الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقدير موقف: تصعيد لا يتوقف وجهود متواصلة للسلطة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 29/11/2022 ( آخر تحديث: 29/11/2022 الساعة: 14:50 )

الكاتب: معتز خليل


تشير عدد من التقارير البحثية الإسرائيلية الصادرة خلال الفترة الأخيرة ونقلا عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ قولها إنّ هناك توقعات بوقوع انتفاضة فلسطينية جديدة ستكون على الأبواب ، وهي الانتفاضة التي تأتي مع وجود الكثير من العوامل الخاصة والمتعلقة بها.
ما الذي يجري؟
كثر الحديث والتوقعات الإسرائيلية بشان إمكانية اندلاع انتفاضة جديدة في الشارع الفلسطيني ، وهي التوقعات التي تأتي لعدة أسباب وهي:
1- الشعور بازدياد ضعف السلطة الفلسطينيّة بصورة تزيد من العمليات خاصة ذات الطابع الفردي بين الفلسطينيين
2- هناك شعور دولي بأن هذا الضعف للسلطة الفلسطينية سببه الرئيسي وبحسب القناه ١٣ بالتليفزيون الإسرائيلي هو سياسات اليمين المتشدد التي أوصلت السلطة إلى هذه المرحلة الدقيقة من الضعف السياسي.
3- مصادر إعلاميه إسرائيلية إنّ الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وجهّت رسالةً حادّةً لصنّاع القرار في إسرائيل أبلغتهم فيه أنّها تخشى خشيةً عميقةً لمصير السلطة الفلسطينيّة وأنّ واشنطن قلقة جدًا من تردّي مكانة السلطة وفقدانها للسيطرة على المناطق التابعة لها في الضفّة الغربيّة، وطالبت إسرائيل بالعمل على منع الانزلاق الخطير في وظيفة السلطة.
تصعيد أمني
بات من الواضح إن التصعيد الأمني في فلسطين لن ينتهي ، خاصة وإن طموح الكثير من الشباب الفلسطيني يتعارض مع المطالب الرسمية أو السياسية الفلسطينية الرسمية ، والتي تنادي بضرورة وحتمية الانصياع للتهدئة والتوجه للنضال السياسي بدلا من العمل العسكري.
وبات واضحا ان هناك مضايقات من مسؤولي السلطة من هذا التصعيد الذي بات له الكثير من التداعيات على مختلف الأصعدة السياسية المتعددة.
ويخلق هذا التباين صراعا للأجيال الفلسطينية آو بالأحرى خلافات استراتيجية وعسكرية بين الفصائل الفلسطينية وبعضها البعض ، وأبرز دليل على صحة ذلك هو التباين الاستراتيجي في تصريحات الفصائل وهو ما يستدل عليه بالنقاط التالية:
1- تأكيد بعض من القيادات الفصائلية الرسمية وتحديدا من حركة "فتح" بأن هناك من يسعي إلى التصعيد العسكري ضد إسرائيل ، الأمر الذي يزيد من خطورة الموقف والأهم من هذا تزايد مخاطر تفكك السلطة بسبب غضب إسرائيل واقتحاماتها المسترة لبعض من المناطق للبحث عن المطلوبين السياسيين.
2- هناك عدم انسجام لكثير من المواقف السياسية المشتركة وتباين في الرؤى بين حماس من جهة وحركة فتح من جهة أخرى ، وهو تباين معلن ولا تتوجس منه حركة حماس تحديدا
3- هناك جمود سياسي لقرارات المصالحة السياسية الفلسطينية التي تم اتخاذها على أكثر من صعيد ، ولعل على رأسها بيانات قمة الجزائر مثلا التي لم تنفذ حتى الآن.
