الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

البرهان والسودان

نشر بتاريخ: 29/10/2020 ( آخر تحديث: 29/10/2020 الساعة: 16:38 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

الفلسطينيون لم يختاروا ان يكونوا في رباط الى يوم الدين ولم يختاروا ان يكونوا سدنة المقدسات الاسلامية والمسيحيه في الارض المقدسة، ارض الانبياء، فذلك هو امر رباني وعليه فان امر مقاومة المحتل حتى كنسه تبقى خاصة بهم حتى لو طبع كل حكام العرب مع هذا المحتل مع اني اشك في ذلك وهذه ليست دعوة للانفصال عن جذورنا العربيه لاننا لا نملك ان نفعل ذلك فنحن كالشجره التي لا تستطيع ان تعيش لوهي قطعت جذورها .

ما حدى بي للخوض في هذا الموضوع هو الهجمة الاحتجاجية الفلسطينية التي ما زالت مشتعله على ما يطلق عليه جزافا التطبيع والتي هي في نظري رد فعل طبيعي فرضته على الفسطينيين الروابط الاخوية العربية الفلسطينية ونخوتهم العربية ولكن ذلك لا يجب ان ينسينا بان العرب ليسوا فلسطينيين وعليه نقول بان احتجاجنا على المطبعين من ذوي القربى لم يعد ذو اي قيمة او فائدة ترجى لنا كفلسطينيين للحؤول دون هذا التطبيع بعد ان انفرطت مسبحة اللاءات الثلاث التي اقرها الحكام العرب في مؤتمرهم الرابع في السودان في اغسطس سنة 1967 وكما يبدو فان خيط مسبحه اللاءات هذه كان عنكبوتيا منذئذ.

ماسبق يوحي وللاسف بان احتجاجاتنا ومهما كانت قومية دوافعها قد تعطي نتائج عكسية قد تؤثر سلبا على عمقنا العربيخصوصا وان هناك الكثيرين من ذوي قربانا من الشعوب العربية قد تاخذهم العزة بالاثم بان ينصروا حكامهم ظالمين كانوا ام مظلومينولا غرابة في ذلك وها نحن نعود كعرب الى ما كنا عليه ايام الجاهلية شعوبا وقبائل متفرقة تحارب بعضها البعض واصبحت بلاد العرب تحرم الدوح على بلابلها بينما تحلله على كل الطيور من كل الاجناس.

الذي حصل في السودان تحت حكم الجنرال البرهان هو مدعاة للشفقة لما حل بنا كعرب، فالسودان الشقيق تحرر

من براثن اميركا بسبب الاتفاق الا انه وللاسف وقع في براثن اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في اكبر عملية ابتزاز دولي شهدها العصر الحديث حيث كان شرط شطب السودان عن قائمة الارهاب مقابل تطبيع علاقته مع اكبر كيان عنصري ارهابي عرفههذا العصر خصوصا وان العنصرية الحاكمة في اسرائيل تتفوق على نظام الفصل العنصري البائد في جنوب افريقيا ليس فقط بتمييزها ضد المواطنين الفسطينيين العرب وانما هي تميز حتى ضد اليهود الفلاشا بسبب لون بشرتهم اذ ما زلنا نذكر كيف ان المستشفيات في اسرائيل رفضت سحب الدم الذي اراد ان يتبرع به يهود الفلاشا وما زلنا نذكر اعتذار ايهود باراك لليهود الشرقيين للتمييز ضدهم بسبب شرقيتهم العربية.

هرولة الجنرال البرهان نحو التطبيع مع هذا النظام العنصري تدل على عمى بصيرته لانه اعتقد خطأ انه انقذ بذلك بلاده من الفقر وان ما فعله هو لمصلحة شعبه وذلك بسبب انه رجل عسكري ولا يملك من رجل الدوله اي شيء.

