الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مبعدو «كنيسة المهد» وملف التقاعد القسري؟!!

نشر بتاريخ: 27/04/2023 ( آخر تحديث: 27/04/2023 الساعة: 11:34 )

الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة

خرج ليلة أمس مسلحين من حركة فتح في بيت لحم في مؤتمر صحفي لإيصال رسالة للقيادة والرئيس محمود عباس مضمونها أن المساس بقوت وكرامة المناضلين المبعدين إلى قطاع غزة خط أحمر ولن يُقبل المساس به، وان إحالة مبعدين عن كنيسة المهد للتقاعد القسري المبكر هو أمر مرفوض، وعلى الفور بعد انتهاء هذا المؤتمر "المسلح" تلقوا تعهدات من جهات سيادية بحل المشكلة.

السلطة الفلسطينية مارست عدة انتهاكات في قطاع غزة، تمثّل ذلك بوقف رواتب الموظفين وفصل العشرات منهم وصولا للتقاعد القسري بحق الآلاف، سبع سنوات عجاف من الضياع والظلم والإهانة والقهر والأسى مرت الآن على قرار الحكومة السابقة برئاسة د رامي الحمد لله والتي أوقعت الضرر "المادي والمعنوي" على الموظفين المتقاعدين العسكريين من خصم لجميح العلاوات وتوقف الرتبة والترقيات وغلاء المعيشة منذ العام 2014 ، وبعد ذلك التقاعد القسري 2017 و2018 وتركهم على قارعة الطريق بدون حقوق، هذه الحادثة "مؤتمر الدفاع عن مبعدي كنيسة المهد" فتحت اوجاع وآهات المتقاعدين قسراً في قطاع غزة حيث يبلغ عددهم ما يزيد عن 17 ألف تم إحالتهم بقرار بقانون رقم (9) لعام 2017. هذا القرار بقانون هو مشوب بالعيب الدستوري، وفيه تعسف لاستخدام السلطة، وتمييز جغرافي واضح يتعارض مع القانون الفلسطيني الاساس، وقد آن الأوان لتغليب حقوق الإنسان على الاعتبارات السياسية وان تتقدم مصالح المواطنين في قطاع غزة على مصالح المتنفذين في السلطة الفلسطينية.

إن قانون التقاعد بالسلطة الفلسطينية لا يخضع لنظام موحد، فهناك فئات مختلفة، وكل فئة لها نظام خاص بها، فمثلا هناك فئة قاعدها رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض عام 2008 راتبهم التقاعد 100%، وهناك فئة كبيرة تتجاوز عددها الـ17 ألف وجلهم من قطاع غزة، قاعدها رئيس الوزراء الأسبق "المطرود" رامي حمدالله وتتقاضى 49% من الراتب والرتبة المستحقة، مع ان القرار بقانون رقم (9) لعام 2017 نص على أن يتقاضوا فيما لا يقل عن 70% من اخر راتب، إلا أنه جرى التلاعب في هذه النسبة، وبما أن هذه الفئه وهي الأكبر تعيش في قطاع غزة، ولا تستطيع الوصول "للمقاطعة" لإيصال صوتها، فقد تم تجاهلها تماما رغم انهم في عام 2021 ، في ذروة التحضير للانتخابات التي تم إلغائها لاحقاً، خاضوا إضراباً عن الطعام واعتصاما في ساحة السرايا في غزة لمدة أكثر من 50 يوما، وتلقوا وعودات بإنصافهم وإلغاء التقاعد القسري عنهم، إلا أن هذه "الوعودات الانتخابية" تبخرت مع اعلان تأجيل الانتخابات، وبقيت هذه الفئة على حالها.

القانون العادل هو منح الموظف الذي يحال للتقاعد قبل سن التقاعد القانوني 60 سنة ما نسبته 100% من آخر راتب تلقاه وآخر رتبة يستحقها، مع احتساب سلة العائلة ومعدلات غلاء المعيشة المتصاعدة باضطراد سنوياً، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليات وتبعات قرارات الإحالة للتقاعد لموظفيها قبل السن القانوني للتقاعد، حسب ما هو معمول به عالمياً.

التقاعد القسري لأبناء قطاع غزة أفقدهم حقهم القانوني في مكافئة نهاية الخدمة، وتم الالتفاف على هذه المكافئة "بتخريجه" أسموها قانون "نسبة الـ6%" وهي ما كان يطلق عليه حصة الموظف وحصة الحكومة في صندوق التقاعد أو الادخار، وتم إعادة ما كان يتم خصمه من الموظف منذ عام 2005 بدون إعادة ما كانت تدفعه الحكومة وبدون الأرباح والفوائد المستحقة لهذه النسبة كنتيجة لتشغيل هذه الأموال واستثمارها في صندوق التقاعد، وهذا القانون ظالم، وفيه سطو واضح على مدخرات وتوفير الموظفين.

ولحتى الان وزارة المالية في رام الله تتنكر لحقوق المتقاعدين قسراً، ولم تسدد المتأخرات لموظفي غزة جميعاً، سواء أكانوا متقاعدين قسراً أو من هم لازالوا على رأس عملهم، وهي ما تم خصمه من رواتبهم بنسبة 30% منذ بداية شهر إبريل 2017 وحتى شهر ديسمبر 2019، بالإضافة لفروقات الرتب العسكرية التي لم يحصل عليها من ترقوا من رتبة للرتبة الأعلى، ويجب على الحكومة الاعتراف بها وصرفها، مثل علاوة الرتبة المستحقة عند التقاعد وعلاوة القيادة والمخاطرة التي تم احتسابها في رواتب العسكريين الذين تقاعدوا عام 2008 ، وما تسمى بعلاوة الرئيس ٣٠٠ شيكل وصرف الرواتب على ٧٠% بدل متوسط اخر ٣٦ شهر.

لقد اثبتت الاحداث الأخيرة، من حراك المعلمين وغيرها من حراكات مطلبية، ان الحكومة لا تسمع صوت العقل ولا تتعامل الا مع من يجبرها على التحرك، واكدت الحكومة بتصرفاتها انها لا تعترف بحقوق العسكريين المتقاعدين قسراً في المحافظات الجنوبية وتتعامل ما بين محافظات الوطن بعنصرية جغرافية وادارية ومالية. وللتذكير بمطالب المتقاعدين قسراً في غزه فهي:

اولاً: رفض سياسة التمييز الجغرافي والمالي والاداري بين محافظات الوطن.

ثانياً: صرف راتب كامل بنسبة 100% للعسكريين المتقاعدين قسراً اسوة بالمتقاعدين عام 2008.

ثالثاً: انصاف العسكريين المتقاعدين قسراً وذلك بإعادة كافة حقوقهم وتعديل رواتبهم على الرتبة المستحقة عند التقاعد مع اضافة جميع العلاوات بما فيها علاوة الرئيس وعلاوة غلاء المعيشة واحتساب رد المساهمات ٦% من تاريخ التفرغ ولجميع الاعمار وصرف ما تم خصمه من الرواتب قبل التقاعد بما فيه راتب شهر اذار لسنة ٢٠١٨.

رابعاً: الاعتراف بالخطأ الذي وقع عليهم في القرار بقانون رقم (9) لعام 2017 وفي عدم تنفيذه كما جاء موقع من سيادة الرئيس، وتعديله ليكون التقاعد اختياري مع ضمان حق من لا يرغب بالعودة على القيود برفع نسبة التقاعد واحتساب الرتبة المستحقة والعلاوات ضمن الراتب.