السبت: 27/07/2024 بتوقيت القدس الشريف

الدولة المارقة ووقائع التطهير العرقي ومُصطلح اليوم التالي

نشر بتاريخ: 12/05/2024 ( آخر تحديث: 12/05/2024 الساعة: 10:01 )

الكاتب: مروان أميل طوباسي

فيما تستكمل دولة الأحتلال المارقة جرائم التطهير العرقي في فلسطين ومخططات التهجير والسيطرة على غزة وجعلها مكانا غير قابل للحياة بعد التدمير والقتل الممنهج بكل ما لذلك من تبعات وتداعيات وآثار لم يسبق لشعبنا ان عاينها منذ ما قبل جريمة النكبة الاولى . يقوم مندوبها بالأمم المتحدة بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة والتي قامت دولته على أساسه وبموجب قرارها الأممي رقم ١٨١ دون تفاوض مع أحد ودون الألتزام بما اشار له القرار من حدود لها . ذلك القرار الذي نص على اقامة دولتين ، لكن دون ان تقوم دولة فلسطين بموجبه حتى اليوم .

هذا الموقف الأرعن يعبر عن العقلية الاستعلائية والفوقية الصهيونية التي اعتادت خرق وانتهاك ورفض كل المواثيق والقرارات الأممية وحقوق شعبنا دون حساب وعقاب .

واليوم تدفع الأسرة الدولية ثمن ضعفها منذ جريمة النكبة بتغييب العدالة ونفاق بعضها سندا لمصالحها على اثر تلك الأسائة الوقحة لمكانة دول العالم وهذه المنظمة الدولية ، رغم تصويت اعضائها بأغلبية ١٤٣ عضو على قرار يقرُّ بأن دولة فلسطين مؤهّلة للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة وفقاً للمادة ٤ من ميثاقها ودعوة مجلس الامن لإعادة النظر في قراره السابق والأعتراف بدولة فلسطين ، الامر الذي يعيد تاكيد الموقف الدولي باغلبيته مع حقوق شعبنا الثابتة . الا ان هنالك ضرورة لقرأة منحى التصويت خاصة لدول الاتحاد الأوروبي الممتنعة واخذ الأجراء بمراجعتها سندا للعلاقات السياسية بيننا .

كما ان إدارة الصهيوني بايدن وبعد ان اعلنت أنها قد قبلت تأكيدات حكومة الأحتلال الإسرائيلية بأنها لا تنتهك القانون الأمريكي أو الدولي في تنفيذها للحرب في غزة . وهو استنتاج طبعا يتعارض مع التقييمات التي أجرتها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية ، فقد صوتت برفض قرار الجمعية العامة امس وإلى مهاجمة نص القرار بعد ان كانت الاسبوع الماضي قد أسقطت مشروع قراره بخصوص الإعتراف بدولة فلسطين سندا لمواقفها التاريخية المتتابعة والمناهضة لحقوق شعبنا الفلسطيني ولشراكتها الإستراتيجية مع اسرائيل .

ان توقيت الإعلان الأمريكي بتشغيل "الرصيف/الميناء العائم " بتوافق مع احتلال معبر رفح وتقطيع اوصال القطاع واقامة اربع مواقع عسكرية جديدة ومناطق عازلة ، جاء ليؤكد على ان كل ذلك يخدم "المشروع السياسي الأمني" لإسرائيل باعادة أحتلالها للقطاع ، كما والرؤية الأمريكية حول السيطرة على حوض شرق المتوسط بما في ذلك اقامة القاعدة الأمريكية بوجود ٢٣ الف جندي في صحراء النقب الى جانب قواعدها العسكرية الاخرى بمنطقتنا ومحاولات السيطرة على أحواض الغاز فيه .
وقد تزامن العدوان مع نضج الصفقة وموافقة حماس عليها الذي اربك حسابات نتنياهو مما دفعة لاتخاذ قرار شن العملية العسكرية البرية في رفح لمقاصد مختلفة .

فالسيطرة على المعبر تتعلق بالمستقبل السياسي لقطاع غزة وفق توجهات الإدارة الامريكية ودولة الأحتلال ، خاصة وأنه المعبر الوحيد الذي يمثل بوابة التعامل مع العالم الخارجي عبر مصر . هذا الأحتلال للمعبر يُنهي على أي مظهر سيادي فلسطيني مستقل ، ويعني الرغبة في اعادة احتلال القطاع بما يترافق مع أستباحة مخيمات وقرى ومدن الضفة الغربية وارتكاب الجرائم بها وتهويد القدس ومحاولات تهجير اهلها منها ومن المخيمات تحديدا .

من البدايات كنت قد كتبت حول رؤية الشرق الأوسط الجديد التي ما زالت تدغدغ افكار الإدارة الامريكية لخدمة مصالحها الإستراتيجية ، كما والرؤية الصهيونية التوراتية التي حولت فكرة أرض الميعاد "الدينية المزعومة" الى شعار سياسي يتعلق بما يسمونه &

39; في كل ارض فلسطين التاريخية . وما بين المشروعين لخدمة الرؤية المشتركة الواحدة تكمن تفاصيل استكمال التنفيذ التي تتم اليوم باستهداف المشروع التحرري الفلسطيني والحق الأساسي لكل شعبنا بتقرير المصير بما في ذلك استقلاله الوطني واقامة دولته ذات السيادة .

