الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

إشارة صغيرة عن الأمم الكبيرة

نشر بتاريخ: 11/02/2020 ( آخر تحديث: 11/02/2020 الساعة: 22:46 )

الكاتب: وليد الشيخ

ما يخيف في الإندلاق الفلسطيني تجاه المنظومة الدولية والإعتماد الرئيسي عليها ، أن أصحاب هذا التوجه كما يبدو مقتنعين " فعلياً " بإمكانية تغيير معادلات القوة من خلال استصدار قرارات دولية جديدة ، دون وجود ثقل حاسم وقادر على تغيير المعطيات والوقائع على الأرض.
القانون الدولي في أحد أهم تعبيراته هو ترجمة مهذبة ( وغير مهذبة في أحيان كثيرة) عن القوة التي تملكها الدول .
لنتذكر مثلاً ، أنه بعد الاحتلال العراقي للكويت في آب عام 1990 ، لم يحتج الأمر أكثر من خمسة أشهر و عدد محدود من قرارات الأمم المتحدة (6 قرارات فقط على ما أذكر ) ، لشن حرب على العراق وتدميره وتحرير الكويت. إن الذي فرض ذلك هو القوة التي تملكها الدول التي تضررت من الاحتلال وامكانياتها المالية الهائلة التي نجحت في تجنيد العالم.
طبعاً لا ضير في التوجه الى الأمم المتحدة ، بل قد يكون من المفيد أحياناً ، لكنها بالتأكيد لن تنجز أي استحقاق للفلسطينيين ، سوى الشق المعنوي الخجول ، من قبل الجمعية العامة .
اذا كانت الخطة الفلسطينية لمواجهة صفقة القرن ، تتكيء على الثقة بإمكانية تغيير مزاج الفاعلين الدوليين وحثهم على اعلاء قيمة العدالة من خلال مخاطبة الضمير الجمعي لدول العالم ، فإن الخطة ببساطة لن تحقق ذلك . أكثر ما نستطيع الحصول عليه من اعضاء المجتمع الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة هو التصفيق الحار للغة الساخنة التي " قد" نستخدمها.
أما مجلس الأمن فإن الأمم الكبيرة دائمة العضوية فيه تضمن دائماً أن لا يمر ما قد يضر بمصالحها أو يعارض سياساتها.
أتذكر الآن ما قاله أستاذ القانون الدولي في آخر لقاء قبل التخرج على طاولة كافيتيريا الجامعة ، "لا تثق بالقانون الدولي" ، بعد أن لاحظ الحماسة التي كنت ابديها أثناء الإعداد للاطروحة حول دور الأمم المتحدة في حل الصراعات في منطقة الشرق الأوسط.
كان الأستاذ محقاً، حين علق (بإستنكار جاء على شكل إستفهام )على اقتراحات "بريئة" بضرورة تغيير موازين القوى وضم دول جديدة الى مجلس الأمن ( من أجل تمثيل دول الجنوب )، عل ذلك يساعد في كبح دولة الاحتلال وفرض عقوبات عليها .
لا أدعي معرفة بالخطة التي علينا إتباعها لمجابهة صفقة القرن وإسقاطها ، لكني أعلم أن الأمم المتحدة ليس هي الوجهة المناسبة لذلك .
ربما من المفيد أن نتذكر دائماً أن الأمم المتحدة في البداية والنهاية هي إرادة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية ، ولا شيء آخر يستحق الذكر.