4- قراءة تحليل مضمون تصريحات الكثير من المسؤولين الفلسطينيين بشأن المصالحة تشير إلى توجسهم دوما من أهمية الدور المصري وغضب مصر من إمكانية نقل ملف المصالحة الفلسطينية إلى طرف إقليمي آخر بعيدا عن القاهرة ، وفي هذا الصدد هناك ثلاث نقاط مركزية وهي:
أ‌- حرص الرئيس محمود عباس في حديثه مع قناه القاهرة الإخبارية أخيرا في رام الله على التأكيد على أن القاهرة كانت على علم تام بأجواء المصالحة الفلسطينية في الجزائر ، وهو أمر كان الجميع يعرفونه ، وظهر ان الإعلامي تامر حنفي كان يريد إثاره هذه النقطة مع الرئيس عباس الذي انتهزها بودره في إطار اتفاق حواري للتأكيد على هذا الغرض.
ب‌- كانت قيادات حركة حماس أكثر وضوحا في الإشارة لهذه النقطة ، وخبرة مفكري الجماعة السياسية دفعت معسكرات معينة في حماس إلى التروي في التفاؤل قبل إبداء الرأي السياسي بنجاح أو فشل قمة الجزائر في تحقيق أهدافها السياسية.
ج- كانت دولة قطر تحديدا ومعها معسكر قيادات حركة حماس المتواجدين على أرضيها أكثر تحفظا بشأن إمكانية حصول أي تقدم سياسي بشأن المصالحة في الجزائر ، خاصة وأن القضايا الخلافية السياسية بين الطرفين حماس وفتح تحديدا أكبر من أن يتم حلها في قمة واحدة.
خلافات إسرائيلية
الحديث عن التباين السياسي الفلسطيني ينقلنا بدوره إلى الخلافات الإسرائيلية المشتركة ، والانتقاد الذي يتم توجيهه بين الحين والآخر لقيادات جهاز المخابرات "شاباك".
وعلى سبيل المثال وجه الرئيس السابق لجهاز الأمن العّام (الشاباك) عامي أيالون انتقادات لرئيس الجهاز الحالي ومعاونوه ، قائلا في حديث له مع الإذاعة الإسرائيلية إلى أنّ الأوضاع في فلسطين متجهة نحو “تصعيد أمني مهم جدًا” يصل إلى مستوى انتفاضة، تُوقِع قتلى ومصابين في صفوف الاسرائيليين.
وتطرق أيالون أيضا إلى الانتقادات التي وجهت إلى جهاز “الشاباك”، على خلفية فشله في احباط العملية المزدوجة التي نفذها المقاومون الفلسطينيون في القدس مؤخرًا، فقال إنّ “أي هجوم لا يتم احباطه هو فشل.. أنا أعتقد أن الشاباك يدرك ذلك جيدًا أكثر من أي أحد آخر”.
وأضاف أيالون، الذي شغل أيضًا في السابق منصبًا وزاريًا، أضاف: “يجب التمييز بين هجمات المنفردين الذين تقريبًا لا يمكن إحباطهم، والهجمات الأخرى، الهجمات في القدس ليست هجمات منفردين، إنّه هجوم منظم. هل هي حماس؟ الجهاد الإسلامي؟ أو أي منظمة أخرى؟ هذا تقريبًا غير مهم. من الواضح أن هناك منظمة، خططت، نسقت، مواد ناسفة، هناك منظومة”.
وتابع أيالون: “لم ينجح الشاباك في المنع، وأنا أعتقد بأن رئيس الشاباك وعناصره يدركون هذا أكثر من أي أحد آخر. وظيفة الشاباك هي احباط الهجمات، وإذا لم يحبط الشاباك الهجمات فلا شك أن شيئًا ما لم يسر على ما يرام”.
والحاصل فإن حديث أيالون يثير بدوره قضية دقيقة تتعلق بخلافات الأجهزة في إسرائيل آيضا.
تقديرات استراتيجية
عموما من الواضح إن العمليات الفلسطينية ستتواصل خاصة في ظل التصعيد الحاصل من الاحتلال ، وبالتأكيد تقوم السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بمجهود مضني للتصدي لمنع هذا التصعيد ومحاولة الاحتواء الاستراتيجي للشباب الفلسطيني الغاضب ، غير ان الكثير من التوقعات تشير إلى دقة الموقف السياسي والعسكري الحاصل الآن في فلسطين مع هذه التطورات.