الكاتب:
عبد الفتاح أبو تحفة
تمهيدٌ:
في خضم التحديات الاقتصادية المُزمنة والرهانات التنموية المتجددة، يقفُ “العدد” على مفترق طرق: هل يظلُّ مجرد سجلٍ جامدٍ، أم يتحول إلى نبضٍ يستشرف المستقبل؟ هنا تبرز المحاسبة لا كأداة روتينية، بل كمحرّكٍ استراتيجي يصوغ به صناع القرار خارطة الطريق المالية للدولة.
فالمحاسبة.. لغةٌ واضحة بين الحاكم والمحكوم
كاشفةٌ للحقائق:
عندما يُقدّم التقرير المالي بمصداقية كاملة، ينكشف أمام الجمهور مسار الموارد، فيرى المواطن كيف تُدار أموالُه.
مُرشدٌ للأولويات:
تُحوّل الأرقامُ الجافة إلى خارطة أولويات تنموية، تقود الإنفاق نحو مجالاتٍ حيويةٍ كالصحّة والتعليم والبنية التحتية.
كاشفٌ عن مواطن الهدر:
يتبدّى الإمكانياتُ الضائعة وتظهر الثغرات، فتتسارع جهود الإصلاح وترشيد الإنفاق.
المحاسب الحكومي:
أكثر من مدقق أرقام بل شريك في التخطيط ويشارك في صياغة الميزانية منذ لحظة التشكل، متجاوزًا دوره القديم في التدقيق بعد التنفيذ.
محلل استشرافي:
يمسك بخيوط المستقبل المالي، يقيّم السيناريوهات ويقدم توصيات استشرافية تحمي الدولة من مخاطرٍ محتملة.
راعيُ النزاهة:
يحرس على مبادئ الشفافية والمساءلة، ليكون لكل رقمٍ صدى حقيقي بين أروقة الإدارة وعين المجتمع.
دعائمٌ لأركان شفافية مستدامة:
معاييرٌ عالمية:
تبنّي المعايير المعتمدة دوليًا، كي تصبح التقارير ناظمةً موحدة يحكمها الانسجام العالمي.
كوادرٌ متخصصة:
الاستثمار في التدريب المستمر وتطوير المهارات التحليلية، ليظل المحاسب في الطليعة.
تقنياتٌ متقدمة:
توظيف الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لتحويل الكمّ الهائل من الأرقام إلى رؤى قيّمة.
حوكمةٌ رشيدة:
تأسيس آليات رقابةٍ صارمة تضمن عدم انحراف المسار المالي عن مساره، ومساءلة فورية للمتجاوزين.
خاتمةٌ تبقى في الذاكرة:
حين تُمارس المحاسبةُ بحرفيةٍ ونزاهةٍ مطلقة، فإنها لا تصنع التقارير فحسب، بل تُحوّل الأرقام إلى قرارٍ فاعلٍ، والمال العام إلى أدوات تنموية حقيقية. حيث إنها الجسر الذي يعبر منه المواطن وصانع القرار معًا نحو مستقبلٍ شفّافٍ وعادلٍ ومستدام.