباب الداخلية وخاصة قدرة الشعب الفلسطيني وقيادته من السير وسط جميع هذه الألغام والخروج منها بسلام سيبقى محط نظر وإنتظار وإهتمام كبير لجميع أبناء الشعب الفلسطيني لأن رياح هذه الظروف والتطورات الإقليمية جميعها تجري بشكل أو بآخر بعكس ما تشتهيه سفننا.
فالعام الماضي لم يكن عاما سهلا بالنسبة لنا كفلسطينيين. فقد عشنا أزمة إقتصادية خانقة نتيجة لقرصنة إسرائيل لأموال المقاصة الفلسطينية، وإستمرار حالة الإنقسام بين الضفة وغزة، وإستمرار الحصار لغزة والضفة على حد سواء، وتفاقم مشكلتي الفقر والبطالة، وإستمرار الضغط الإسرائيلي والأمريكي على القيادة لإجبارها على تقديم تنازلات فيما يتعلق بالمخططات الأمريكية للمنطقة وعلى رأسها ما أطلق عليه صفقة القرن وغيرها. ومع ذلك وبالرغم من تلك الظروف والتحديات فقد حققنا عدد من الإنجازات أهما تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم معظم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتحقيق إنجازات على المستوى الدولي وخاصة تمرير قرارات تخص القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وتحقيق إنجاز ضمان إستمرار تمويل الأونوروا بقرار أممي ودعم أوروبي كامل، وتخفيض نسب البطالة في الضفة الغربية (مع بقائها مرتفعة في قطاع غزة بسبب إستمرار الإنقسام والحصار)، وتعديل ميزان التجارة الخارجية لصالح فلسطين (وإن كان بنسب متواضعة)، وتحقيق نسبة نمو وصلت إلى 1.2 بالرغم من كل تلك الظروف والتحديات الصعبة.
فماذا عن العام 2020؟ يبدو أن السنة الجديدة ستكون حبلى بالأحداث والتطورات التي من شأنها أن تؤثر بشكل أو بآخر على مجمل القضية الفلسطينية وتبقينا أمام تحديات قد تكون هي الأصعب في ظل تردي الأوضاع العربية بشكل عام وإستمرار هشاشة الوضع الداخلي الفلسطيني مع إستمرار الإنقسام وتبياين وجهات النظر بين فتح وحماس. أضف إلى ذلك التطورات السياسية والإقتصادية في المنطقة التي ستفرض علينا التعامل مع كل هذه التطورات والتحديات بمسؤولية أكبر، والترفع عن الخلافات الحزبية والفئوية والإلتفاف حول قيادتنا الشرعية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والمعترف بها دوليا. وفي جميع الحالات فإن الرهان الأكبر يبقى على الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده وما خروج جماهير غزة للإحتفال بإنطلاقة الثورة الفلسطينية بالرغم من كل المعيقات التي فرضتها حركة حماس، ما هي إلا خير دليل على أصالة وإنتماء شعبنا العظيم وصدقه وإخلاصه وأنتمائه للوطن وقيادته الشرعية. فإن غزة المكلومة والمحاصرة قد شكلت مصدر إلهام كبير وأعطتنا جرعة كبيرة من الأمل بالمستقبل وبحتمية النجاح والإنتصار.
ومن جانب آخر ومن الأسباب التي تعطينا فسحة كبيرة للأمل بالمستقبل بالرغم من كل التحديات والظروف السابقة الذكر، أن القيادة والحكومة قد أعلنت عن رزمة من السياسات والإستراتيجيات والخطط والمبادرات التي من شأنها تعزيز صمود أبناء شعبنا وتمكينهم من الإستمرار في النضال لدحر الإحتلال. ومن هذه المبادرات كما أعلن عنها رئيس الوزراء، البدء في العمل على إنشاء جامعة للتدريب المهني لتعزيز الموائمة بين مخرجات التعليم وإحتياجات سوق العمل نحو تخفيض معدلات البطالة وخاصة في أوساط الشباب، والإعلان عن العام 2020 كعام للشباب حيث سيتم تجنيد موارد مالية كافية لدعم برامج الشباب المختلفة، والعمل على تشغيل ثلاث محطات للكهرباء في الضفة الغربية، والإعلان عن موازنة كاملة للعام 2020 ووقف التحويلات الطبية وتقنين الإستيراد لـِ ومن إسرائيل، وإستيراد البترول من العراق بأسعار خاصة وغيرها من المبادرات. كل ذلك يكفي أن ندخل العام الجديد ونحن مسلحين بالأمل والعزيمة لتجاوز كافة التحديات.