السودان الشقيق هو بلد الخصب وفيه من الخير ما يجعله احد اهم سلات الغذاء في العالم لولا فساد الطبقة الحاكمة التي ابتلى الله بها هذا البلد والتي تتوجت مؤخرا بحاكم جنرال ابعدته العسكريه كثيرا عن بصيرة الحاكم الرشيد بدليل عدم ادراكه لما يُخَبأ له ولشعبه من شر مستطير بسبب فعلته التي منحت اسرائيل السيطره على سلة غذاء العرب وحققت للحركة الصهيونيه حلم موطيء قدم للسيطرة على النيل وهو شريان حياة مصر، ومع انني لا اشك ان دافع البرهان هوحبه لشعبه ولبلده وبقوله ان مصلحة السودان تاتي اولا كان صادقا الا ان حبه هذا و للاسف لا يفرق عن حب الدب الذي قتل صاحبة من فرط حبه له.

الانتصار الذي حققته اسرائيل بهذه الصفقة الاميركية مع السودان ليس كما ادعى النتن ياهو بانه انتصار نفسي كون السودان كانت بلد اللاءات الثلاث فهو يعرف انهذه اللاءات ولدت ميته وتم دفنها في كامب ديفيد الاولى وانما الانتصار الحقيقي يكمن كما اسلفت في سيطرتها على منابع النيل وبما ستجنيه اسرائيل بسيطرتها على سلة غذاء العرب وهي تعلم ان الغذاء في الايام القادمة سيحل محل النفط باهميته الاستراتيجية على العالم الذي اصبح على وشك ان ينفجر سكانيا وملايين البشر تموت من الجوع ونحن لنا تجربة في فلسطين في هذا السياق وهي استماتة اسرائيل في ضم وادي الاردن كونه سلة غذاء فلسطين والجوار و ليس كما تدعي زورا بانه لاسباب امنيهبعد ان ثبت لدى الخبراء في اسرائيل من ان الزمن الذي ستكسبه اسرائيل من احتفاظها عسكريا بالاغوار لا تزيد عن دقيقه واحده على سلم الانذار وذلكفي حال تعرضها لعدوان وهو الامر الذي لا يبدو ان له اي اثر في الافق اصلا.

المشكلة ان العرب المطبعين بمن فيهم الجنرال البرهان يجهلون ما يعرفه حتى طفل فلسطيني عن الطبيعة الصهيونية وعليه فنحن عندما نحاول ان نحذرهم وننهاهم فيما هم مهرولين نحوه بتحالفهم مع اسرائيل لاننا نرى فيه تحالف الغنم مع الذئب ، نَهيُنا هذاللعرب ليس لمصلحة فلسطينية وانما لمصلحة اجيال العرب القادمة الذين لن يكون حالهم افضل من حال الاميركان الذين اصبحوا يعملون عبيدا لدى الاسرائيليين وهو الامر الذي حذرهم منه فرانكلين قبل مائتي سنه ولكنهم لم يعوا معنى هذا التحذير وعليه فانني اتمنى على كل حاكم عربي ان يقرأ شيئا عن تاريخ الحركة الصهيونيه وطبيعتها في الطمع والعنصريه قبل ان يقع في هذا الفخ المسمى تطبيع وربما يقرأوا بعضا مما كتبه المؤرخين والروائيين من عرب ويهود امثال المؤرخ اليهودي الن بابي الذي اكن له كل الاحترام او ان يستمعوا لما قاله وما زالوا يقولونه زعماء هذه الحركة وهو ما زال منشور ومحفوظ في ارشيفات الاعلام .

ختاما اقول بان هناك البعض من الحكام من عرب وغيرهم لا يملكونارادة اتخاذ قرار وطني لانهم نموا وترعرعواعلى حليب غير وطني وهؤلاء لا رجاء منهم كون هذا هو دورهم الوظيفي الذي لم يعد سراولكنياقر ايضا بان هناك حكاماخرين نَمَوا وترعرعوا على حليب الكرامة وحب الوطن وعلى هؤلاء ما زلنا نعول كما شعوبهم نعلق جميعنا عليهم الامال في ان يتمكنوا من مسك زمام مبادرة تهدف لوقف هذا الانجراف نحو هاوية الفخ الصهيوني الذي لن يسلم من شره اي عربي لو استمر كما نرى ونلمس.