الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأسرى المرضى في المعتقلات الإسرائيلية.. مابين الاهمال الطبي والمعاناة الانسانية

نشر بتاريخ: 26/07/2020 ( آخر تحديث: 26/07/2020 الساعة: 14:49 )

الكاتب: اكرم عطالله العيسة

يحتل موضوع الاسرى الفلسطينيين المرضى مساحة ليست بالقليله من دائرة انشغال المؤسسات العاملة في قضايا الاسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي، واحيانا يتم التركيز على مواضيعهم واحيانا يتم الانشغال بقضايا اخرى من شؤون الاسرى والحركة الاسيره، لكن ولخصوصيتهم و حساسية وخطورة بعض حالات الاسرى المرضى يبقى هذا الموضوع مهم جدا الوقوف عنده واعطائه الاهتمام المناسب لانه قد يساهم في التخفيف من معاناة الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

يتبادر الى ذهن الكثيرين عند سماع كلمة الاسرى المرضى هو ان المقصود فقط الاسرى الذين يعانون من امراض مزمنه وخطيره وحياتهم مهددة باستمرار، او المعتقلين الذين اصيبوا اصابات حرجة وقاسية خلال اعتقالهم وادت الى خلق صعوبات حركية وتشوهات جسديهوآثار على الاجهزة الحيوية في اجسامهم. باعتقادي ان موضوع الاسرى اكثر تعقيدا وشمولا من ذلك، فهو يشمل الاسرى الذين يتعرضون لوعكات صحية مفاجئة، او تظهر لديهم امراض مفاجئة، فالذي تظهر له الالام في معدته هو مريض واذا ما حصل على العلاج المناسب وفي الوقت المناسب فقد يشفى من ذلك، والذي تظهر عليه مؤشرات اصابته بالزائدة مثلا ايضا يمكن علاجه اذا كان التدخل الطبي مناسبا من حيث الوقت ، والا من الممكن ان تخلق له مضاعفات اخرى وقد تؤدي بحياته.

وهنالك امراض وتوعكات صحية ربما لا تكون مميته، ولكنها قد تحول حياة المعتقل الفلسطيني الى جحيم فبدلا من ان يكون منشغلا في كيفة مواجهة سجنه وتحدي الاعتقال وتطوير ذاته يصبح اسيرا لمرض اخر قد يعيق حركته ويؤثر على سياق حياته اليومية، فآلآم الظهر والروماتيزم واوجاع المفاصل لا تميت، ولكنها قد تحول الحياة اليومية للأسير الذي يصاب بها الى جحيم.

هذه الورقة التي امامنا اعتمدت على سبع مقابلات لاسرى فلسطينيين قد تحرروا من سجون الاحتلال، ومن الجنسين ذكورا واناثا، ومنهم من مرضه هو نتاج لتعرضه لاطلاق النار والاصابه اثناء الاعتقال، ومن اصيب بمرض مزمن وخطير ما زال حتى اللحظة يهدد حياته، ومنهم من تعرض لوعكات صحية وامراض غير خطيره وعمليات جراحية اثناء وجوده في المعتقلات الاسرائيلية، كذلك تفاوتت فترة الاعتقال للاشخاص الذي قمت بمقابلتهم ما بين عامين الى 27 عاما داخل المعتقلات الاسرائيلية.

بروتوكول وبيروقراطية سير العملية التمريضية

في الحياة العادية للانسان العادي الذي يعيش بشكل طبيعي، فهو حين يمرض او يشعر بتوعك صحي ما فهو الذي يقرر بحريته ان يذهب الى عيادة ما او طبيب ما في سبيل الحصول على التشخيص المناسب والعلاج المناسب لحالته الصحية، واذا كانت حالته الصحية اكثر خطوره سواءا تعرض لجلطة مثلا او التعرض لاصابة نتيجة حادث ما فان من حوله من اهله او زملائه او اصدقائه هم الذين يقررون مالذي يجب فعله، وكيف ينقلونه لعيادة او طبيب او مستشفى او هل هو بحاجة لسيارة اسعاف مثلا ام لا.

