الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ثلاثة اسباب منعت حماس من المشاركة في الحرب الاخيرة على غزة

نشر بتاريخ: 16/08/2022 ( آخر تحديث: 16/08/2022 الساعة: 10:52 )

الكاتب: د. علي الاعور

عملية عسكرية على غزة استمرت ثلاثة ايام فقط تمكنت اسرائيل من تحقيق انجازات عسكرية واسترتتيجية من خلال خطة عسكرية اعدت بشكل كامل وكان الهدف محدد بالتعاون بين الجيش الاسرائيلي وجهاز الامن العام " الشاباك" ، نفذوا عملية عسكرية تحدث عنها الاعلام الاسرائيلي ووصفها بالمفاجئة و المخادعة لاغتيال قادة ميدانيين لسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الاسلامي واضاف الاعلام العبري منذ خمس سنوات لم يحقق الجيش الاسرائيلي هذا الانجاز بعملية عسكرية خاطفة لم يقتل فيها اسرائيلي واحد.

وبعد كل عملية عسكرية هناك من يبدأون التقييم وهم في قلب ومركز الصراع وهناك من لا يهتمون بالتقييم ربما لانهم يعتقدون انهم بعيدا عن مرمى الهدف الاسرائيلي وفي كل الاحوال التقييم عملية مهمة في الادبيات العسكرية و السياسية للاستفادة من الدروس و العبر في المستقبل .

ولو قمنا بعملية تقييم سياسي يقوم على الموضوعية وعملية تحليل سياسي للعملية العسكرية على قطاع غزة نجد ان هناك لاعبين مهمين في هذه الحرب على المستوى السياسي و العسكري وسوف نسلط الضوء على حركة حماس باعتبارها الحاكم الفعلي في غزة وحركة حماس هي من تسيطر وتدير قطاع غزة اداريا وسياسيا و اقتصاديا وهنا لا بد من طرح السؤال المركزي في هذا المقال : لماذا لم تشارك حماس وكتائب عز الدين القسام في العملية العسكرية الخيرة على غزة؟ ما هي نتائج ومألات عدم مشاركة حركة حماس في الحرب الاخيرة على غزة في المنظور القريب و المتوسط ؟

هناك ثلاثة اسباب منعت حماس من المشاركة في الحرب الاخيرة على غزة وفقا لمصالح حركة حماس واجندة حركة حماس محليا واقليميا ودوليا:

اولا: الازدهار الاقتصادي في قطاع غزة نتيجة فترة الهدوء والتي ساهمت في زيادة عدد التصاريح للعمال و التجار و رجال الاعمال في قطاع غزة حيث وصلت الى 15 الف تصريح ، ساهمت تلك التصاريح و الدخل الذي قدمه العمال الى قطاع غزة حوالي ستة ملايين شيكل يوميا اي ما يعادل مليونيين دولار امريكي ، هذه السيولة مكنت قطاع غزة من ازدهار اقتصادي ولو بشكل جزئي وزيادة في القوة الشرائية و الحركة التجارية في قطاع غزة بالاضافة الى ادخال المواد الخام للبناء و السماح بتصدير المنتوجات الزراعية في غزة الى خارج قطاع غزة بالاضافة الى ادخال البضائع وادخال السولار الى محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة و من المعروف ان نسبة الفقر بلغت في غزة قبل التصاريح 85% وبلغت نسبة البطالة 65% وربما ساهمت التصاريح و الانتعاش الاقتصادي من تخفيف نسبة الفقر و تقلقل نسبة البطالة في قطاع غزة .

ثانيا: توجه حماس الى الحاضنة الشعبية و التغيير في استراتيجية حماس نحو العمل الشعبي الجماهيري و عمل الجمعيات الخيرية و الابتعاد عن نقمة الجماهير و سكان قطاع غزة نتيجة هدم المزيد من البيوت والابراج السكنية في قطاع غزة وتقلق عدد الشهداء جراء مشاركتها في الحرب الاخيرة فيما لو قررت المشاركة مع العلم ان كل قطرة دم نزفت من ابناء شعبنا في قطاع غزة تمثل وطن باكمله وهنا لا بد من التأكيد ان هناك 15 طفل فلسطيني واربعة نساء استشهدوا جراء العملية العسكرية الاخيرة على قطاع غزة.

ثالثا: الدبلوماسية و الاستراتيجية السياسية الجديدة لدى حركة حماس في تقديم صورة دبلوماسية لها على المستوى الاقليمي و الدولي ، حيث الحراك السياسي و الدبلوماسي لرئيس حركة حماس في الخارج " اسماعيل هنية" تؤكد بان الزيارات و المشاركات السياسية التي قام بها في عدد من الدول الاقليمية و العربية تمثل نهج سياسي جديد لدى حركة حماس على اعتبار انها لاعب سياسي مهم في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتريد ان تحجز لها مقعد في اية عملية سياسية في المستقبل على الرغم من قناعة حماس بعد زيارة بايدن الى منطقة الشرق الاوسط بان العملية السياسية برمتها قد انتهت خاصة بعد ان اكد بايدن ان " الدولة الفلسطينية المستقلة تبدو بعيدة المنال" ولكن مازالت تنظر حماس الى نفسها بانها جزء من النظام السياسي الفلسطيني وربما تصبح عضوا في منظمة التحرير الفلسطينية في المستقبل القريب.

في ضوء تلك الاسباب وقراءة متأنية الى النتائج التي قد تترتب على عدم مشاركة حماس في العملية العسكرية الاخيرة على قطاع غزة نجد ان الوضع الاقتصادي في قطاع غزة قد ساهم بشكل كبير في استمرار الهدوء و التفاهمات بين اسرائيل وحركة حماس عبر الوسيط المصري و القطري وبالتالي اكدت تلك النتائج ان حركة حماس هي وحدها في قطاع غزة من تقرر الحرب و السلام و الهدوء مع الجانب الاسرائيلي .

واخيرا .. عدم مشاركة حماس في الحرب الاخيرة على غزة لا يعني ان حركة حماس لم تعد هدفا للجيش الاسرائيلي ، بل هي في مقدمة بنك الاهداف الاسرائيلية ولكن تمكنت اسرائيل من تجسيد معادلة جديدة في الصراع مع حماس الهدوء مقابل الهدوء و الهدوء مقابل الاقتصاد .. ولكن مازلنا في بداية الطريق وربما الجولة القادمة تكون بين القسام والجيش الاسرائيلي .