الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

موازنة نادي الأسير

نشر بتاريخ: 30/07/2020 ( آخر تحديث: 30/07/2020 الساعة: 14:01 )

الكاتب: هبه أ. بيضون

إن وجود الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الإحتلال الصهيوني مرتبط بوجود هذا الإحتلال، وبإستمرار ممارساته العنصرية والعدوانية بحق شعبنا وتطلعاته في الحرية والإستقلال، وبما أن هؤلاء الأسرى الذين يقبعون في تلك المعتقلات المقيتة هم ورثة الشهداء، وأحد أهم صفحات النضال الوطني المشرق، كان لا بد من توفير حاضنة لهم ولفعلهم الثوري، بالإضافة إلى توفير الرعاية والإهتمام لذويهم ولعائلاتهم وتلبية إحتياجاتهم المختلفة، وعليه، فقد تم رعاية عائلات الأسرى منذ إنطلاقة الثورة الفلسطينيةبالروح الوطنية ذات البعدين القيمي والإنساني التي أكد عليها الشهيد الراحل ياسر عرفات.

قبل قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وأمام ممارسات الإحتلال الظالمة والمتجبرة، كان ذوي الأسرى يضطرون للسفر إلى مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في الأردنمرة في العام للحصول على مخصصات أبنائهم الأسرى، والتي كانت تتراوح قيمتها آنذاك (40) ديناراً شهرياً للأعزب و (70) ديناراً للمتزوج ، وكانت تلك المبالغ البسيطة بالكاد توفر الحاجات الأساسية للعائلات.

في مطلع تسعينيات القرن الماضيومع بداية المفاوضات، كان معتقل جنيد المركزي الموجود في محافظة نابلس في ذلك الوقت، يمثل الثقل الأساسي وحالة الصدارة والقيادة لباقي المعتقلات،وقد تجلّى ذلك بوضوح تحديداً في إضراب عام 1992،والذي كان الإضراب الأهم من حيث الإنجازات التي حققها، فيما وقف معتقل جنيد بقيادة الأخ المناضل الأسير قدورة فارس، ممثل المعتقل آنذاك، على رأس قيادة هذه المعركة المفصلية.بات هذا المعتقل، بهذه التركيبة القيادية، مدركاً لإحتمالية قرب الإفراجات عن الأسرى كنتيجة حتمية للمفاوضات الجارية حينها، فتم بلورة فكرة مثابها تأسيس جمعية مختصة بالأسرىبحيث تكون وظيفتها رعاية الأسرى وذويهم وإحتضانهم تحت مسمى نادي الأسرى أو الأسير.