في المعتقل لا تسير الامور بهذه الطريقة فالاسير مقيد الحركة وهنالك من يتحكم بسياق سير حياته على مدار اليوم، يقول الاسير م.ت " مساء كل يقوم الممرض الذي يدوام في المعتقل بجوله على غرف القسم، وهو يحمل عربته المتحركة التي تحمل الادوية ويتوقف امام باب كل غرفة، بتوزيع الادوية، فالبعض له ادوية خاصة بالمعدة، وبعضا اخر لديه دواء خاص بالضغط او السكري وهكذا، واحيانا يظهر ان بعض المرضى لديهم صداع او بوادر انفلونزا فيسالون الممرض عن دواء وحينها يكون الاكمول هو سيد الموقف، وبعض الممرضين يضيف اشرب ماء اكثر"

هذا الممرض ايضا من مهماته ان يقوم بتسجيل المعتقلين الذين يعانون من امراض اخرى ويريدون التسجيل للطبيب، حيث ان معظم المعتقلات الاسرائيلية يوجد فيها طبيب مقيم يوزع ايام عمله ما بين يوم ويومين للقسم الواحد ( بعض السجون تحتوي قسمين وبعضا منها يتكون من اكثر من 10 اقسام) وهو الذي يقرر في كثير من الاحيان ان يقوم بتسجيلك من اجل مقابلة طبيب السجن ام لا، وهنالك بعض المعتقلات التي اصبح فيها دور لممثل القسم في تسجيل المعتقلين الذين يقابلون الطبيب.

قد يعتقد البعض ان الامور تسير بهذه السلاسه ولكن الامور اكثر تعقيدا في كثير من الاحيان، وخاصة للكثير من المعتقلين واثناء فترة التحقيق، يقول المعتقل ع.ح "خلال الايام الاولى من اعتقالي وكنت اخضع للتحقيق في مركز تحقيق المسكوبية وفي لحظات شعرت ان الدنيا ضباب ولا استطيع التقاط نفسي " تم استدعاء الطبيب وبعد ان كشف علي قال لي ان وضعي الصحي عادي واتهمني انني اقوم بالادعاء والتمثيل محاولة مني للخروج من التحقيق، واما انا فاعتقدت في حينها ان الامر لا يعدو كونه اتعاب وارهاق ناتج عن ظروف التحقيق والشبح وقلة الاكل والنوم" هذا المعتقل تبين لاحقا انه يعاني من مشاكل حقيقية في القلب وكادت ان تؤدي بحياته، ولم يأخذ الطبيب الحاله على محمل الجد ولم يقدم العلاج للمعتقل على الرغم انه كان يعيش ظروفا قاسية اثناء التحقيق.

الطبيب العام الذي ينجح المعتقلين بتحديد موعد للقاء به هو موظف في مصلحة السجون الاسرائيلية، وهو الذي يحدد اذا ما كانت الحالة تستدعي الوصول الى طبيب متخصص او ان المعتقل بحاجة الى تدخل جراحي خاص، واذا ما اقتنع الطبيب انه امام حاله تستدعي ذلك فانه يوصي بتحويل المريض الى مستشفى سجن الرمله، يقول المعتقل المحرر م.ت عن مستشفى سجن الرمله " هو عباره عن سجن وبه بعض المعدات الطبية، نعم يوجد اطباء وممرضين ولكن الاسرى هم الذين يعتنون بعضهم ببعض، فهنالك بعض الاسرى الذين مضى على تواجدهم في هذا المكان سنوات ولكن وضعهم الصحي مستقر وهم يعملون بمثابة ممرضين لللاسرى الاخرين".

