الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد ليلة الأحدث الدامية.. ماذا بقي في جعبة نتنياهو؟!!

نشر بتاريخ: 27/03/2023 ( آخر تحديث: 27/03/2023 الساعة: 13:41 )

الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة

بعد "أحلك أمسية في تاريخ إسرائيل"، وما تخللها من أحدث دامية في دولة الاحتلال والتي أعقبت إقالة وزير الجيش يوآف غالانت، والتطور الدراماتيكي بانضمام الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية "الهستدروت" للاحتجاجات على خطة "الانقلاب القضائي"، وحدوث شلل في كل دولة الاحتلال بعد توقف العمل بمطار بن غوريون الدولي احتجاجا على نتنياهو. وانضمام قطاعات متعددة على الصعيد الوطني كالجامعات والمستشفيات والقطاعات الحيوية الأخرى، خضع ظهر اليوم نتنياهو جزئيا أو يمكن تسميته تكتيكيا وأبلغ شركائه في الائتلاف قبوله بوقف تشريعات " إصلاح القضاء"، مما أثارت ضده ضجة بعد انتهاء جلسة رؤساء الائتلاف، وخرج المتطرف بن غفير بتصريح أنه أبلغ نتنياهو "لن أفكك الائتلاف الحكومي حتى لو تركت منصبي، و لن أسمح بالذهاب إلى جولة انتخابات جديدة في إسرائيل"، وهذا يعني استمرار الازمة تراوح مكانها وأن الخلافات أعمق بكثير من مجرد أن يعلق نتنياهو "مؤقتا" تشريعات إصلاح القضاء، وهو أصبح بين خيارين أحلاهما مرٌ، الخيار الأول وهو أن يحكم على نفسه "بنفسه" بــ"الموت السياسي" ويوقف هذا الإنقلاب الذي يسميه بـ"الاصلاح القضائي" وبالتالي هو ينتهي سياسياً، خاصة في حزبه الليكود والذي بدأ يتمرد عليه، ويحضر نفسه لسجن قريب بسبب تهم الفساد الموجهة له، أو يأخذ كل المقامرة والمغامرة ويستمر في حركته باتجاه الانقلاب القضائي ولا يستمع لكل هذه الأصوات التي تخرج ضده الان وبالتالي تعريض دولته للخطر الشديد قد تصل لحد انهيارها.

لو استعرضنا خارطة القوى في إسرائيل سنجد أن من انتخب نتنياهو ومن هيئ لهذا الانقلاب القضائي ليس من يخرجون ضده الان في الشوارع، وليس رؤساء الجامعات ولا الهستدروت ولا الاحتياط في الجيش ولا العاملين في الهايتك، بل هم أعضاء حزب الليكود ومنهم وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار، ووزير العدل ليفين وهو من القوى الصاعدة في الليكود ويمكن اعتباره ثاني أهم شخصية في الليكود ولديه التفاف من قاعدة الليكود وحقق مراتب متقدمة في "البرايمرز" ، وأيضا لا ننسى زوجته "سارة" وابنه "يائير" واللذا لهما أثر كبير علي نتنياهو وعلى توجيه مساراته، ولن يسمحا له بأن يفضل مصلحة الدولة على مصالحهم الشخصية.

ليلة الاحتجاجات العنيفة أمس، والتي تخللتها أعمال شغب واشتباكات مع الشرطة، لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت تتويجا لتظاهرات مستمرة منذ أكثر من ثلاثة شهور، وكانت تكبر يوما بعد يوم بانضمام شرائح جديدة لها، وبالتالي ليس من السهل على هؤلاء الذين امضوا وقت طويل وتعبوا وسهروا واشتبكوا وتعرضوا للضرب والاهانة، ليس من السهل عليهم ان يعودوا للبيت بمجرد كلمة من نتنياهو وهم يعرفونه بالكاذب. إذاً، يمكن القول بأنه الان من الصعب على نتنياهو الاستمرار في الحكم وربما قد حانت لحظة الحقيقة له بأن يترك السياسة وأيضا حانت لحظة الحقيقة لليمين المتطرف بأنه لم يعد له مكان في الحكم وأن الشعب لفظه، ونحن الان امام "إسرائيل جديدة" ليست كما كنا نعرفها من قبل، بل بسياسيين جدد ومواطنيين لديهم الجرأة ليقولوا "كفى".

لا شك بأن ضعف عام لحق بمكانة اسرائيل الدولية وبالدعم الامريكي ايضاً، نتيجة ما يحدث فيها الان، لذلك على من يعتبر هذه الدولة كواحة للديمقراطية، وكشريك أساس في رسم سياسات الشرق الأوسط والعالم، عليهم أن يغيروا قناعتهم ويوقفوا انبارهم من هذه الدولة وبالتالي وقف تطبيعهم معها لأنها لم تعد تلك الدولة "المبهرة".