الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

صفقة القرن تلفظ أنفاسها الأخيرة

نشر بتاريخ: 16/02/2020 ( آخر تحديث: 16/02/2020 الساعة: 13:43 )

الكاتب: د.علي الاعور

ما زال نتنياهو يكابر ويتحدث عن صفقة القرن ويوجه خطابه الى المستوطنين واليمين الإسرائيلي "بأن صفقة القرن تمثل فرصة تاريخية لإسرائيل لفرض سيادتها على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وتشمل المستوطنات ومنطقة الاغوار وشمال البحر الميت وتمثل تلك المساحة ما يعادل 40 في المائة من مساحة الضفة الغربية" وأضاف نتنياهو في مقالة نشرتها صحيفة " إسرائيل اليوم " صباح الجمعة الماضي مؤكدا ان هناك " شروط تعجيزية يستحيل على الفلسطينيين قبولها لقيام دولة فلسطينية في مجموعات كنتونات متناثرة ومتباعدة جغرافيا " على امل ان يقنع المستوطنين واليمين الإسرائيلي بقبول صفقة القرن ولكن في الحقيقة على امل ان يكسب أصوات المستوطنين واليمين في الانتخابات القادمة في الثاني من مارس القادم وهو يعلم جيدا " لا ضم ولا فرض للسيادة الإسرائيلية على المستوطنات وتحديدا لا ضم للأغوار وشمال البحر الميت لأنه يعلم أيضا ان قرار الضم وفرض السيادة لم يعد يملك منه شيئا فقد اصبح القرار في يد كوشنير وصرح فريدمان بان هناك لجنة أمريكية إسرائيلية مشتركة سوف يتم تشكيلها لرسم خرائط تشمل الضم وهذه الخطوة تحتاج الى عدة اشهر بينما صرح كوشنير " دعونا ننتظر نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة.
خمسة عشر يوما ونيف بقيت على تشييع جنازة صفقة القرن وهذه المرة ليس في البيت الأبيض ولكن في تل ابيب حيث تعكس نتائج الانتخابات رفض اليسار واليمين الإسرائيلي على حد سواء لصفقة القرن كلا منهم في فلسفته و الاجندة التي يؤمن بها وينتهي اخر فصل من فصول مسرحية صفقة القرن التي كان بطلاها نتنياهو وترمب وبعض الكومبارس من الحكام العرب.
نتنياهو كتب في مقالته بانه سوف يقرر ما ادا نفد الفلسطينيون كامل الشروط الواردة في صفقة القرن من اجل السماح لهم بالجلوس على طاولة المفاوضات وهنا لا بد من تذكير نتنياهو بان الفلسطينيون هم من يقرروا متى ومن يجلس على طاولة المفاوضات وعلى نتنياهو ان يدرس تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية ليعلم من هو اللاعب الرئيسي في الشرق الأوسط ومن هو الذي يقبل بالشروط الإسرائيلية والأمريكية.
في كامب ديفيد الثانية طلب كلينتون من الرئيس الراحل ياسر عرفات غرفة لليهود في المسجد الأقصى المبارك فوق الأرض ورفض عرفات وغرفة تحت الأرض ورفض عرفات مقابل القدس الشرقية كلها للفلسطينيين ورد عليه عرفات ان تحتاج الى موافقة مليار مسلم على هده الغرفة وأخيرا قال له عرفات لا يوجد لليهود ما يسمى بجبل الهيكل في القدس وربما موجود في اليمن او مكان اخر من العالم"
وهنا ليعلم نتنياهو لن تمر اية مبادرة سلام في الشرق الأوسط دون موافقة الفلسطينيين عليها ، وحول اعتراف ترمب بالحقوق التاريخية والتوراتية الدينية لليهود في الضفة الغربية فعلي ترمب أولا ونتنياهو ثانيا ان يدرسوا تاريخ الكنعانيين الدي يعود الى سبعة الاف عام في هذه الأرض واذا ما حاول ترمب ونتنياهو نقل الصراع الوطني على الأرض الى صراع ديني ليدرسوا الآية الأولى من سورة الاسراء حول المسجد الأقصى " سبحان الدي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله "والعلاقة الدينية التي تربط المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك وحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بان بيت المقدس واكناف بيت المقدس للمسلمين وتصل اكناف بيت المقدس الى أبواب دمشق والى ارض الكنانة مصر وعندها سوف يعلم ترمب ونتنياهو بان الصراع الديني سوف يأكل الأخضر واليابس.
واما قضية اللاجئين اليهود الذين ارغموا على الخروج من ديارهم في الأقطار العربية ، فالجميع يعلم ونتنياهو يعلم تاريخ الحركة الصهيونية ودورها في هجرة اليهود من البلاد العربية الى فلسطين واما من ارغموا على الخروج من ديارهم واوطانهم وقراهم ودمرت قراهم فهم حوالي ثلاثة ارباع مليون لاجيء فلسطيني اجبروا وارغموا على اللجوء وحياة الشتات ومازالوا يحملون مفاتيح العودة الى بيوتهم وقراهم.
الجميع يعلم ان الحملة الانتخابية لنتنياهو من خلال صفقة القرن بدأت تنتهي لان صفقة القرن تلفظ أنفاسها الأخيرة وكما صرح غانتس رئيس قائمة الأزرق والأبيض " انتهت مسرحية نتنياهو " وصرح ليبرمان أيضا على صفحته الرسمية على الفيس بوك " بان حكم نتنياهو قد انتهى"
من هنا ... فان تصريحات نتنياهو في المقالة التي نشرها حول صفقة القرن أصبحت بضاعة فاسدة ولن يشتريها المستوطنون وهذا ما أكدته استطلاعات الراي التي نشرتها القناة الثالثة عشر الإخبارية بان حزب الليكود لم تقدم له صفقة القرن اية إضافات جديدة في شعبية الحزب وقوة الحزب بل على العكس تماما تراجعت قوة حزب الليكود مع صفقة القرن وبقيت مشاريع الضم وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات ومنطقة الاغوار وشمال البحر الميت ما هي الا حملة انتخابية سوف تنتهي مع فجر الثالث من مارس 2020.
*باحث وخبير في الشؤون الاسرائيلية