الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ظل كورونا .... أعيادنا مختلفة وأحلامنا مستيقظة

نشر بتاريخ: 26/07/2020 ( آخر تحديث: 26/07/2020 الساعة: 15:11 )

الكاتب: رولا سلامه

لم يكن هذا العام كما الأعوام الماضية ، تميز وتفرد واختلف عما سبقه من أعوام كانت أقل قسوة وأقل خوفا منه ، وقد يقول البعض أنها كانت صعبه ولكنها لم تصل لصعوبة هذا العام ، منذ بداية الربيع أو قبله بأيام ،اقتحمت حياتنا كورونا ، غيرت من حياتنا بل دمرت حياتنا ، أصبحنا نعيش ولا نعيش ، انقلبت حياتنا كليا ، وتبدل نظامنا اليومي ، حتى طعامنا وشرابنا واهتماماتنا ونشاطاتنا وبرنامجنا الصباحي والمسائي ، حتى العطله الاسبوعيه لم يعد لديها رونقها الخاص ، أصبحت الايام تشبه بعضها البعض ، من المنزل للمنزل وأحيانا للمكتب أو المتجر ، نركض من محل لاخر لجمع احتياجاتنا واحتياج المنزل من طعام وشراب ودواء وبعض المستلزمات الطبية والوقائية والمعقمات والكمامات والقفازات ، أشياء لم نكن نعتاد على استخدامها سابقا .

حياتنا خلال كورونا وما بعد كورونا لن تكون كحياتنا قبل كورونا ، فما اعتدنا عليه منذ اجتاحتنا الجائحة حتى يومنا هذا لن ننساه ، وكذلك أطفالنا ، فاغلاق المدارس والجامعات والمساجد والكنائس ودور العبادة ، ولا ننسى الحدائق والمسابح والمطاعم ودور السينما ، كل شيئ بات مختلفا ، ولكن ما حصل معنا وحصل لنا زادنا صلابة وشدة وقوة واصرار على أن الحياة ستستمر والمناسبات أجلت لايام قادمة ولكنها حتما ستأتي ، والمدارس والجامعات ستفتح أبوابها ولن تغلق للأبد ، أعراسنا وأفراحنا ومهرجاناتنا وأيام الغضب والفرح والمسيرات والمؤتمرات ستعود من جديد ، فمن عاش تحت الاحتلال لعشرات السنين ومن تحمل قساوة السجان وبطشه وعتمة سجنه لن يستسلم للمرض ولا للجائحة ، تعلمنا أن العاصفة والزلازل والبراكين لن تنزعنا من أرضنا ولن تكسر صمودنا وعنادنا ، بل ستزيدنا تمسكا بالحياة ، فنحن طلابها ونحن من يستحقها ونحن من ضحى بالغالي والنفيس لأجلها .

الان .. الان . وليس غدا ، سنعلنها للجميع ، ستزول الجائحة ، وتعود الحياة ، وسنعود نحلم ونرسم ونغني ، سنحمل أطفالنا ونركض بهم للمستقبل ، سنزرع الأرض ونفلحها ، ونسقي الزرع ونجمعه ، سنعود لأشغالنا وأعمالنا ودراستنا واحتفالاتنا ، سنذهب للحج والعمره ، وسنحضر ماء زمزم والهدايا ، سنحتفل بالأعياد ونضحي بالحلال ونزين الشجرة ، بالعيد والأعياد سنفرح ، وستمر السنين وسنذكر كورونا وأيام كورونا ولن نبكي ، سنقص القصص لأطفالنا ، قصص الحجر والعزل وكورونا ، قصص التكافل الاجتماعي وقصص التباعد الاجتماعي وما بينهما، وقصص الأعياد بدون الأهل والأصدقاء ، سنتذكر هذه الأيام ولن ننساها .

علمتنا كورونا أن الحياة لن تتوقف ، وأن التعليم سيستمر ، وأن الجامعات لن تقفل ، علمتنا أننا شعب حي لن يموت ، وأننا نتعلم في كل يوم يمر عشرات الدروس ، علمتنا أننا نقع ونعود لنقف من جديد ، علمتنا أن علينا أن نتماسك في الأزمات ونفكر في بعضنا البعض ، علمتنا أن واجبنا الانساني أكبر بكثير مما كنا نتخيل ، وعلمتنا كذلك أن الأمل بداخلنا يتجدد باستمرار ، أنه يكبر ويكبر ويقوى ، وأيضا علمتنا أن واجبنا أن نخدم ونساعد أبناء شعبنا وأن نبادر بالخير ونفكر بالجميع ونحمي الجميع .

أيام قليلة ونحتفل بعيد الأضحى المبارك ، للسنة الأولى يطل علينا دون حجاج يعودون من الديار الحجازية ، ودون ذبح للأضاحي ودون سجادة ومسبحة تأتينا من حاج أو حاجة ودعوة طيبة في أيام مباركه من على جبل عرفه ، أيام ونحتفل بالعيد في ظل كورونا وشعارنا ابقوا في منازلكم وحافظوا على التباعد الاجتماعي ، وحافظوا على أبائكم وأجدادكم وعلى امهاتكم وجداتكم ، وتذكروا أن هذه الأايام ستمر وسنعود للحياة من جديد ، سنعود للاحتفالات وتجهيز الحفلات واقامة الولائم والأفراح وسنتذكر هذه الأيام ونتعلم منها الدروس والعبر .

كل عام وأنتم ومن تحبون بالف خير ، ودمتم بصحة جيده وعافاكم الله وحماكم من الأمراض والويلات ولا تنسوا السؤال عن الحبايب ومعايدتهم هاتفيا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، فنحن جميعا بشر نحب من يهتم بنا ومن يسأل عنا ومن يعايدنا ، وتذكروا جيدا أن بيننا من تأثر بالجائحة وفقد وظيفته أو مصدر دخله وهناك من اشتد عليه المرض وبحاجة لمن يسانده ويساعده ، وتذكروا أننا جميعا بحاجة الى الأمل فلا تنسوا أن تهدوه للبشر .

الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن كورونا وتأثيرها على المجتمع الفلسطيني .