الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بحث حول الإبراهيمية

نشر بتاريخ: 06/10/2020 ( آخر تحديث: 06/10/2020 الساعة: 18:22 )

الكاتب: هبه أ. بيضون

إن جميع ما سأذكره هو ما توصلت إليه وقالته باحثه مصرية إسمها د. هبه جمال الدين خلال مقابلة لها مع إحدى الفضائيات، حيث أن بحثها هو الأول باللغة العربية الذي يبحث مفهوم " الإبراهيمية" ، وتأتي أهميته بأن الباحثه اطلعت على ما يسمى "بالوثيقة" وأن بحثها تزامن مع الأحداث منذ تولي ترامب ولايته ، حيث أفصح وإدارته عن أمور هي نتاج أبحاث ودراسات تآمرية منذ زمن، ومع إتفاق التحالف الإسرائيلي الإماراتي الموصوف من قبل ترامب " بالإتفاق الإبراهيمي" نسبة إلى سيدنا إبراهيم . أنا بدوري أنقل جزءاً من المعلومات التي جاءت في البحث كما هي دون تعليق أو مناقشة أو إضافة، إيماناً مني بضرورة المعرفة ولخطورة الموضوع وللتفكير بكيفية التصدي له.

بدأت فكرة " الدين الإبراهيمي العالمي" سنة 1990 ، حين قام السجين المصري في الولايات المتحدة سيد نصيربعمل دراسة قدّم من خلالها فكرة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، ورفع مذكرة إلى هيلاري كلينتون سنة 1991 تفيد يإن لديه ما يخدم المشروع والأمن القومي الأمريكي، وتلخصت الفكرة بإقامة إتحاد فدرالي إبراهيمي بين إسرائيل وفلسطين، لم ترد عليه هيلاري ، فأعاد الكرة إلى أن ردّ عليه ديك تشيني، نائب الرئيس في ولاية بوش الإبن وأخبره أن رسالته وصلت.

يستخدم المقترح سيدنا إبراهيم لحل الصراع العربي الإسرائيلي، على أساس أنه شخصية دينية مقبولة يجمع عليها جميع الأديان لتكون مدخلاً لقبول إسرائيل، وتتمثل بأن يكون هناك جواز سفر إبراهيمي ودولة إبراهيمية وجيش إبراهيمي ، ودستور للدوله الإبراهيمية هو القيم المشتركة بين الأديان الثلاثة، أما حدود الدولة فتكون فلسطين وإسرائيل.

تبنّى الأمريكان فكرة نصير واختبرتها مراكز الفكر الأمريكية، طوروها ووسعوا نطاقها لتصبح " الولايات المتحدة الإبراهيمية"، تضم كل الدول العربية (المغرب العربي ودول الجزيرة العربية مع إيران وتركيا وإسرائيل) على شكل إتحاد فدرالي، وأن تكون إسرائيل وتركيا في السلطة الفدرالية، وتتمثل شرعية وجودهم في السلطة الفدرالية في امتلاكهم واستخدامهم التكنولوجيا اللازمة لإدارة الموارد النادرة في المنطقة والتي تنفردان بامتلاكها، ولعدم توفرها في الدول التي تملك الموارد، لتصبح لدى إسرائيل وتركيا تحكم مركزي في الموارد.

فالإبراهيمية هي فكرة تبحث عن المشترك بين الأديان الثلاثة من قيم روحية مشتركة، وتنحي المختلف عليه، إما بهدف دعم التسامح، أو بهدف سياسي وهو أن تكون وسيلة لحل الصراعات المختلفة، ومنها (الصراع العربي الإسرائيلي).

والبحث عن المشترك بين الأديان يعني إعادة قراءة وتأويل النص الديني بناء على المشترك بين الأديان ، ووضع القيم المشتركة على الخريطة السياسية، ويكون ذلك من خلال جمع رجال الدين مع الساسة في حلقات إسمها Track to diplomacy ، وهي عبارة عن تفاوض غير رسمي لمعرفة سقف التفاوض، يتحول بعد فترة إلى تفاوض رسمي ترعاه وزارة الخارجية للدول المعنية، ثم جمع رجال الدين مع السياسيين على أن يأخذ السياسيون ما اتفق عليه رجال الدين للأديان الثلاثة كمشترك ويضعوه على الخريطة السياسية.

بدأ مشروع خلق مفهوم الإبراهيمية عام 1990 ، وبدأ التنفيذ عام 2000 ، وبدأت مأسسته في وزارة الخارجية الأمريكية عام 2013، عندما كانت كلينتون وزيرة للخارجية ، حيث جمعت دبلوماسيين وسياسيين مع رجال دين من الطوائف المختلفة للأديان الثلاثة، وكان الساسة المفاوضون يعملون برعاية وزارة الخارجية، وبعد حوار ومناقشة بين الطرفين عن القيم المشتركة بين الأديان ، وضع ما تم التوصل إليه في كتاب يدعى القدسية، وهي نزع القدسية عن المقدس، فتزول القدسية عن الكتب السماوية لتصبح القدسية هي الكتاب الجديد الذي جمع المشترك الذي تم الإتفاق عليه، وكذلك نزع القدسية عن دور العبادة القديمة ( المسجد والكنيسة والمعبد) لتصبح القدسية لأماكن عبادة إبراهيمية جديدة .