اما المعتقل المحرر ف. ا الذي تم اجراء عملية جراحية له في مستشفى سجن الرمله عام 1993 فقال "كان البنج موضعي وقد شعرت بالام شديدة اثناء اجراء العملية، وكنت اعتقد انني ساعود الى سجن عسقلان بعد ايام قليله، لكن مكان العملية تعرض للالتهاب بحيث مكثت في مستشفى سجن الرمله والذي كانت اوضاعه مأساوية 40 يوما ما بين مضادات حيوية وادوية اخرى ومسكنات ومغاطس، وكان واضحا لي ان العملية لم تنجح وكان رأي الاطباء بانني بحاجة الى عملية اخرى"

عندما يداهم المريض الالم او اي وعكة ما فهي تختار وقتها ولا تستشير صاحبها ، في المعتقل فالزمن والوقت سيفا على الدوام ولكن قسوته اكثر عندما يتعرض المعتقل لاي طارئ صحي ليلا ، الغرف والاقسام تغلق باحكام ويمنع الدخول او الخروج منها لاي سبب كان بعد العدد المسائي الذي يتم بحدود الساعة السابعه مساءا، وفي مثل هذه الحالة يبدأ المعتقلين في الغرفة والغرف المجاورة بالصراخ والطرق على الابواب، لكن باب الغرفة لا يمكن فتحه الا بقرار من مدير السجن وحضوره مع قوة امنية خاصة، وبالتالي فان حالة المريض المعتقل تبقى رهينة بسرعة تحرك ادارة السجن ونقله للعلاج.

المعتقلين المرضى ما بين السلوك الاهمالي والسياسة المبرمجة للاهمال الطبي

ليس من السهل الجزم والقول ان هنالك حالة اهمال طبية مبرمجة ومخططه من قبل مصلحة السجون الاسرائيلية اتجاه المعتقلين الفلسطينيين المرضى، وربما يكون ذلك بحاجة الى دراسة اوسع وتمحص اكثر في دراسة تفصيله لكيفية تعامل مصلحة السجون الاسرائيلية وطاقمها الطبي مع الاسرى الفلسطينيين، لكن بالمقابل يمكن القول وبسهولة ان بعض الحالات المرضية لمعتقلين فلسطينيين قد تعرضوا للاهمال الطبي مما ادى الى ان يفقدوا حياتهم، او ان يتضاعف مرضهم وياخذ منحى اخر خطير، يقول المعتقل م.ت "اخبرت الطبيب انني اعاني من السعال الحاد ومن الآم في الصدر، لم يقم الطبيب بتحويلي لتصوير اشعه او ماشابه وفقط اخبرني بضرورة الراحة والاكثار من شرب الماء.

فيما بعد شعرت بازدياد حدة السعال والالم في الصدر واستمريت بالخروج الى عيادة السجن كل شهر اوشهرين مره، وكذلك تحولت قضيتي الصحية الى احدى القضايا التي كان يقوم بنقاشها وطرحها ممثل المعتقل مع اكثر من ادارة سجون خاصة انني تنقلت الى اكثر من معتقل خلال فترة اعتقالي الطويله ( جلبوع، مجدو،شطه، النقب، ريمون، وهداريم) كل هذا الحديث والخروج الى عيادة السجن كان بلا فائدة ودون تشخيص لوضعي الصحي وحتى لم يتم اخذ صورة اشعه لي".

ويقول الاسير المريض المحرر ع.ح " خلال عام 2005 زاد وضعي سوءا بحيث قام ممثل المعتقل بالحديث عن وضعي الصحي اكثر من مره مع ادارة السجن، وعلى ضوء المطالبات المتكرره قامت ادارة السجن بتحويلي الى مستشفى سيروكا في بئر السبع حيث قام الطبيب بفحصي وعملوا فحوصات دم وصور اشعة، وتمت اعادتي الى سجن هوليكدار وبعد عدة ايام اخبرتني ادارة السجن ان الاطباء قد قالوا انني مصاب بالسرطان وكان ذلك منتصف عام 2005 " وقد تبين لاحقا ان هذا الاسير لا يعاني من السرطان انما لديه مشكله في القلب وقد تضاعفت وتدهورت قدرة القلب على العمل نتيجة للتشخيص الخاطى ، وعندما تم تشخيصة بذلك كان العلاج الكامل لحالته قد استعصى مما دفع الاطباء الى زرع جهاز مساعد للقلب للابقاء على حياته.

