الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

السجان الصهيوني من البقّة إلى الكورونا ؟!

نشر بتاريخ: 07/04/2020 ( آخر تحديث: 07/04/2020 الساعة: 18:20 )

الكاتب: وليد الهودلي

أذكر في تسعينيات القرن الماضي حينما كنا في سجن جنيد، وكان يأتينا معتقل منقول من النقب، نطلب منه وضع أشيائه وسط الغرفة ثم نفتّشها تفتيشا دقيقا بحثا عن حشرة البقّ، نمحّص دفاتره وملابسه وكتبه، فتسريب البق من المعتقلات حينها إلى غرف السجن المركزي مصيبة ما بعدها مصيبة، كانت تنتشر في الخيام بين "أبراش" الخشب فتقضّ مضاجع الأسرى، ويفضلون النوم خارج الخيمة عرضة للفئران الصحراوية والعقارب والأفاعي هروبا من هذه الحشرة اللئيمة، كانت تقوم بعملية التخدير فتنهب من دم النائم حيث شاءت دون شعوره، حتى إذا فرغت وانسحبت إلى مواقعها الخفيّة وذهب أثر التخدير، استيقظ الأسير على لدغاتها واكتشف الآثار المؤلمة.

وأذكر أن أحد المعتقلين في سجن النقب طلب مني أن أكتب عن البق في السجون، فقلت إن هناك أمورا أهم بكثير من هذه الحشرة الصغيرة وعندما صرت في النقب وذقت من ويلاتها أدركت كم أن هذه البقة مريعة ومقرفة ومؤلمة وخبيثة، وكان ممثلو المعتقل يطالبون إدارة السجن برشّ المبيد الذي يقضي على هذا الوباء ولا حياة لمن تنادي، كانوا يتلذّذون على عذابات الأسرى كما هو حالهم في أمور كثيرة مثل الإهمال الطبي والتغذية والتهوية والتفتيش والقمع والبوسطة وما يفعله بزيارات الأهل والمحاكم والاعتقال الإداري والعزل، وكل صنوف العذاب لهذه الزبانية التي تمارس ساديتها كما تتنفس.

ومن الأمثلة على قدرتهم على إحضار المبيد المناسب للخلاص من هذه الحشرة أنه كان (على سبيل المثال) في سجن عسقلان تنتشر الصراصير بكل أنواعها، ولما تنتشر بطريقة مريعة ويتقزز منها السجانون بحيث عندما ترفع شيئا تجد تحته عشرات الصراصير، تجدهم يحضرون مبيدا فلا تجد بعدها أي صرصور لفترة طويلة.

إذا هم قادرون أن يقضوا على البقّ ولكنهم لا يريدون.

ودار بيننا نقاشات طويلة لنكتشف في نهاية المطاف أن هناك تشابها كبيرا بين السجان والبقّة، الاثنان يأتي من قبلهما العذاب والاشمئزاز والملاحقة القميئة الذميمة للانقضاض على راحة هذا المعتقل، مشتركان في اللدغ وإحداث الألم ومحاولة مص دماء وزهرة شباب هذا الأسير، فكيف إذاً سيفكر السجان بالخلاص من هذه الحشرة التي تكمّل دوره أو أنها تقوم بذات الدور؟؟

لم ينته زمن البقّ إلا وأتى زمن فيروس الكورونا، فهل هذا السجّان معنيّ بتجنيب الأسرى وباء الكورونا، فإذا قسنا الأمر بتصرفه اتجاه البقّ فسرعان ما نصل بأنه معنيّ جدًّا بإغراق السجون بهذا الوباء، ثمّة فرق بالنتائج المهولة فيما لو "لا سمح الله" تفشّى هذا الفيروس في السجون، هل سيحتمل المسئولية عن هذه النتائج التي ستكون عواقبها وخيمة إلى أبعد ما يصله خيال هذا السجان ومن يقف وراءه من حكومة يمينية في غاية العنصرية والتطرّف.