الإثنين: 16/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

كيف يمكن لإيران التغلب على كل التحديات

نشر بتاريخ: 15/06/2025 ( آخر تحديث: 15/06/2025 الساعة: 22:28 )

الكاتب:

د. محمد عودة
يعتبر المجتمع الإيراني من المجتمعات التي فيها تنوع عرقي وديني حيث يتكون من مجموعات عرقية ودينية متنوعة، حيث يمثل الفرس 60%والاذريون 15%، الاكراد 10%، اللور 6%، البلوش والعرب والتركمان 2% لكل منهم، 3%: هم عبارة عن المجموعات الآشورية، الجورجية، والارمن وغيرهم، اما التنوع الديني 90% مسلمين، منهم 10%سنة والباقي شيعة، اما الأقليات الدينية: مسيحية ويهودية وزرادشتية، وهم يحظون ببعض الاعتراف الرسمي.
عبر التاريخ شكل الفرس المجموعة العرقية المهيمنة والتي قادت البلاد في مختلف العصور بغض النظر عن شكل الحكومات، فمنذ عصر الإمبراطورية الفارسية الى يومنا هذا يسيطر الفرس على مقاليد الحكم، من المعروف ان عصر الملكية وان كان من الأغلبية الا انه اعتمد بشكل او بآخر على الأقليات من جهة إضافة الى اعتماده على الغرب كما حصل عام 1953 من انقلاب قادته أمريكا وبريطانيا على محمد مصدق.
اما بعد سيطرة الملالي على مقاليد الحكم وتحويل الجمهورية الى إسلامية يحكمها نظام دكتاتوري حول المجتمع الغربي من حليف الى عدو مارس حصارا على البلد، أثر سلبا على كل مناحي الحياة وافسح المجال امام تقليص حقوق الأقليات وحولها الى ارض خصبة للمعارضين واعطى هامشا أوسع للأجندات الخارجية.
إيران منذ 46 عاما استطاعت الى حد كبير ان تفتح ثغرات في الحصار المفروض عبر بناء علاقات مع بعض دول العالم الثالث إضافة الى روسيا والصين مما سهل عليها الوصول الى الاكتفاء الذاتي بحدوده الدنيا، فقد طورت إيران من صناعاتها العسكرية والمدنية، خاصة قطاعي النفط والطاقة الذرية السلمية هذا الأخير الذي جلب لها مزيدا من تضييق الخناق خوفا من الوصول الى انتاج سلاح نووي.
من اليوم الأول لانقلاب الخميني على الشاه اخذت آلة الدعاية الغربية بتسويق النظام الجديد على انه نظام معادي للمحيط وللأقليات، وعبر الزمن تحولت الجمهورية الإسلامية الى عدو للمحيط لا يقل عداوة عن الكيان الصهيوني بل تخطاه في كثير من الأحيان، وبحكم الحصار وممارسات النظام الدكتاتورية تحولت الأقليات الى خصوم ان لم نقل أعداء.
امام كل ما سلف فان امام ايران تحديات معقدة سواء التحديات الداخلية ام الخارجية خاصة في ظل العداء الهمجي الذي تنتهجه إسرائيل بدعم وتشجيع الغرب الى حد هجوم غير مسبوق بحجة منع ايران من امتلاك سلاح نووي والاغرب ان الكيان الذي يريد منع ايران من امتلاك السلاح النووي هو اول دولة نووية في المنطقة، مضاف اليه ان مهمة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل هي مهمة الأمم المتحدة وليست مهمة إسرائيل ولا أمريكا، إسرائيل تعطي نفسها الحق في مهاجمة ايران لهذا الغرض وتحرم ايران من حقها في الدفاع عن نفسها في استخدام وقح وعلني لازدواجية المعايير،(الشعب الفلسطيني لا يملك حقه في الدفاع عن النفس في ارضه اما إسرائيل فتملك الحق في الدفاع عن النفس في بغداد طهران، دمشق، صنعاء، تونس، الخرطوم وليس اخرها غزة والضفة والقدس.
امام كل ما سلف وفي ظل العدوان الهمجي الحالي تُطرح جملة من التحديات امام القيادة الإيرانية خاصة وان الغرب لن يقبل بهزيمة الكيان الصهيوني لذلك مطلوب من ايران الصمود وبالحد الأدنى منع إسرائيل من الانتصار وصولا الى مخرج مشرف من الازمة وباقل الخسائر، فايران التي تعاني حصارا غير مبرر منذ 46 سنه ليس من السهل عليها تعويض ما تستخدمه من قدراتها العسكرية اثناء العدوان على عكس الكيان الذي لديه جسور (جوي، بحري وبري ) تمده بكل ما يحتاج خاصة تعويض العتاد المستخدم، مضاف اليه انخراط ما يزيد عن عشرين دولة في التصدي للرد الإيراني مما يعقد مهمة ايران في هزيمة المشروع الصهيوني او الخروج بالتعادل من المعركة، مطلوب من ايران الصمود والاستخدام المقنن للإمكانيات.
مطلوب من إيران التصالح مع المحيط وليس هذا فحسب بل مطلوب بناء تحالفات مع الدول الإقليمية خاصة الإسلامية والعربية على قاعدة الشراكة والتعامل بالمثل على طريق تشكيل قطب يسهم في تخليص الكون من سيطرة القطب الواحد وتشكيل عالم متعدد الأقطاب يكون فيه للعالم الإسلامي دور، بحيث ينتج عالم أكثر عدلا وامنا واستقراراً.
اما على مستوى الداخل فمطلوب مراجعة سياسة الدولة تجاه الأقليات سواء العرقية ام الدينية على طريق توريط إيجابي لهذه الأقليات للمشاركة في إدارة البلاد ومنح هذه الأقليات حقوقها المدنية والدينية، كما تقتضي الضرورة ان تقوم أجهزة امن الدولة برصد أعداء الدولة ( العملاء) في الداخل والقضاء عليهم ،العمل على استثمار التكنلوجيا في منع العدو من اختراق أجهزة ومؤسسات الدولة وصولا الى حرمان العدو من التفوق الاستخباراتي ،عندها فقط ستتمكن ايران ربما من إعادة مجد الإمبراطورية الفارسية لكن على أسس احترام الغير والشراكة في بناء عالم افضل.