الأحد: 27/04/2025 بتوقيت القدس الشريف

الدبلوماسي الأول في الأمم المتحدة

نشر بتاريخ: 26/04/2025 ( آخر تحديث: 26/04/2025 الساعة: 20:33 )

الكاتب: هبة بيضون

من أبرز الشخصيات السياسية والدبلوماسية الفلسطينية الدولية، والتي تحظى بشعبية عالية على المستوى المحلي، والإقليمي، والدولي، هو د. رياض منصور، الذي تشرفت اليوم بمقابلته في المجلس الوطني الفلسطيني في عمان.

لقد كنت من المحظوظين الذين حضروا هذا اللقاء الذي رتبه المجلس، ليتحدث د. رياض عن الجهود الحثيثة التي تبذلها بعثة فلسطين في الأمم المتحدة من أجل حشد التأييد والدعم للقضية الفلسطينية، بكافة أبعادها، السياسية والإنسانية والدبلوماسية وغيرها، ولكن، وفق سعادته، تكمن الأولوية منذ السابع من أكتوبر 2023 في وقف إطلاق النار وإيقاف معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، وإدخال المساعدات.

لن أكتب بتفاصيل ما قاله د. رياض، وأترك المجال في هذا لغيري ممن حضروا اللقاء، ولكن أردت أن ألقي الضوء على سر نجاح هذا الدبلوماسي والسياسي المخضرم، الذي فاق التوقعات، وبهر الملايين عبر العالم بأدائه، والذي أيضاً حصل على لقب الدبلوماسي الأول في الأمم المتحدة لعام 2024، وفق استفتاء جرى داخل المنظمة الأممية.

من يستمع لهذا المناضل الدبلوماسي، يدرك على الفور أنه دبلوماسي فوق العادة، بمفهوم أنه يتمتع بصفات "إكسترا" جعلت منه شخصية مؤثرة عالمياً، وهذا يعود لعدة أسباب، أهمها: الخبرة الدبلوماسية التي يتمتع بها، حيث شغل منصب نائب المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة منذ عام 1983 وحتى 1994، كما أنه بروفسور حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة عريقة، ودرجات علمية أخرى، جعلت منه مناضلاً يتبع المنهج العلمي بالتفكير والتحليل، وانعكس هذا الخليط من العلم والخبرة لديه، ليفكر بمنهجية علمية وقدرة فائقة على تقييم الأوضاع ورسم الخطط الاستراتيجية والتكتيكية والرؤى لعمل البعثة، وأيضاً وضع خطط عملية قابلة للتطبيق، وليس مجرد نظريات، ما جعله يتميز بالإنجازات العملية، التي أخذت القضية الفلسطينية الى مواضع متقدمة في الساحة الدولية.

كان ملاحظاً جداً لكل مستمع، وبعيداً عن اللقاءات الإعلامية والخطابات من على منبر الأمم المتحدة، والتي قد تكون معدّة سابقاً، بإنّ د. رياض يتمتع بحنكة وذكاء سياسي مميّز، فبالإضافة الى سرعة بديهته، وعدم إغفاله لأيّ سؤال وجه إليه من قبل الحضور من أعضاء المجلس وغيرهم من الضيوف، أمثالي، فهو محنّك ويرد بدقة على الأسئلة بوضوح وصراحة ومهنية وتواضع، ولا يهمل أيّ جزئية إلّا وتطرق لها، كما أنه معروف برده بحزم وذكاء على الروايات الإسرائيلية المختلقة، ويفندها مدافعاً عن الحقوق الوطنية، وبطريقة مقنعة قادرة على فضح الأكاذيب، وكشف الحقائق، مع التركيز دائماً على حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى معاناته تحت الاحتلال.

لقد عمل د. رياض لسنوات طويلة على تعزيز مكانة فلسطين في الأمم المتحدة، ولعب دوراً كبيراً بتغيير وضع فلسطين الى "دولة مراقب غير عضو، وذلك عام 2012، وبدعم وإسناد من سيادة الرئيس محمود عباس، والتي ترتّب عليها دخول فلسطين بعضوية العديد من المنظمات الدولية، وبالتالي قدرتها على التحرك والمناورة والعمل على التصدّي للاحتلال على الساحة الدولية، وعبر العديد من المنصات.

بالإضافة الى ما سبق، فإنّ د. رياض أبرز الجانب الإنساني للقضية الفلسطينية، ما ساعد على حشد تأييد كثير من الدول التي لم تكن تدعم فلسطين، وكان له جهوداً مميزة منذ بدء العدوان بالتعامل مع القضية سياسياً وإنسانياً، ولا ننسى بأنه بكى في أحد خطبه في الأمم المتحدة، وهو يتحدث عن معاناة شعبنا في غزة، وعنما يبكي الرجال العظماء، فإنّ لهذا تأثير كبير، ودلائل كثيرة.

د. رياض شخصية يجمع عليها الكل الفلسطيني، من مؤيدين ومعارضين، وخير دليل على ذلك، كان حضور اليوم، الذي تميز بتنوعه، حيث حضرت شخصيات وطنية من المعارضين والمنتقدين الدائمين لسياسات الشرعية الفلسطينية، إلّا أنهم أبدوا كل احترام واعترفوا بجهود د. رياض التي يشهدها الجميع، وساندوه.

والأهم مما سبق هو إيمان د. منصور المطلق بعدالة القضية الفلسطينية، ودفاعه المستميت عن حقوق شعبنا الفلسطيني دون كلل او ملل، فهو يواصل الليل بالنهار، ليعمل لصالح القضية وشعبها، ولديه نفس المناضل الطويل، وروح المثابرة والصبر بالعمل على تحقيق الأهداف، هو لا يعرف اليأس، ولا يعرف الإحباط، على الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها، وأكبرها الدعم الأمريكي اللامحدود للكيان.

هذا الرجل مدرسة للوطنية وللمثابرة وللدبلوماسية وللحنكة السياسية، يتعامل مع الأمور بموضوعية وبمنطق وبفن المعقول والممكن، هو يفهم جيداً المعادلة السياسية والدبلوماسية، ويعرف كيف السبيل لتحقيق الأهداف بالعقل، دون التنازل عن ذرة حق من حقوقنا الوطنية المشروعة.

رياض منصور، الشخصية الدبلوماسية الفلسطينية الأكثر تأثيراً، وهو رجل المهام الصعبة، التي لا ييأس في التغلب عليها، هو صاحب إرادة قوية، تمثل الشعب الفلسطيني العظيم، حيث يستمد د. رياض قوته من شعبه، ومن عدالة قضيته، ومن دعم قيادته لجهوده وفريقه.

وجدير بالذكر أنّ سلطات الاحتلال منعته من دخول فلسطين، حيث كان في طريقه لحضور اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير التي عقدت مؤخراُ، مما اضطره المشاركة عبر تقنية زووم.