تلعب الفتره المتبقية على الاعتقال دورا في تقديم العلاج للاسير المريض، وخاصة في حالة الاسرى التي لاتوجد خطوره شديدة على حياتهم، ويبدو ان ادارة السجون تحاول تجنب بعض تكاليف العلاج لبعض حالات المعتقلين الذين يقترب تاريخ الافراج عنهم، وبالتالي فهي لا تعطي اهمية كبيره للآلآمهم سواءا الجسدية او النفسية طالما لا تمثل خطرا كبيرا على الحياة، يقول الاسير المحرر ن.ا " انه ولكوني اسير معتقل اداريا، وتاريخ الافراج عني كان محدد بالنسبة لهم فلم تكن ادارة السجن معنية بتقديم العلاج المناسب والتشخيص المناسب لآلآم الارجل عندي، يبدو انهم يقولونلأنفسهم انه سيفرج عني وساتلقى العلاج بنفسي خارج المعتقل" اما الاسيره ع.ع والتي تعرضت الى اصابات حادة في الراس نتيجة رصاصة اطلقها عليها احد رجال الامن " كان بلباس مدني" في مدينة الخليل فلم يتم تقديم العمليات المناسبة او التجميله لها في الراس، ولم تعالج لالام الاذن اليسرى، وبقيت تأخذا المسكنات حتى تم الافراج عنها.

سوء المعاملة والاهانه الانسانية

هنالك وسيلتين لنقل الاسرى المرضى من السجون الى المستشفيات سواءا اكان ذلك الى مستشفى سجن الرمله او المستشفيات الاخرى، فاحيانا يتم نقل الاسير المريض مع مجموعة من الاسرى االاخرين والغير مرضى وذلك في سيارة البوسطة ذات الكراسي الحديدية والتي تتوقف في اكثر من موقع واكثر من سجن، فكيف يتصرف الاسير الذي يعاني من البواسير مثلا، او الروماتيزم والام الظهر والذي يقضي 5 ساعات في التنقل ما بين سجن عوفر مثلا ومستشفى سجن الرمله وهو مقيد في يديه وارجله وقيد اخر ما بين الارجل والايدي، اما الطريقة الثانيه للنقل فهي ما يسمى بالعبرية "ليفوي" اي سياره خاصة لنقل الاسير منفردا وبحراسه اكثر وقيود اكثر كما يقول الاسير المحرر ا.د.

سوء المعامله من قبل طواقم الحراسة الخاصة بنقل الاسرى والتي تسمى النحشون تصل الى درجة موغلة في الاهانه والقسوة في شكلها العام مع السجناء، ولكنها تاخذ معنا اخرا مع السجناء المرضي اثناء نقلهم سواء للمستشفيات او لجلسات المحاكمة

تقول الاسيرة ع.ع "خلال وجودي في سجن هشارون تم ارسالي اربع مرات الى مستشفى هداسا للمراجعه بحيث كان يتم التوقف في سجن المسكوبية واثناء وجودي في غرفة الانتظار في المسكوبية كان يمر الزوار اليهود الذين يزورون اقاربهم من السجناء المدنيين وكانوا دوما يتعرضون لي بالاهانه والاساءة والمسبات واحيانا ضربي اذا ما تمكنوا من ذلك" والسؤال هنا لماذا يقوم الحراس بوضع هذه الاسيره في هذا الموقع وتعريضها للخطر خاصة في ظل حالة التحريض الكبير اتجاه الفلسطينين بشكل عام واتجاه السجناء بشكل خاص ، انه ببساطة تعريض لحياتهم للخطر.

