الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تضاؤل الخيارات المتاحة

نشر بتاريخ: 21/09/2020 ( آخر تحديث: 21/09/2020 الساعة: 18:17 )

الكاتب: بهاء رحال

هل استطاع ترامب ونتنياهو محاصرة الفلسطينيين وقيادتهم؟ وهل ينجحون في عزلهم عن عمقهم العربي بالتفاف مفاجئ، استطاع حتى اليوم عقد اتفاقيات ومعاهدات تطبيع ليس آخرها ما جرى مع الإمارات والبحرين، بل كما يظهر بأنها بداية الهرولة نحو التطبيع مع الكيان مقابل السلام، وليس مقابل الأرض كما اتفق العرب في المبادرة العربية للسلام عام 2002. هرولة شكلت حالة اضعاف للموقف الفلسطيني، وأدت إلى تضاؤل الخيارات المتاحة في الوقت الراهن.

ووسط ما يعصف بالمنطقة بشكل عام، والحالة العربية برمتها في ظل تراجع المواقف العربية، فإن القضية الفلسطينية تعيش أخطر مراحلها، وما يلوح بالأفق من تصريحات يؤكد أن القادم سيكون صعباً، إذا ما ازداد الحصار العربي الموشح بالسلام المزعوم مقابل السلام، وهذا يتطلب استراتيجية جديدة فلسطينيناً، تكون قادرة على الصمود في وجه التحديات، والأخطار الحقيقية التي تحدق بالقضية الفلسطينية، وتستهدف بالأساس حق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي تقرير المصير كما نصت كل المواثيق الدولية.

التظاهرات الشعبية التي خرجت في البحرين ضد ما قامت به حكومتهم يظهر أن التضامن الشعبي العربي لا زال حاضراً، إلا أن القرار الرسمي يتجاهل هذه الإرادة الشعبية، في رضوخ واضح لعمليات الضغط والابتزاز الأمريكي، وعلى هذا النحو فإن ما قد نشهده في الأيام القادمة من تفاهمات واتفاقيات جديدة، تخدم بالأساس معركة ترامب الانتخابية، وتمنحه قوة في مواجهة خصمه الذي تشير بعض استطلاعات الرأي إلى تقدمه على منافسه. كما تمثل هدايا مجانية لنتنياهو الذي يعيش هذه الأيام فرحة انتصاراته بما حققه من خرق للموقف الرسمي العربي.

الاعتلال العربي المصاب بهذا التهاوي في المواقف، والأصوات التي خرجت علينا لا ترقب فينا إلاً ولا ذمة، وهم يجاهرون بمواقف بلادهم، وقد شكلت تلك الاتفاقيات طعنة حادة في الخاصرة الفلسطينية، الأمر الذي وضع الكل الفلسطيني في حالة من الذهول، ولكن وبعد أن تجاوزنا الصدمة الأولى، بتنا أكثر قوة وقدرة على المواجهة، وقد انكشف لنا العدو من الصديق، واتضحت الصورة وانقشعت غيوم الشعارات الكاذبة، ليكون السؤال، ترى؛ ما الذي جناه المطبعون أو سيجنوه من وراء هذا التطبيع؟ وما هي الفوائد التي ستعود عليهم؟ وهل تستحق فلسطين كل هذا الخذلان؟

فلسطينيناً باتت الصورة واضحة، ووفق الواقع العربي الجديد لا تزال فلسطين قوية وقادرة على الرفض، ولكن تحتاج السياسة الفلسطينية إلى وضع خطط جديدة في غاية الاتقان، وبجدية الفعل في الميدان، وهذا ممكن وليس ببعيد، وهذا يحتم فلسطينياً أن يتم تبديل بعض السياسات بما يخدم واستراتيجيات جديدة، هدفها درء هذا التهديد الذي تتعرض القضية الفلسطينية برمتها.

تضاؤل الخيارات المتاحة فلسطينياً لا يعني التسليم بالأمر الواقع، ولو بلغ الخذلان ما بلغ، ولا يعني أبداً الانجرار مع من هرولوا وراء صفقة القرن وعمليات التطبيع المجانية، ولكن يعني أن تبقى أل "لا" الفلسطينية حاضرة، وأن يتم تحصين الجبهة الداخلية بما يضمن، استمرار الصمود في وجه المخططات والسياسات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.