الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مواجهة مخططات الضم و"كورونا" وانتشار الجريمة

نشر بتاريخ: 08/08/2020 ( آخر تحديث: 08/08/2020 الساعة: 18:19 )

الكاتب:  ربحي دولة

نعيش هذه الأيام في أوضاع صعبة من كل الاتجاهات، حيث على الصعيد السياسي : تستمر دولة الاحتلال في ممارساتها بحق شعبنا من قتل واعتقال وهدم للبيوت ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات لتنفيذ خطة الضم التي تبنتها هذه الحكومة العنصرية انسجاماً مع خطة ترمب التي خطت بأيدي صهيونية.
وكان لتحديد موعد التنفيذ ردات فعل عربية ودولية رافضة لمجمل هذا المشروع التصفوي الذي يهدف الى إنهاء حل الدولتين القائم على إقامة الدولة الفلسطينية ذات تواصل جغرافي وتتمتع بالسيادة الكاملة على حيزها، فيما تراجعت دولة الاحتلال عن الموعد الذي حددته لتمتص الغضب الذي حدث بعد الإعلان، لاسيما بعد قيام القيادة الفلسطينية بالتحلل من كل الاتفاقات الموقعة مع الاحتلال الذي لم يلتزم بها ووقف كل أشكال الاتصال والتواصل مع دولة الكيان، لكنها فعليا لم تتوقف عن تنفيذ خطة الضم وباشرت بتنفيذها خطوة خطوة لفرضها على الارض كسياسة أمر واقع طالما مارسته اسرائيل منذ اللحظة الاولى لقيام هذا الكيان على أرضنا.
اما من الناحية الصحية فالوضع في فلسطين يزداد سوءا بفعل عدم الالتزام والاكتراث من قبل المواطنين، فبعد أن كانت فلسطين من أولى الدول في العالم في التعامل مع جائحة كورونا أصبحت الآن من الدول الأولى في العالم من حيث نسبة انتشار الفيروس والعدوى وعدد الاصابات التي تسجل يوميا، وأصبحت حالة الوفيات تقترب من المئة حالة بعد أن كانت ثلاث او أربع حالات في المرحلة الاولى وذلك لعدة عوامل أهمها ضعف تحمل المواطن لكل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة في مواجهة هذا الوباء وحالة التشكيك التي مارسها بعض المغرضين الذين يبثون سمومهم من خلال اللعب على الوتر الديني من خلال تصوير أن ما يجري هو استهداف لدور العبادة لمنع إقامة الصلوات ومنهم من صورها على أنها مؤامرة لتمرير صفقة القرن، وبالتالي نجحت هذه الاشاعات من التأثير على نفس المواطن الذي انهك نتيجة هذه الظروف الصعبة.
أما من الناحية الاقتصادية فالوضع يزداد سوءا، حيث فقد العديد من أبناء شعبنا مصدر رزقهم نتيجة الاغلاقات المستمرة، وكذلك أصحاب المنشات الصغيرة الذين انهارت مصالحهم، اضافة الوضع المالي الصعب للسلطة الوطنية نتيجة حالة القرصنة التي تمارسها دولة الاحتلال على أموال "المقاصة" من أجل اركاع شعبنا وإرغام قيادته على القبول بالمخططات الصهيوامريكية والتي تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية، هذه القرصنة التي أوصلت الحكومة الفلسطينية الى عدم قدرتها على دفع الرواتب لجيش الموظفين الذين يشكلون نسبة عالية من مجتمعنا ورواتبهم كانت تحدث حركة كبيرة في السوق الفلسطيني.
أما على الصعيد الاجتماعي فهو انعكاس لما سبق جميعه، فالمعطيات السابقة أوصلتنا الى مرحلة الخطر في منظومتنا الاجتماعية، فسجلت حالات قتل كثيرة في مختلف مدننا من شمالها الى جنوبها قتل على خلافات مالية أو على قضايا ما يُسمى "القتل على قضايا الشرف" لا أساس لها من الصحة وقتل تحت اي مسمى، هذه الظاهرة كانت شبه منعدمة في السابق بفعل الوعي الكبير لدى أبناء شعبنا وحرصهم على الحفاظ على النسيج الاجتماعي وسيادة القانون، لكن في هذه الظروف ضعف القانون وانفقد الوعي وأصبحت الجريمة منتشرة والتي كان آخرها أحد شباب محافظة رام الله والبيرة والذي أصيب برصاص طائش ومتهور وقتل بدم بارد. إن هذا الوضع نذير خطر على نسيجنا الوطني والاجتماعي ويهدد قدرتنا على مواجهة الخطر الأكبر الذي يواجهنا وهو الاحتلال ومخططاته التصفويه ما يتطلب منا وقفة جادة وموقف مسؤول من الجميع لإعادة المسار الى وضعه الطبيعي والى وقف مسلسل الجريمة الذي بدأ ينتشر والذي يحتاج الى موقف مثل الموقف المسؤول الذي مثله أحد أعمدة القيادة الفلسطينيه الأخ حسين الشيخ الذي فقد قرة عينه وهو شقيقه نتيجة الاحداث المؤسفة الأخيرة التي جرت في رام الله والذي دعا باسم ما يمثله من بعد عائلي ووطني وسياسي الى أن تكون دماء أخيه هي نقطة تحول نحو العودة الى الوعي الوطني والاجتماعي للحفاظ على النسيج الاجتماعي لتقوية الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وقال مقولته الشهيرة " تقطع يدي اذا كانت سبب في زعزعة النسيج الاجتماعي ".
هذا الموقف من شخص مسؤول يجعلنا نعيد التفكير في كيفية إعادة توجيه بوصلتنا وتحديد أولوياتنا ورص صفوفنا وإعادة الروح الى هذا الشعب العظيم لدعم خطوات القيادة في معركتها ضد الاحتلال والتي تخوضها في كل الاتجاهات نحو الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

* كاتب وسياسي / رئيس بلدية بيتونيا