تقول احدى المعتقلات الفلسطينيات في وصف معاناة التنقل في البوسطة الى جلسات المحاكمة "ان رحلة معاناة اضافية قد بدأت بعدما تم البدء بمحاكمتي لقد تنقلت الى محكمة عوفر العسكرية ما يقارب 10 مرات وقاموا بادانتي 3 سنوات في شهر 10 عام 2016، كان يتم اعلامي بانني ساذهب للمحكمة خلال الليل وعند الفجر ما بين الرابعه والخامسة يتم نقلي لسيارة البوسطة مع اسيرات اخريات، سيارة البوسطه سياره للعقاب والمعاناة، خلال ايام البرد لم تكن دافئة وخلال ايام الصيف كنت اشعر بانني اختنق ولم يكن يراعي وضع الصحي ولا جروحي ، ولم اكن قادرة على استخدام الحمام لساعات حتى نصل الى محكمة عوفر او عندما يتم التوقف في سجن الرمله احيانا . كنا نصل لمحكمة عوفر ما بين الساعه 11 -12 ظهرا ويتم وضعي في زانزنة وسخة وضيقة فيها حمام ومغسله ( اتذكر انني قمت بتعداد البلاطات كانت 7 طولا و7 عرضا) لم يكن يوجد بها فرشة او بطانية ( كنت اكره الذهاب للمحكمة بسبب النقل وسيارة البوسطة والزنزانه). وتبدأ رحلة العودة الى السجن وهي طويلة وفيها توقف في سجن الرملة وسجون اخرى الى ان نصل سجن هشارون ما بين الساعه 9 و11 ليلا، واضافت تصوروا انني مررت بذلك اكثر من عشر مرات".

عانى الاسير خ.ز مطولا من التهابات اللوز وراجع الطبيب العام داخل السجن لمرات عديدة واخذ المسكنات والمضادات الحيوية كثيرا وكان رأي اطباء السجن انني بحاجة لعملية جراحية لازالة اللوز ولكنها ليست ملحة ومستعجلة ولا تهدد حياتي, بعد ذلك عملت على ادخال طبيب فلسطيني مختص بالانف والحنجرة وقام بفحصي وكان رايه انني بحاجة لعملية استئصال للوز وان استخدام المضادات والمسكنات لن يفيد واخيرا وصل الاسير الى المستشفى بعد 6 اشهر من تقرير الطبيب الفلسطيني ويقول الاسير في وصف طريقة دخوله الى غرفة العمليات "اوصلني الحراس الى باب غرفة العمليات، وبدأ الاطباء والممرضين يشرحون لي عن العملية والبنج وطلبوا مني التوقيع على ورقة بروتوكول خاص بالعملية، كان قسم العمليات كبير جدا ويبدو انه يحتوي على اكثر من غرفة عمليات وما فهمته هو ان اكثر من عملية تتم بالداخل، طلب الاطباء دخولي ولكن حراس النحشون رفضوا ان ادخل دون حراستهم، ولكن الاطباء رفضوا ذلك بداية وكاد الامر ان ينتهي بعودتي الى السجن دون اجراء العملية، ولكن تم الاتفاق على ان يدخل الحراس بعد ان يتم تعقيم اسلحتهم وان يتم الباسهم لباس خاص بغرف العمليات ، لم ينتهى الامر عند ذلك فقد برزت مشكلة القيود التي في يدي وارجلي وبدأ النقاش من جديد ما بين الاطباء وحراس السجون ، في البداية رفض الحراس فك القيود وحينها قال الطبيب بانه لن يجري العملية ولكن تم الاتفاق على فك قيود الايدي وابقاء قيود الارجل . والبسوني لباس العمليات والذي هو عباره عن روب بالكاد يستر الجسم.

وجدت نفسي على احد الاسره وبدأت افيق من البنج وبعدها مباشرة اقتادني الحراس وطلبوا من ان اقوم بارتداء ملابسي، كان من الصعب علي ان اقوم بذلك خاصة انني كنت في ساحة شبه خارجية والكثير من المراجعين والزوار حولي، رفضت ذلك بالمطلق الى ان اقتنعوا بان يدخلونني سيارة البوسطة واستبدل ملابس بداخلها، تصور ان كل ذلك يجري وانا ما زلت اعاني من اثار البنج، مباشرة بعد ان ارتديت ملابس وانطلقت السيارة نمت ولم اصحى الا عندما وصلت البوسطة الى سجن الرمله"

