الأربعاء: 17/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد ٧٦ عاما من الانتصار على النازية.. لا توجد اي قوة ومهما كان جبروتها تستطيع ان تقهر مصير الشعوب وحرياتها ما ،،،،

نشر بتاريخ: 09/05/2021 ( آخر تحديث: 09/05/2021 الساعة: 13:22 )

الكاتب: السفير مروان طوباسي




اليوم التاسع من أيار تحل علينا الذكرى ٧٦ للانتصار على النازية التي دفعت الشعوب الأوروبية ومنها الشعب اليوناني الصديق ومقاومته الوطنية ثمنا باهظا من ارواح أبنائها ومقدراتها من أجل دفن هذا الوحش النازي الذي اطل براسه قبل ثمانون عاما من الزمن لمعاداة الشعوب وعجلة تطورها الطبيعي .
واليوم وهي تنتفض القدس عاصمة دولتنا التي تشكل عنصر اجماع ووحدة للكل الفلسطيني بل ولشعوب عدة واحرار العالم من الأصدقاء ، وساحة صدام ومقاومة شعبية مع الاحتلال وكل رموزه، تحتم تطوير أشكال فضح ومقاومة جرائم قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين وتنظيماتهم الإرهابية الذين يعملون بإسناد من الحكومة الإسرائيلية الفاشية ، وربط ذلك مع هذا اليوم من ذكرى الانتصار على النازية ، والتحرك مع كل شعوب العالم وقواه الديمقراطية لحماية القدس ومن أجل دحر الاحتلال وتحقيق حرية شعبنا واستقلاله الوطني وفق رؤية واستكمال مسيرة كفاح منظمة التحرير الفلسطينية وتحقيق ثوابتها التي تشكل اجماعا وطنيا .

فمن الدروس المستفادة من هذا الانتصار على النازية ومن الحرب العالمية الثانية ونتائجها إدراك حقيقة غير قابلة للنقاش ، وهي أن تحديد مصير العالم في المرحلة المعاصرة لتطور البشرية هي مسؤولية مشتركة ذات طابع عام لا يتجزأ، اليوم كل الشعوب تتحمل المسؤولية أمام جيل المستقبل للمحافظة على نظام دولي متوازن يقوم على أساس المبادئ والقيم التي وضعتها الشعوب المنتصرة في الحرب العالمية الثانية ضد النازية والتي من أهمها قيم ومبادئ الحرية والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها و في اختيار مسار تطورها المستقل وعلى ضرورة العمل من أجل تعزيز الثقة المتبادلة بين الشعوب على قاعدة المساواة بينها والبحث المشترك للآفاق المستقبلية للبشرية جمعاء التي يجب أن تكون أفضل.

هذه القيم بالرغم من خروج بعض القوى عنها ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي خلقت سياسة الحروب اللاحقة باوجه مختلفة ، تلك القيم التي كان من المفترض أن تشكل الهيكل الأخلاقي والسياسي للنظام العالمي المعاصر التي ثبتت في ميثاق منظمة الأمم المتحدة التي تشكلت كأحد النتائج المهمة للحرب العالمية الثانية، وفي تأسيس هذه المنظمة الدولية التي تدعوا لتوحيد جهود البشرية لضمان السلم والأمن الدوليين والتصدي للتهديدات الدولية وتتضمن جوابا نهائيا وأساسيا لكل الشعوب المحبة للسلام برفض آيديولوجيا النازية والفاشية وأي نظرية معادية للبشرية وقيم ومبادئ الانسانية ، وفي مقدمتها الحركة الصهيونية التي إدانتها الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل تراجعها لاحقا عن قرار مساوتها بالعنصرية لظروف المتغيرات الدولية في حينه وأسباب أخرى.

