الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

حتى لا تصبح المِحَن هي السمة الغالبة في وطني، وحتى نصنع لأنفسنا مكاناً تحت الشمس

نشر بتاريخ: 15/07/2020 ( آخر تحديث: 15/07/2020 الساعة: 21:19 )

الكاتب:



مروان اميل طوباسي

لقد أصبح النقد السلبي هو ظاهرة التعاطي مع قرارات قيادتنا و حكومتنا ، التي تصاغ في ظل ظروف بالغة التعقيد تحتمل الخطئ والصواب أمام تلك المتغيرات المتسارعة وظروف الوباء في هذا العالم ومقارعة توسع واستدامة الاحتلال والعدو الخفي بل وسياسة الهيمنة الأمريكية.

لأن هنالك مِمَن ينتقد لا يُدرك كل اسقاطات الظروف المحيطة، ويظن بان صاحب القرار يعيش بالمدينة الفاضلة التي تسمو بأخلاق الملائكة في هذا العالم دون مؤثرات وتداعيات شائكة او في ظل ظروف وردية جميلة لهذا الكون ، لأن القرار في إدارة شؤون الحياة احياناً يَصطدمُ بخياراتٍ صعبة ومُرّة وتكون هوامش القرار وبدائلهِ ضيقة في الكثير من الأحيان لا يُدركها المُتَفرج أو من يراقب من فوق برج عاجي مُريح.

رغم أن النقد الإيجابي هو ضرورة ، وهو أحد محركات التطور والتغيير ، وحتى يكون بنائاً مسموعاً يجب أن يكون موضوعياً صادراً عَمن يَعملون أو يجتهدون ، حتى لا يصبح مجرد الانتقاد والتنمر هو سمة ونمط النقاش حول أي شيء ولأي شيء ، فتصبحُ المِحن التي لا نريد لها أن تكون ، هي السمة الغالبة في وطني.

فكثيراً ما يَجنَحُ بنا الوهم فنُدمِنُ على الانتقاد ، فنتمادى في تضليلِ أنفسنا ، قبل أن نُمعن في خداع الآخرين غير متمتعين بفضيلة الصدق والصراحة والعمل ، عاجزين بالمطلق عن الاعتراف بالخطأ، وتحمل المسؤولية التقصيرية ، نُصر على تحميلها لغيرنا ، كما ونُصر على تمويه الحقائق والتلاعب بالصورة، محاولين إخفاء عيوبها، عاملين على تجميلها مهما بلغت درجة قُبحها، أو على تزوير الحقائق الجميلة حتى تَظهرُ قبيحة للغير .

اننا نحتاج إلى مظاهر التكافل والتضامن فيما بيننا ، وشموخ مبدأ المحبة في القلوب التي لا يَجبُ أن يُسمح لها بأن تكون آيلة للجفاف ، حتى تخفُ بنا وطئة الإدمان على سلبيات الانتقاد او التنازع أو المناكفة التي أصبحت تعصف بوحدتنا وبمركزية القرار وبمصالحنا الوطنية العليا وتعيق حُسن إدارة الازمات التي تحيط بنا من خلال وضع العُصي في دواليب مسيرة العمل الناجح احياناً.

ولابد أن نوسع دائرة التأمل، كي نخرُج عن الزاوية الضيقة التي نَنظُر احياناً إلى العالم من خلالها ، حتى نصنع لأنفسنا مكاناً جميلاً تحت الشمس ، دون محبةٍ في أن نُصدق بأننا الأفضل والأنقى والأكثر براءة والأنصع بياضاً بين شعوب الدُنيا ، لكن مع الاصرار بأننا قادرون وباننا شعبًٌ جميل يُحبُ الحرية والحياة ما استطاع إليها سبيلا كباقي البشر.

*سفير دولة فلسطين لدى اليونان

١٤ تموز