الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

جلالة الملك شِدّ... الْكَرَكْ زَيّ الْخَليلْ والرَّمْثا زَيْ الِّلد

نشر بتاريخ: 27/05/2020 ( آخر تحديث: 27/05/2020 الساعة: 12:14 )

الكاتب: د. ياسر عبدالله

لقد أصبح خَيارُ الضَّمِّ قابَ قَوْسَيْن أمام التواطؤ الصّهيوأمريكيّ لضَمِّ أجزاءٍ من الضّفَّة الغربيَّة وعَزل قطاع غزّة عنها من ثمّ تهويد مدينة القُدس؛ حيث إنَّ خَيارَ ضَمِّ أجزاءٍ من الضّفّة الغربيّة يَصُبُّ في جُعبة خُطة صفقة القرن، وهوَ ليسَ بالخَيار الجديد؛ فالاحتلال يُوَسّع الاستيطان باستمرار، ويشُقّ الطُّرُقَ تمهيدًا لضَمِّ أجزاءٍ من الضّفّة الغربيّة، وللأسف يقفُ العالمُ على مُدرَّجات "استاد" ترامب ونتنياهو ينظُر إلى تصريحاتِهم وقرارتِهم نظرةَ المُتفَرِّج؛ دون أيِّ خطواتٍ عمليّة لمَنع تلك الخطوات أُحاديّة الجانب، والتي تُمارَس ضِدَّ الأرضِ والشَّعبِ الفِلَسطينيّ، أما العالم العربي فيعيشُ حالةً من الانشغال في الذات والبعد عن القضيّة الفِلَسطينيّة؛ بل إنَّ بعضَ الدُّوَل وقِلّةً من النُّخَب العربيّة تُصرّح ضدّ القضيّة الفِلَسطينيّة وتتماشى مع سياسة الإدارة الصّهيوأمريكيّة تِجاه ضَمّ أجزاءٍ من الضّفة الغربيّة وتهويد القُدس، غير مدركة أن ليس فقط فلسطين هي المستهدفة من صفقة القرن وليست هي وحدها التي ستتضرر من مخطط الضم، بل والعرب جميعا وفي مقدمتهم البلدان المحيطة بفلسطين وعلى رأسها الأردن الشقيق.

ولإدراك الأردن لهذه المخاطر التي يمثلها ضم الأغوار وشمال البحر الميت وأجزاء واسعة من الضفة الغربية، وما قد تعكسه من تهديد حقيقي للمملكة نتيجة ما قد ينتج عنها من عملية ترانسفير مباشر وغير مباشر وما تفسحه في المجال وتعبر عنه في الجوهر من أحلام واطماع صهيونية تعتبر الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين، وما قد يجره ذلك من تبعات على النسيج المجتمعي الأردني والعلاقات الفلسطينية الأردنية، ناهيك عن استهداف الوصاية والرعاية الأردنية للأقصى والمقدسات، لإدراك كل ذلك يقفُ جلالةُ الملك شامخًا على قِمّةِ الأنظمةِ العربيّة، رافضًا كلَّ المُخطّطات التّصفَويّة التي تستهدف ضَمّ أجزاءٍ من الضّفّةِ الغربيّة، ويقف حارسًا أمينًا للقُدس والمُقدَّسات، وخلفَه النّشامى الأردنيّون "عُمقَ القضيّة الفِلَسطينيّة". وقد كان تصريح جلالته الأخير واضحًا وصريحًا؛ أنَّ المَسَّ بأجزاءٍ منَ الضّفّة الغربيّة والقُدس والمُقدَّسات يعني تغيُّرًا في قواعد العلاقات مع إسرائيل؛ فقد أضافَ الملكُ في مقابلةٍ مع صحيفة " دير شبيجل " الألمانيّة أنَّ حلَّ الدّولة الواحِدة مازال مرفوضًا بِشدّة في اجتماعات جامعة الدُّوَل العربيّة، مُشدِّدًا على أنَّحلَّ الدولتَيْن هو السَّبيلُ الوحيد الذي سيُمكِّنُنا من المُضِيّ قدمًا.

لم يكُن هذا التّصريح الأوَّل الذي يُعبِّر فيه الملكُ عن وقوفِه إلى جانبِ الفِلَسطينيّين في الدفاعِ عن أرضِهم ومُقدَّساتِهم، فقد قالَ الملكُ في تصريحٍ سابقٍ لهُ أنه إذا ضَمَّت إسرائيلُ أجزاءً من الضّفّة الغربيّة فإنَّ ذلك سيؤدي إلى صِدامٍ كبير مع بلاده، مُشدِّدًا على أنَّالأردن يدرسُ جميعَ الخيارات إذا جرى الضَّم. وهذا تهديدٌ صريحٌ وليس مجرَّدَ تصريحٍ لوسائل الإعلام؛ فقد كانت تجربةُ الأردن في استعادة منطقتَيّ الغَمر والباقورة مؤخرًا تجربةً عمليّةً يتّخذُها الأردن تحتَ قِيادة جلالة الملك عبدالله الثّاني، بعد خَمسٍ وعشرينَ عامًا من تأجيرِها لإسرائيل، وقد كانت استعادتهما على خلفيّةِ نقل السَّفارةِ الأمريكيّة إلى القُدس وإعلان القُدسِ عاصمةً لإسرائيل، بالتالي فإن الملك عبدالله الذي يقفُ مع شعبِه في كلِّ صغيرةٍ وكبيرة، سوف يقفُ معهما أيضًا ضدَّ ضَمِّ أجزاءٍ مِن الضّفة الغربيّة، وليْس فقط كما يظن البعضُ خائفينَ من أن يكون الأردن وطنًا بديلًا وهو الخطر المحتمل، بل لأنَّ الأردن أيضا يتصرّف بحكمة المَغفورِ لهُ جلالة الملك حسين، وبِعَقل الملك عبدالله الثاني؛ وارِث المواقفِ الصَّلبةِ عن أبيه تجاه القضيّة الفِلَسطينيّة والقُدس والمُقدسات، مما يعني أن إسرائيلُ سوف تخسر الكثيرَ؛ لأنّ الأردن بوابة القُدس التي تتحطّم أمامها كلَّ المُؤامراتُ الأمريكيّةُ والصُّهيونيّة.

يبقى الأردن قيادةً وشعبًا سندًا للقضيَّةِ الفِلَسطينيّة، ويبقى الملكُ عبد الله الثّاني حارسَ القُدسِ والأرضِ المُقدَّسة ولن يُفرِّطَ بها؛ فمواقفه التنسيقيّة مع القِيادةِ الفِلَسطينيّة ممثلة بفخامة الرئيس عباس الرّافضة لكلّ الخَيارات الأمريكيّة الصّهيونيّة ستُبقي على الوِحدة العربيّة بين الأردن وفِلَسطين، ونقول لجلالتِه كلماتٍ بَسيطةٍ، لكنّها تعكسُ عمقَ العلاقات الأردنية الفِلَسطينيّة شعبًا وقيادةً، وهيَ: جلالةُ المَلِك شِدّ.. الكرك زيّ الخليل والرَّمثا زَيّ الِّلد.