كلا الرؤيتين تنطلق اساسا من تقاطعات الفكر السياسي الذي قام على أساس التطهير العرقي والتهجير الأستعماري والممارسات العنصرية لأحلال شعوب مكان شعوب أصلانية اخرى بالمكانين رغم تباعدهم الجغرافي ، أمريكيا وفلسطين لخدمة الفكر الإستعماري الاستيطاني والهيمنة ، رغم الازمات البنيوية القائمة الان والقادمة بأشكال مختلفة التي بدأت تؤثر على وهم ما يُسمى "بشعب الحلم الأمريكي" أو مُسمى "الشعب اليهودي" من خلال ظواهر مختلفة من التباينات التي تهدد استقرار مجتماعاتهم .

لكن رغم الصمود البطولي واعمال المقاومة والتمسك بالأرض وما لحق بالعدو من خسائر بنتيجة حرب الشوارع . فان ابناء شعبنا الفلسطيني ورغم انهم سيخرجون من هذه المعركة بتحقيق انتصار معركة ٧ أكتوبر التي أطاحت باشياء كثيرة وغيرت من وقائع كانت قائمة بغض النظر عما نتفق علية او نختلف فيه مع حركة حماس والى رفضنا القاطع للفكر الظلامي لحركة الاخوان المسلمين . الا ان ابناء شعبنا سيخرجون ايضا بحكم بشاعة الأحتلال وجرائمه المدعومة أمريكيا مثخنين بجراح عميقة ستبقى لسنوات وخصوصاً في ارتداداتها على النسيج الإجتماعي وقدرته على إعادة إنتاج المجتمع بمختلف قطاعاته ، كما واعادة بناء حركته الوطنية وفق اسس قد تكون جديدة لكن باجماع وطني لحماية شعبنا واعادة البناء .

فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد تسعى لتحقيق مشروع الشرق الاوسط الجديد تحت مسميات "السلام والاستقرار الإقتصادي" بكل المنطقة الأوسع من حولنا . إلا أن دعمها لجرائم ولإجراءات إسرائيل في غزة والضفة الغربية يثير انتقادات ومعارضة من قبل اطراف متعددة من المجتمع الدولي وكل الشعوب بما فيها قطاعات من الأمريكيين انفسهم ، مما يساهم في عزلة مكانتها اليوم ويجعل من الصعب تحقيق التوافق والثقة اللازمة لتقديم مبادرات جديدة للسلام في المنطقة ، حيث فقدت دورها ومكانتها لذلك منذ زمن .

اليوم يجب الاستعاضة عن دورها بدول وقوى اخرى تنهض الان وفق المتغيرات الدولية الجارية ، وهذا ما يحتاج الى رؤية وحسم سياسي فلسطيني واضح في هذا الشأن دون اللهث خلف سراب وأوهام أمريكية تسعى لأستدامة الأحتلال بأشكال قد تكون مختلفة . حيث يتعارض تورط الولايات المتحدة في حرب الابادة الإسرائيلية مع مساعيها اللفظية لاعتبارات داخلية بعد نهوض الشارع والطلبة فيها بالادعاء بتحقيق السلام في المنطقة .

التهجير تحت مبررات طوعية وهي قسرية في واقع الحال ، خيار قد يكون هو الأهم للاستراتيجية التهويدية ضد المشروع التحرري الفلسطيني ، بدأت ملامحها تدق أبواب أهل قطاع غزة الذين سيكونون مدفوعين لذلك تحت مبرر خيار شخصي واقصد التهجير مع تسهيل دخولهم الى العديد من دول الغرب تحت حجج إنسانية لتبدو وكأنها ليست عملا اكراهيا .

ان حرب الإبادة والتطهير والتهجير والسيطرة على غزة وما قد يترتب عليها لاحقا ، هي قضية أكبر من هذا الانشغال بالحديث القائم حول تفاصيل ما يسمى بمصطلح اليوم التالي . ان التعاطي معها هي مسوؤلية وطنية للجميع في اطار الوحدة وتطوير دور منظمة التحرير التي يجب ان تأخذ قيادة وزمام امور مواجهة التحديات القائمة بوضوح حتى لا تترك فراغا تحاول الولايات المتحدة اشغاله بتعاون مع قوى اخرى .

ان إدارة قطاع غزة مستقبلا تتوجب ان تكون من خلال دمج كافة قطاعات المجتمع الفلسطيني في البنية السياسية الفلسطينية ونظامها وأشاعة الديمقراطية الأنتخابية أساسا في كل فلسطين على قاعدة وحدة الأرض والشعب والقضية ، وعلى أساس وثيقة اعلان الإستقلال والنظام الأساسي .
اضافة الى كونها ملف دولي يشكّل تحدّياً على مستوى أخلاقي وقانوني وسياسي للأسرة الدولية ، تتحمل مسوؤلية أسبابه ونتائجه اساسا دولة الأحتلال التي يجب ان تتكلف بكل تعويضات جرائم حربها كما حدث مع ألمانيا النازية سابقا ومحاكمتها ومجرمي حربها امام المحاكم الدولية المختصة التي تتعرض اليوم لتهديدات أمريكية واسرائيلية على السواء .