الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"الشاباك" والاشتباك

نشر بتاريخ: 27/11/2021 ( آخر تحديث: 27/11/2021 الساعة: 10:24 )

الكاتب: زاهر ابو حمدة




فضحت عملية الشيخ فادي أبو شخيدم، في باب السلسلة داخل البلدة القديمة للقدس، جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) التابع مباشرة لرئيس وزراء الاحتلال. ليست المسألة بعدد القتلى والجرحى في صفوف المُحتلين، إنما بطريقة التخطيط والتمويه والتنفيذ، والأهم بشخصية المنفذ. ولطالما تفاخر مسؤولو "الشاباك" بالخطط الاستباقية وتوقع ما سيحصل قبل وقوعه، إلا أن هذه العملية كانت أشبه بالفضيحة لرئيس الجهاز الجديد رونين بار.
معروف أن لدولة الاحتلال ثلاثة أجهزة استخبارية، أكبرها شعبة الاستخبارات العسكرية المعروفة "آمان" التابعة لهيئة أركان الجيش، وأخطرها جهاز "الموساد" المختص بالاستخبارات والعمليات الخارجية، أما أهمها جهاز "الشاباك" لما يحظى من نفوذ داخل الدولة وسياساتها، ولذلك يعتبر المعلق في صحيفة "يديعوت أحرنوت" ناحوم بارنيع، رئيس "الشاباك" هو "الحاكم الحقيقي للدولة".
هذه الأجهزة الثلاثة تتصارع ف يما بينها. والصراع ليس من باب المنافسة المهنية، إنما بسبب الميزانيات وإخفاء المعلومات عن بعضها. وكانت حادثة انتزاع أسرى جلبوع لحريتهم عبر حفر النفق وما تبعها من أحداث هي أبرز تعاون بين الأجهزة وذلك بقرار وضغط من نفتالي بينت.
عملية القدس الأخيرة هي الاختبار الحقيقي لـ"الشاباك"، المسؤول عن عمليات الاغتيال والاعتقال داخل حدود فلسطين المحتلة، وتالياً فشل الجهاز في الرصد والترقب و"إحباط" العملية لا سيما وأنه على ما يبدو كانت بقرار تنظيمي وليس فردياً كما جرت العادة في السنوات الأخيرة.
ولعل العمل المقاوم الفلسطيني أبرز تحدي لـ"الشاباك" في ظل تنامي وارتفاع المواجهات والعمليات الفدائية في الضفة والقدس. وعند تسلم بار، مهامه في تشرين أول الماضي، لخصت "القناة 12" العبرية التحديات الرئيسية لعمله. أولها كيفية التنسيق مع السلطة الفلسطينية، وثانيها مواجهة المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، لا سيما بعد أحداث معركة "سيف القدس" وتصاعد منسوب الجرائم في المدن والقرى العربية. أما التحدي الأهم فهو منع المقاومة الفلسطينية الفردية والتنظيمية من الحركة وتنفيذ عمليات فدائية. وهنا تكمن خطورة بار، فهو متخصص في القتل والاغتيال من دون أي ضوابط بتاتاً أو خشية من تداعيات، فهو المسؤول عن اغتيال أحمد الجعبري والعديد من قادة الانتفاضة الثانية (2000 – 2005). وتشير "يديعوت أحرنوت" إلى أنه ينفذ جرائمه بيده و"يتفنن" في طرق التعذيب واستجواب الأسرى. إلا أن ما يزيد من حدة المعركة الاستخبارية قبل الميدانية، هو نشر المقاومة الفلسطينية لاسمه الحقيقي ومكان سكنه قبل تسلمه مهامه، حين كان يُرمز لشخصه بـ"ر" في الأجهزة الإسرائيلية. هكذا مواجهة أمنية ستكون بالعقل والتخطيط قبل الميدان، لذلك، الاشتباك مع "الشاباك" سيكون مقدمة لدماء كثيرة ستسيل ليس من الفلسطينيين فقط، إنما من المُحتلين أيضاً.