وحسب الباحثه، فإن هذا المشروع قائم الآن على الأرض بتشعب، وله عدة أدوات للتنفيذ، وهي:

أولاً: القادة الروحيين، وهم رجال الدين الذين يحظون بمكانة واحترام، وهم من الصوفيين، حيث أن هناك منظمات تدّعي الصوفية العالمية وتتحدث عن فكرة المسار المفتوح، أي أن يؤمن الشخص بفكرة تطبق عالمياً، وليس بالضرورة أن يكون مؤمناً بدين، هنا يأتي دور الصوفي كأحد أدوات التطبيق، حيث يدخل كقائد روحي مع الدبلوماسيين والسياسيين.

ثانياً: عملت وزارة الخارجية الأمريكية أيضاً على مشروع تنفيذي إسمه " شبكة الشبكات" ، التي تضم القادة الروحانيين، ومراكز الفكرالإبراهيمية، وجامعات محلية وفيها ما يسمى "أسر السلام" التي تقوم بحل القضايا ذات الخلفية الدينية .

تقوم أسر السلام تلك بأعمال إنسانية في الدول، وتقرب وجهات النظر بين الأديان، تضم قادة روحيين من جنسيات مختلفة، بينهم محليين وبينهم شخصيات عامة مؤثرة في المجتمع، يقربون وجهات النظر بين أصحاب الأديان، وبدأ الحديث عن وجود مراكز تدريبية لتدريب هؤلاء القادة.

يحوي مشروع شبكة الشبكات مراكز إبراهيمية وهي مراكز فكرية تبحث في الدراسات الإبراهيمية أو اليسوعية مثل المراكز في جامعتي بنسلفانيا وفرجينيا، وهناك أيضاً جمعيتان أسسهما رئيس وزراء بريطانيا الأسبق طوني بلير، إحداهما للشرق الأوسط والثانية لأفريقيا، تعنيان بدعم الحوار الإبراهيمي والشعائري على الأرض، وهو نقل المشترك بين الأديان على شكل شعائر على الأرض، مثل صلاة الكورونا التي صلّاها المسلم والمسيحي واليهودي، والتي انتهت بحوار مشترك ، وبدء بتدريب الشباب في مراكز في بريطانيا وأميركا وألمانيا على ذلك.

ولد مفهوم الإبراهيمية سياسياً كما تقول الباحثة ، ولكن حسب مواثيق جامعة هافارد فإن المدخل الجيد لمسمى سيدنا إبراهيم هو تقديمه كمفهوم ديني روحاني وألا نتكلم عليه سياسياً ليتم قبوله من قبل الشعوب العربية في المنطقة التي يعم عليها الفكر التآمري وفقاً لوثيقة صادرة من جامعة هارفارد عام 2004 ، لذلك تم اختيار الصوفية لاحتوائها على الروحانيات ولها أتباع في العالم العربي.

وتذكر الباحثة بأن أوباما تحدث عن " الدين العام العالمي" أو "الدين الإبراهيمي العالمي"، والذي يعني أن يصبح هناك دين واحد يحوي القيم المشتركة بين الأديان الثلاثة.

عام 2015، عملت جامعة فلوريدا وجامعة هارفارد أبحاث لتطوير الفكرة ، وأصدرت الأخيره وثيقة تتحدث عن الإتحاد وتم بحث فكرة إقامة مسار إبراهيمي، ووفقاً للخرائط حول مبادرة مسار رحلة إبراهيم، فإن مسار الرحلة يتطابق مع تصور إسرائيل لدولة إسرائيل الكبرى، وأكدّت الباحثة التي اطلعت على الوثيقة بأنه لو جمعنا المسار الإبراهيمي بخط ، وهو رحلة سيدنا إبراهيم التي مرت بالأديان الثلاثة في الشرق الأوسط، وبدأت من تركيا إلى مكة والمدينة لغاية مصر، نجد خارطة إسرائيل الكبرى التي يتم نشرها منذ زمن.

وتتضمن الخرائط أيضاً أموراً في غاية الخطورة حسب ما جاءت به الباحثه، لأنهم يتكلمون في الوثيقة عن أن ملكية أرض المسار ليست للشعوب التي تقطنها، بل أن كل أرض مر فيها المسار هي أرض إبراهيمية عالمية دولية، وقالت الباحثة إن هذا المسار في فلسطين يقطع المدن الفلسطينية في منتصفها، وهذا يعني أنه لا يوجد هناك ما يسمى فلسطين حسب الوثيقة، أما ملكية المسار، فسيتم تحديدها لاحقاً حسب الوثيقة .