خلاصة واستنتاج

من الواضح جدا ان العملية التمريضية والعلاج الصحي للمعتقلين المرضى او الذين يعانون من وعكات صحية مفاجئة تشوبها العديد من المثالب والتي بلا شك تؤدي احيانا الى تدهور اوضاع بعض المعتقلين الصحية واحيانا اخرى لا تريحهم من الام المرض لانها لم تقدم لهم العلاج المناسب ، كذلك فان التعامل اللانساني مع المعتقلين المرضى فانه يترك اثارا وندوبا نفسية ليس من السهل محوها والتغلب عليها، ويمكن تلخيص ابرز الانتهاكات ومظاهر الاهمال الطبي بحق الاسرى المرضى بالمحاور التاليه:

الانتظارية والتأخير في تقديم العلاج

في جميع المقابلات التي اجريتها اثناء اعداد هذه الورقة اجمع الاسرى المرضى او الذين كانوا مرضى على وضوح عملية التأخير في تقديم وسائل تشخيص حالتهم ومقابلة طبيب متخصص، او الخضوع الى فحوصات دم متقدمة وصور اشعة او التحويل الى اجراء عملية جراحية، حيث ان معظم هذه الخدمات تقدم من قبل مستشفيات حكومية اسرائيلية وتقوم تغطية تكاليفها مصلحة السجون الاسرائيلية.

الاسير المحرر ف.د والذي كانت عنده الآم بواسير واحتاج لعملية جراحية " مابين تشخيص انه بحاجة الى عملية جراحية واجراء العملية الجراحية اكثر من عام".

الاسير المحرر م.ت والذي عانى من مشاكل حادة بالرئة – تفاقمت حالته الصحية بداية عام 2012 ولكن لم يتم تحويله الى مستشفى متخصص الا في نهاية عام 2012 بعد ان خاض اضرابا عن الطعام.

الاسير المحرر خ.ز واذي اصيب بالفتاك وهو في السجن احتاج لاكثر من 8 اشهر مابين تقرير الطبيب بضرورة اجراء عملية جراحية له واجراء العملية.

الاسيره المحرره ر.ج والتي تعرضت للضرب المبرح في ساحة سجن هشارون للنساء مما ادى الى كسور حادة في فكها واسنانها تركت اكثر من اسبوع حتى تم اخذها للطبيب والعيادة والبدء بتقديم بعض العلاج لها.

التشخيص الخاطئ

ان تكرار موضوع التشخيص الخاطىء مع الكثير من المعتقلين المرضى والذي ادت الى تدهور حالة بعضهم الصحية يؤشر بوضوح الى ان الكفاءات الطبية التي تعمل لدى مصلحة السجون الاسرائيلية ليست بالمستوى المهني المطلوب، وهذا يعنى ويؤكد ان حياة المعتقلين الفسطينيين ومعاناتهم اثناء تعرضهم للمرض ليست ذات اهمية لمصلحة السجون. وان التشخيص الخاطئ والذي تكرر مع اكثر من معتقل يعكس اهمالا طبيا واضحا.

الاذلال والاساءات النفسية

هنالك اكثر من مثال على وضوح الانتهاكات الانسانية بحق الاسرى المرضى، فعملية نقل الاسرى المرضى في سيارة النقل ( البوسطة ) والتى تطول لساعات تمثلا اذلالا واضحا وزيادة في المعاناة لللاسير المريض، كذلك ان تترك اسيره مريضة وتعاني من الجروح في وسط معتقلات مدنيات اسرائيليات يشتمنها ويحاولن الاعتداء عليها تمثل تهديدا واساءه.

اما ان يتم الاصرار من حراس المعتقلين المرضى على ان يرافقوا المعتقل المريض الى داخل غرف العمليات وابقائه مقيدا فلا يوجد شيء اكثر دلاله على المهانه والاساءه النفسية والانتهاك لحقوق الانسان الاساسية.

وان يتم دفع الاسير المريض وهو لم يفيق تماما من اثار البنجالى تبديل ملابسه في ساحة مكشوفة فهذا دلالة الاساءه في المعامله بشكل واضح.