بعد تحرر بعض الأسرى في عام 1994 كنتيجة للمفاوصات بين منظمة التحرير وإسرائيل، وكان من بينهم الأخ قدورة فارس، وقد تم تشكيل نادي الأسير، وتحولت الفكرة إلى واقع، علماً أنه لم يكنهناكفي حينه وزارة أسرى أو هيئة شؤون للأسرى أو أي كيان يعنى بالأسرى، الأمر الذي يعني قيام النادي بإحتضان الإسرى وعائلاتهم، والقيام برعايتهم والإهتمام بهم والقيام بجميع الأدوار المطلوبة تجاه أسرانا وذويهم سواء من الناحية القانونية كالمرافعة عنهم أمام المحاكم الإسرائيلية، وزيارتهم من خلال محامي نادي الأسير، و رصد الإنتهاكات التي ترتكب من قبل السلطات الإسرائيلية بحقهم، أو النواحي الإجتماعية أو الإنسانية كالزيارات الميدانية لعائلاتهم والقيام بالواجب الإجتماعي تجاههم في كافة المناسبات للتخفيف من معاناتهم،أو متابعة حالاتهم الطبية،أو التواصل مع الأسرى وقياداتهم داخل المعتقلات للإطلاع على أوضاعهم ومعرفة إحتياجاتهم ، فضلاً عن إحياء يوم الأسير الفلسطيني كل عام، والقيام بالأنشطة والفعاليات الجماهيرية كتنظيم الإعتصامات والوقفات أمام مقرات الصليب الأحمر بصورة دوريةإسناداً للأسرى ولحريتهم الواجبة،خاصة في المحطات المفصلية،وفي مقدمتها معارك الأمعاء الخاوية التي يخوضونها لإنتزاع حقوقهم المشروعة وفق القوانين والمعاهدات الدولية،وكذلك إيصال صوتهم إلى العالم والمنظمات الدولية والحقوقية من خلال عقد الندوات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية لتفعيل قضية الأسيرات والأسرى وإبقائها حية في جميع المحافل، وكذلك نشر كتاباتهم وإصداراتهم الأدبية، وهذا يدلل على مكانة وأهمية نادي الأسير والدور المناط به تجاه الأسرى في معتقلات الإحتلال، فقد كان ولا زال خير معبر عنهم، وخير من يمثلهم ويدافع عن حقوقهم ويستجيب لمطالبهم، ما أدّى إلى إتساع دور وزيادة مهام ومسئوليات نادي الأسير، فاضطر لفتح فروع له في كافة محاقظات الوطن، خاصة بعد إرتفاع أعداد الأسرى في الإنتفاضة الثانية، بالإضافة إلى توظيف العديد من الأشخاص في هذه الفروع منهم أسرى سابقين أو من ذوي الأسرى، ما أدّى إلى زيادة في الموازنة التشغيلية للنادي للتمكن من الوفاء بإلتزاماته والقيام بمهامه.وعليه، فقد تم تخصيص هذه الموازنة التشغيلية للنادي من مكتب الرئيس الشهيد أبو عمار بإعتباره مؤسسة وطنية تحتضن المناضلين وعائلاتهم من أسرى وشهداء وجرحى.

منذ ما يقارب السنتين لم يتلقى النادي الموازنة التشغيلية للإنفاق على فروع النادي وعلى الموظفين في مختلف المحافظات، ما دفع إدارة النادي لإتخاذ القرار الصعب والمؤلم بإغلاق كافة الفروع قصراً والإبقاء على مكتبي رام الله وقلقيلية فقط كون ملكيتها تعود للنادي ولا يترتب عليها أي مستحقات كالإيجارات.

.

في ظل هذا الوضع، كان لا بد أن يكون هناك صرخة ألم وإستغاثة للتسهيل على هذه الجمعية الوطنية بإمتياز " جمعية أو نادي الأسير الفلسطيني" لإستمرار الدور الوطني والهام الذي تقوم به تجاه أسرانا الأبطال وذويهم وعائلاتهم ، هذا الدور القانوني والخدماتي والإنساني والطبي والإجتماعي.

ومن هناك أطلق نداء موجه لسيادة الرئيس محمود عباس، أب الأسرى والحاضن لهم ولقضيتهم العادلة،والذي دافع عنهم وعن قضيتهم على جميع المنصات وعلى منبر الأمم المتحدة، والذي وقف في وجه الإسرائيليين وتصدّى لهم وتحداهم ولم يخضع للضغوطات المهولة التي مورست عليه ليتخلى عن الأسرى والشهداء ويقطع عنهم مخصصاتهم فأبى، وقال إنه لو بقي معنا قرشاً واحداً فإنه سيذهب إليهم. ثقتنا بككبيرة ومطلقة سيادة الرئيس، بأن تتكرم بإعطاء تعليماتك وتوجيهاتك إلى وزارة المالية بأن تعطى موازنة نادي الأسير الأولوية لكي تستمر في عطائها اللامحدود والهام وخدماتها الضرورية لأولئك الذين ضحوا بأعمارهم وزهرة شبابهم من أجل الوطن ، هؤلاء الذين دافعوا عن كرامة الأمة العربية كاملة وليس فقط عن كرامة الشعب الفلسطيني...فهم يستحقون منا الإستمرار بخدمتهم ومتابعة أمورهم وتلبية إحتياجاتهم كما عودناهم دون أي تقصير بحقهم أو بحق عائلاتهم.