ثم أخذت جامعة فلوريدا فكرة المسار ذاتها وتحدثت عن الإتحاد الإبراهيمي الفدرالي الذي يضم الدول العربية مجتمعة بالإضافة إلى تركيا وإسرائيل وإيران، والذي يمثل "الدولة الإبراهيمية الفدرالية".

وأضافت الباحثة أن المسار خطير جداً وأنه يتقاطع مع ما يسمى ب " مسار السهندرين" ، وهو المجمع اليهودي الذي حكم على سيدنا عيسى بالموت، ويدّعون أنه موجود تحت المسجد الأقصى.

وتتحدث وثيقة إنشاء المسار حسب قول الباحثة عن الهدف من المسار، وهو إزالة الحدود السياسية، وهذا ما قاله كوشنيرعلى قناة سكاي نيوز العربية في 28 شباط 2019 من أن هدف صفقة القرن هو إزالة الحدود السياسية وذلك بقيام إتحاد فدرالي بين الدول ، وقال إن الصفقة ليست للفلسطينيين بل هي لمنطقة الشرق الأوسط ككل، وهذا يتطابق مع ما جاء في وثيقة مسار إبراهيم حول إزالة الحدود السياسية ( لكامل منطقة الشرق الأوسط وإيران وتركيا) .

ومن أهم العقبات المذكورة هي رفض الدول القبول بوجود إسرائيل، والحل هو القول إننا إبراهيميين، لذلك من أهم أدوات هو إعادة قراءة التاريخ وإعادة كتابة وإنتاج وتداول الحكايات بما يضمن قبول وجود إسرائيل.

أما النقطة الثالثة هي ما كتبه وليام أوري، رئيس مبادرة مسار إبراهيم في جامعة هارفارد، والذي يقول إن الهدف من المسار هو ألا يشعر شعوب المنطقة بملكية المقدسات ولا بملكية وجود مدن مقدسة ولا بملكية حدود، بل أن يكون الولاء للفكره، وأنه لا يوجد شيء إسمه ملكية.

تقول الباحثه إن مسار إبراهيم موجود في جميع الدول العربية بأسماء مختلفة.

وتطرقت الباحثة إلى محاولات الأنروا التي باءت بالفشل لتسمية القدس بالمدينة الإبراهيمية، حيث تصدّى الأهالي عندما طبق ذلك بتغيير المناهج من الصف الأول إلى الصف الرابع إبتدائي، وتم على إثر ذلك محوها من المناهج.

تعتبر القدس في الوثائق التاريخية الصهيونية عاصمة إسرائيل الكبرى، وبدأ الحديث عن الولايات االمتحدة الإبراهيمية والتي هي أصلا خارطة أرض إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وهذا يعني أن الولايات الإبراهيمية المتحدة تضم المغرب العربي لاحتوائه على الموارد، فهم يريدون هذه أن تكون حدودهم، خاصة أن هناك يهود في المغرب العربي.

هناك دراسة إسرائيلية عام 2012 تقول إن ترسيم الحدود الإسرائيلية تكون بناء على عاملين: ال DNA والأصل، وبدأت دراسات الجينات تظهر وكذلك موضوعات توثيق التراث اليهودي التي تصب في هذا السياق.

تقول الباحثة بأن المحرك بأن الناس ستقبل بوجود الولايات المتحدة الإبراهيمية هو الصراع السني الشيعي والإرهاب الذي يرتبط في منطقتنا بالدين، حيث أن هناك تقرير صادر عن مركز راند الأمريكي التابع لل CIA يقول إن سمعة الدين مرتبطة بالسلوك، وإن السلوك يحكم على هذا الدين، وبالتالي عندما يكون المسلم إرهابي، فهذا يعني أن هذا الدين موسوم بالإرهاب ،

لخصت الباحثة الموضوع في نهاية المقابلة بأن الإبراهيمية تقوم على فكرة أن سيدنا إبراهيم هو أبو الأنبياء ، وبالتالي هو الجذع الشائع لحل الخلافات بين الأديان، وتقوم الفكرة على صهر الأديان السماوية الثلاثة، والحديث على أن حل هذا الصراع يقوم على إعادة قراءة النص الديني، ويعني هذا نقل ما يتفق عليه رجال الدين في الأديان الثلاثة بناء على المشترك الديني إلى الخريطة السياسية ويطبقه الساسة.

وتركت الباحثه الخيار لمن يريد التطبيع الإقتصادي مع إسرائيل، ولكن دعتهم إلى التطبيع بوضع شرط وهو أن ترسم إسرائيل حدودها ، وإلا فإنه وحسب مخططات الشعوب الأصلية، سوف تستنكر إسرائيل أن الأرض للدولة المطبعة وتقول إنها أرضها، ما يؤدي إلى تحقيق فكرة أرض إسرائيل .