الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أمريكا وإسرائيل من أيزنهاور إلى ترامب

نشر بتاريخ: 26/09/2020 ( آخر تحديث: 26/09/2020 الساعة: 15:34 )

الكاتب: د. ناجي صادق شراب

لماذا أيزنهاور وقبله كثيرون وخصوصا الرئيس ترومان الذى أعترف بإسرائيل كدولة بعد 11 دقيقيه من القرار الأممى رقم 181لعام 1948؟ ولماذا ترامب ؟اما ولماذا ترامب فالإجابه تجسدت في العديد من القرارات التي أتخذها قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس وألإعتراف بها عاصمة موحده لإسرائيل ، وقراراه بوقف الدعم لوكالة الغوث اللاجئيين تمهيدا لشطب قضية اللاجئيين، وصفقة القرن التي جاءت إستجابة وترجمة كاملة لإحتياجات إسرائيل ألأمنية ولا وجود فلسطينى حقيقى فيها, وإعترافه بضم الجولان لإسرائيل، والضؤ الأخضر بضم منطقة ألأغوار الفلسطينية لإسرائيلية ليقتل اى إمكانية لحل الدولتين، ناهيك عن الدفع في إتجاه السلام الإقليمى والقبول بإسرائيل دولة عاديه دون الإلتزام بالمبادرة العربية.وإبتداء كما في جاء في نظرية الرجل العظيم للكاتب والمؤرخ توماس كارليل أن القاده العظام هم القادرون على التوصل لتسويات لأكثر المنازعات الدولية تعقيدا بما فيها القضية الفلسطينية .وكما أكد المؤرخون كيجان أن الجزء ألأكبر من القرن العشرين كتبته السيرة الذاتية لقاده كبار أمثال لينين وستالين وهتلر وتشرتشل وروزفلت. وما علاقة ذلك بمقالة اليوم ؟ نعم القدة العظام هم القادرون على الوصول لتسوية دائمه للصراع الفلسطينى الإسرائيلي.وهنا المقارنه بين الرئيس أيزنهاور والرئيس ترامب فيما يخص قدرة الولايات المتحده على فرض قرارها على إسرائيل عندما تقتضى المصلحة الأمريكية العليا ذلك, وهنا ينبغي التأكيد على أن الولايات المتحدة دولة عظمى لها مصالحها وأهداف سياستها الخارجية النابعة من رؤيتها لأمنها وإسرائيل دولة لها مصالحها العليا وليس بالضرورة التطابق بين المفهومين، فقد يحدث تعارض بين المصلحتين. لكن القاعدة العامة والتي لم يشذ عنها حتى الرئيس أيزنهاور الإلتزام بامن وبقاء إسرائيل وذلك لأسباب وعوامل تتعلق بقوة اللوبى الصهيوني ودور الوكاله الذى تقوم به إسرائيل والثقة الثابته في هذا الدور ودور الإنجليكيين في اى انتخابات أمريكية . أما لماذا الرئيس أيزنهاور ؟لأنه الوحيد الذى فرض القرار الأمريكي ، ولم يخضع للضغوطات ألإسرائيلية وذلك في اعقاب العدوان الثلاثى الذى قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر واحتلت بموجبه كل سيناء وكل غزه.ومارس ضغطا على إسرائيل وأصر على الإنسحاب بدون ثمن. وقوله:هل يمكن السماح لدولة هاجمت وأحتلت أراضى دولة أخرى بفرض شروط مقابل إنسحابها.وإذا ما كان ألأمر كذلك نكون قد أدرنا عقارب ساعة النظام الدولى إلى الوراء.وما يميز الرئيس أيزنهاور أنه سياسى وجنرال عسكرى شغل منصب الرئيس الرابع والثلاثين ، وحكم لفترتين رئاسيتين 1953 – 1961
