الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة في احتفالية اتفاق التطبيع "ابراهام" الإماراتي الإسرائيلي الأمريكي

نشر بتاريخ: 20/09/2020 ( آخر تحديث: 20/09/2020 الساعة: 23:04 )

الكاتب: د. سعيد شاهين








ما لم تشر اليه وسائل الإعلام ولا عديد المحللين هو الهدية التي قدمها نتنياهو لترامب في البيت الابيض، والتي تمثلت في مفتاح يعتليه صورة للبيت الابيض، وهذا ربما من أكثر التفاصيل التي استوقفتني في مراسم توقيع اتفاق التطبيع مع دولتي الامارات والبحرين، والتي تعتبر اهانة للشعور الوطني الأمريكي وسابقة دبلوماسية غير معهودة تشير الى إحكام اللوبي الصهيوني قبضته على زمام السياسة الأمريكية ونتائج العملية الانتخابية ومخرجاتها و تحكم إسرائيل في كثير من قرارات السياسة الخارجية وبعض من أمور الشأن السياسي الداخلي للولايات المتحدة الأمريكية .
وكأن نتنياهو اراد ان يقول للعالم العربي والإسلامي على الاقل من خلال هذه الهدية وأمام الصحافة وللرأي العام الإسرائيلي انني انا هو من يقرر ، من هو رئيس الولايات المتحدة القادم وان مفاتيح البيت الأبيض في يدي .
أي اساءة يوجهها هذا الصهيوني للأمة الامريكية التي لا تعرف الا القليل عن السياسة الخارجية بسبب انشغالها في الضرائب والرعاية الصحية والأعاصير والمثلية ومواجهة فايروس كورونا ؟؟؟؟
هذه الواقعة تعيد الى الاذهان التهديد الذي وجهه نتنياهو للرئيس الأميركي السابق بل كلنتون في اعقاب مساعيه لفرض تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومحاولة اقناع الاخير للرئيس عرفات بقبول عرضه لانهاء الصراع، لكن نتنياهو حينها هدد كلنتون قائلا له : " لن تحصل على مفاتيح البيت الأبيض الا بموافقتي ودخولك أو عدمه اليه مرهون بيدي .
وفي نقطه اخرى ليست بغريبة على سلوك ترامب السياسي عندما أشار الى ان السلام تصنعة القوة وحدها القوة وايده في ذلك نظيره نتنياهو ، وكأنهما دويتو في مسرحية غنائية هزلية، ثم تابعا ان هذا ما جعلنا نجلب البحرين والامارات الى هذا الاتفاق التاريخي وفي غضون مدة قصيرة وسوف تتبعهما دول اخرى الى جانب الفلسطينيون الذين سينضمون اليه قريباً !!!.
اما وزيرا خارجية البحرين والإمارات وقفا جانباً في مشهد ذلة كبيرة بعد سماع مواقف ترامب ونتنياهو محاولين ابتلاع هذا المشهد، الذي حط من مكانة دولتيهما خاصة بعد ان قال ترامب اننا جلبنا هذه الدول للسلام وكانه يتحدث عن قطيع من الأبقار.
المبكي المخزي ان عبدالله بن زايد وعبد اللطيف الزياني وفي اثناء الاحتفالية تعمد رئيس وزراء دولة الاحتلال ورئيس الولايات المتحدة ابقائهما يسيران خلفهما في محاولة لاقناع الرأي العام الامريكي والإسرائيلي انهما حققا انتصاراً تاريخياً ، ما يؤكد ان كليهما لا يضيعان اي فرصة لاستغلال وسائل الإعلام التي تواجدت بكثافة، وذلك لصالح خروجهما من الضغوط السياسية التي يمارسها عليهما الراي العام الامريكي والإسرائيلي وما تتداوله وسائل الإعلام بخصوص نتائج استطلاعات الرأي العام التي اظهرت ان بايدن يتقدم عليه والآخر تلاحقه وتطارده ملفات الفساد .

رسالة القوة التي بعثا بها ترامب ونتنياهو اعتقد انها يجب ان تصل الى القيادة الفلسطينية التي تم استثناؤها وتهميشها والاستعانة بالبحرين والامارات عوضا عنها لحل الصراع ومفادها ان الرئيس عباس لم يعد يمتلك عناصر القوة التي تدفعنا للتفاوض معه، فالانقسام ما زال قائما والعمل المقاوم في الضفة تم استاصاله والوعي الوطني تم كيه الى حد لم تعد منظمة التحرير الفلسطينية بكل مكوناتها قادرة على تنظيم مسيرة سلمية حاشدة ضمن نضالها السلمي الشعبي !!!!!
وفي الطرف الآخر هناك القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان والذي اشير اليه همسا على لسان ترامب بان الفلسطينيين قريبا سينضمون الى الإتفاق وجاء التأكيد على لسان ديفيد فريدمان بقوله ان امريكا تفكر في تنصيب دحلان زعيما جديدا بديلا للرئيس عباس رغم نفي دحلان لذلك معتبرا هذا التصريح محاولة للعبث في الساحة الفلسطينية مشيرا دحلان الى ان الانتخابات هي التي تمنح الشرعية لقيادة الشعب الفلسطيني وليست امريكا.
إنَ استبعاد الفلسطينيين وقضيتهم من المشهد وعدم ذكرهم في معرض مراسم التوقيع سوا بعشر كلمات فقط وردت على لسان ترامب وعبدالله بن زايد تؤكد على اهمية الفلسطينين في اي اتفاق سلام، وليس العكس والرد الفلسطيني على تغييبهم والتغني بالقوة من قبل ترامب ونتنياهو جاء بليغاً من غزة وبمنطق القوة الذي تغنى به الاثنان عبر رشقة من الصواريخ، اكدت ان الطريق الى السلام لم ولن يتحقق الا عبر بوابة الفلسطينيين بعد الاقرار بحقوقهم التاريخية في فلسطين غير القابلة للتصرف من القريب قبل البعيد .
المواقف العربية سبق وتم ترجمتها في لقاء الجامعة العربية ومواقف بعض الدول العربية المحورية التي رحبت وشجعت وبعضها الاخر التزم الصمت خوفا من اغضاب حلفائهم من امريكان واوروبيين باستثناء ما نشرته
صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية، والتي اوردت مقال اكدت فيه ان الملك سلمان ليس على علم باتفاق التطبيع وان نجله ولي العهد محمد لم يبلغه بذلك الاتفاق، مما اثار حفيظته، وما يدلل على رفض بن سلمان لذلك عدم حضور محمد بن زايد وملك البحرين وممثلين عن السعودية ومستوى التمثيل البحراني المنخفض.
اتفاق التطبيع المخزي ونهج التطبيع لن يجلب السلام للمنطقة ما دام الشعب الفلسطيني متمسكا بحقه في تقرير مصيره بنفسه وبناء دولته حتى وان اجتمع العالم كله على فرض تسويه تنتقص من الحقوق وتلتف على الثوابت ومبادئ القانون الدولي الذي كفل هذا الحق للشعب الفلسطيني المتجذر على هذه الارض - ارض الاباء والأجداد.