إن ما تقوم به قوى اليمين الشعبوي اليوم وحلفائها وفي مقدمتهم دولة الاحتلال إلاسرائيلي يستند الي الارتداد عن تلك النتائج والى مرتكزات فكرية تعبر عن روح نازية وفاشية جديدة تقوم على اسس العنصرية والتطرف القومي الديني وفق مفاهيم مزعومة تساندها قوى راسمالية صهيونية تسعى لما حاولت أن تسعى له قبل ٧٦ عاما النازية ألالمانية وحلفائها من موسيليني وفرانكو وغيرهم لاضطهاد الشعوب التي لا تنبع من عرقهم المزعوم ، محاولات لاضطهاد شعوب جديدة ولتطهير عرقي واستمرار فرض نكبة مستمرة على شعبنا الفلسطيني التي تحل علينا ذكرى بداياتها كجريمة ضد الانسانية قبل ٧٣ عاما بعد أيام قليلة ، والتي هدفت من أجل تنفيذ مشروع استعماري عنصري على أرض نحن الفلسطينين اصحابها، أرض ليست لهم ، لم يأتي بها احد من هؤلاء المستوطنين من الدول التي تركوها في إطار مؤامرتهم مع النازية في حينه .
بعد ٧٦ عاما ما زالت قوى جديدة تمارس سياسات الهيمنة في هذا العالم لفرض نظام احادي القطب لا يخدم مبادئ السلم والأمن الدوليين وتساهم من خلال صمتها على جرائم الاحتلال بتشجيع استمرار ارتكابها وتعزيز مفهوم دولة الاحتلال كنظام فوق القانون الدولي كنظام عنصري معاصر ، أن عدم محاسبة هذا النظام يكرس وجود معاير متفاوته تكال بأكثر من مكيال أمام المجتمع الدولي ومنها الاتحاد الأوروبي الذي يكتفي بالادانة اللفظية فقط ومحاولات مساواة الضحية بالجلاد في احيان كثيرة ، ما يناقض اصلا مع اسس ومبادئ نشؤ الاتحاد الأوروبي نفسه بعدم محاسبة وعقاب دولة الاحتلال وفق المواثيق الأممية ، رغم افتتضاح امر جرائم دولة الاحتلال بالمنظمات الدولية وتأكيد معظم دول الاتحاد الأوروبي لادانتها والتصويت لصالح قضايا شعبنا ، أن هذه الدول لا تستطيع رغم ما ذكرته من تحمل عبئ الوقوف الى جانب هذا النظام العنصري أمام شعوبها .

ان الدروس والعبر من الحرب العالمية الثانية التي كلفت شعوب الاتحاد السوفيتي السابق لوحده انذاك ما يقارب ٣٠ مليون انسان قاتلوا بايمان من أجل الدفاع عن الوطن ودحر النازية ، وكلفت البشرية ومنها الشعب اليوناني ومقاومتة الوطنية عموما ملايين اضافية من البشر ، تؤشر على ضرورة توقف هذه الحروب الصغيرة والكبيرة ضد شعوب الأرض ، وأن تتوقف سلطة راس المال السياسي المتوحش من محاولات تكرار التاريخ أينما كان ومن انتاج أسلحة الدمار الشامل وإثارة بؤر التوتر على حساب قضايا الشعوب المقهورة ، وان تفكر البشرية بتعزيز قوى البناء وتعزيز منظمات السلم في العالم بدل ممارسة الاضطهاد بحق شعوب أخرى و الاعتداء على سيادة اراضيها والتدخل في شؤونها وممارسة الاحتلال والعنصرية .

من الضرورة إن تفكر البشرية اليوم وأكثر من أي وقت مضى بالبيئة وقضايا المناخ والاقتصاد التنموي والعدالة الاجتماعية وببناء المدارس والجامعات والمستشفيات وتطوير الصحة الوقائية خاصة مع ما تعاني منه البشرية الان من تفشي جائحة الوباء التي باستمرارها حتى اليوم فقدت البشرية ملايين بين ضحايا ومصابين بهذا العدو القاتل غير المرئي ولازالت البشرية تخسر يوميا على أثر استمراره مع بروز أشكال التنافس الاحتكاري الجشع في تصنيع وبيع اللقاح دون مساواة وعدالة .

إن غدا لن يكون كما قبله وعلى شعوب الأرض ان تكافح من أجل انتصار قضايا الإنسانية وقيمها في هذا الكون من اجل بناء عالم جديد يكون افضل مما كان او مما هو عليه الآن ومن اجل قبر مشعلي الحروب و أعداء الإنسانية، فمن دروس الانتصار على النازية بعد ٧٦ عاما ما يؤكد على عدم استطاعة اي قوة مهما بلغ جبروتها أن تقهر مصير َومصالح الشعوب وان الشعوب والقدس حتما لمنتصرة.

واكرر هنا ما قاله شاعرنا الراحل محمود درويش ؛

كل نهر ، وله نبع ومجرى وحياة ! يا صديقي! .. أرضنا ليست بعاقر ، كل أرض ، ولها ميلادها .. كل فجر وله موعد ثائر !.