وتولى قيادة الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الثانية.وقائد لقوات الحلفاء في أوروبا. فاز عن الحزب الجمهورى .وقاد حملة ضد الشيوعية والفساد وكوريا وهدد بإستخدام القوة النووية لإنهاء الحرب الكورية. وحقق نصرا ساحقا على منافسه الديموقراطى آدلاى ستيفينسون. وحكم فتره من أهم الفترات في العلاقات ألأمريكية السوفيتية، وأقترن أسمه بمبدأ أيزنهاور وبموجبه تقدم أمريكا كل مساعده إقتصادية وعسكريه لأى دوله يتهددها الخطر السوفيتى . وأقترن إسمه باسم أمريكا قوة عالميه.وأعتبر من أعظم رؤساء أمريكا وأكثرهم إثارة وشعبيه.والملفت في إدارته حدوث أول إتصال بين إدارته وبين حركة الأخوان بأول لقاء تم في عهده عام 1953 مع سعيد رمضان زوج ألأبنه الصغرى لحسن البناء مؤسس حركة الأخوان. وجاء هذا اللقاء بترتيب من وكالة المخابرات الأمريكية وتشجيع من المستشرق برنارد لويس الذى شجع على تفكيك المنطقة على أسس مذهبية وعرقيه. ولا ننسى مماطلة إدارته لطلبات مصر بالتسلح في عهد الرئيس عبد الناصر وتوجه مصر لعقد أول صفقة سلاح تشيكيه. وهو ما عارضته أمريكا. ما يعنينا في سياساته انه قد ميز بين مصالح أمريكا العليا ومصالح إسرائيل، وألأولوية للمصالح ألأمريكية. وهذا سبب ضغطه على إسرائيل بالإنسحاب بعد عدوان 1956 دون ثمن. هذا الموقف لم يتكرر ثانية في إدارة رئاسية لاحقه، بل نلاحظ مكافأة إسرائيل على سياساتها. وموقف أيزنهاور لا يعنى أنه قد تخلى عن دعم إسرائيل، بل الإلتزام بامنها قائم،ولعل هذا سبب عدم الإستجابة لحاجة مصر للسلاح. هذا الموقف لا يمكن مقارنته بإدارة الرئيس ترامب فالفارق كبير بين الشخصيتين ،الأول سياسى من قلب النخبة التقليدية بخلفية عسكريه شامله تقف وراء كل قراراته ، وهى التي تفسر لنا معارضته الشديدة للنفوذ السوفيتى وتمدده والعمل على إحتوائه، أما ترامب فهو من خارج الطبقة التقليدية رجل أعمال تحكم قراراته مسألة الربح والخسارة وعقد الصفقات ، شخصية ساديه أنانية عكس أيزنهاور . هذه الشخصية السادية هي التي تفسر لنا الموقف الداعم المطلق لإسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية التي لا يعترف بوجودها. اما أيزنهاور فقد ادرك أهمية المنطقة ألإستراتيجية والنفطيه وحرصه على ملء فراغ القوة بالتواجد العسكرى ، وعكس ترامب الذى يعمل على إنحسار الدور الأمريكي في المنطقة مما ساهم في بروز دور روسيا ودور القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا. وألأهم في المقارنة أن الرئيس أيزنهاور فكر بلغة المصالح ألإستراتيجية العليا لأمريكية اما ترامب فيفكر كيف يعاد إنتخابه، وهو العامل الذى لم يؤثر في قرار الرئيس أيزنهاور الذى مارس س ضغوطاته على إسرائيل بالإنسحاب في فترة رئاسته ألأولى..فالرئيس أيزنهاور ربط بين النفوذ السياسى وألأيدولوجى والقيمى والإنتشار والتمدد العسكرى ألأمريكى وبناء قواعد عسكرية وهى السياسة التي عبر عنها في رسالته للكونجرس في أوائل العام 1957 والتي عرفت بمبدأ أيزنهاور, الفارق كبير بين النموذجين ، ولو قيض القدر ان يكون الرئيس أيزنهاور الآن لأمكن التوصل إلى تسوسة سياسيه للصراع الفلسطينى الإسرائيلي لا العمل على ديمومته بصفقة القرن التي تبناها ترامب. أيزنهاور رجل دول وليس مجرد سياسى ، أماترامب فليس رجل دوله ومجرد سياسى يبحث له عن دور.ولو كان حيا لتحدث بقوة وصراحة عن المخاطر التي تواجه السياسة ألأمريكية بسبب التأييد الكامل لإسرائيل.. ويبقى القول أن لا أحد ينكر دور إسرائيل في السياسة ألأمريكية وتفاوته من رئيس لآخر.