الثلاثاء: 29/07/2025 بتوقيت القدس الشريف

التعليم في ظل الحصار: إبداع فلسطيني يتحدى المستحيل

نشر بتاريخ: 28/07/2025 ( آخر تحديث: 28/07/2025 الساعة: 19:20 )

الكاتب: د. ربحي دولة

رغم ركام الدمار، وصوت الرصاص الذي يتردد أصداؤه في أروقة المدارس، ورغم الحصار الخانق الذي يطال كل شيء حتى الأقلام والكتب، يظلّ الطالب الفلسطيني عنوانًا للصمود، ورمزًا للإبداع الذي لا يعرف حدود

مدارس تحت النار… وعقول لا تنكسر

في كثير من المحافظات الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة، تبدأ الحصة الدراسية على وقع القصف، وقد تنتهي بإخلاء طارئ بسبب تهديد أمني أو اقتحام عسكري. ورغم ذلك، يُصرّ الطلبة والمعلمون على مواصلة الطريق، وكأنهم يرددون بصوت واحد: “لن نترك القلم يسقط من أيدينا.”

تفوق رغم الألم

تُسجّل فلسطين سنويًا نتائج مبهرة في امتحانات الثانوية العامة “التوجيهي”، ويحصل العديد من الطلاب على معدلات مرتفعة تضعهم في مصاف المتفوقين على مستوى العالم العربي. مشاهد الطلبة وهم يدرسون تحت ضوء الشموع، أو على أنقاض بيوتهم، أصبحت أيقونات للإصرار الذي لا يُقهر.

كيف لطالب فقد منزله أو أحد والديه أن ينجح بتفوق

الجواب: لأن العلم في فلسطين ليس خيارًا بل هو سلاحٌ للمستقبل.

المعلم الفلسطيني… صانع المعجزة

في ظل نقص الرواتب، وانعدام الموارد، والعمل في بيئات محفوفة بالخطر، يواصل المعلم الفلسطيني أداء رسالته النبيلة. لا يُدرّس فقط المنهاج، بل يُزرع الأمل، ويُغرس الصبر، ويُعلّم طلابه كيف يصنعون من الألم أملاً، ومن الحصار حلمًا.

الإبداع بلا إمكانيات

رغم غياب المختبرات المتقدمة، وندرة الأجهزة والتقنيات، يبرع الطلبة في مجالات متعددة: البرمجة، والروبوتات، والشعر، والرسم، والمشاريع العلمية. وتمثّل فلسطين في مسابقات دولية، وتحقق مراكز متقدمة بجهود فردية تنبع من عزيمة لا تلين.

شعب الفلسطيني… مدرسة الصمود

التعليم في فلسطين لا يقتصر على الكتب والمناهج، بل هو عملية نضالية مستمرة. هو مقاومة من نوع مختلف. فكل طالب يذهب إلى مدرسته رغم القصف، وكل معلم يشرح درسه تحت ظلّ الخطر، يشارك في معركة من أجل الوجود، ومن أجل المستقبل.

في فلسطين، لا يُقاس النجاح بعدد الشهادات فقط، بل بمدى القدرة على الوقوف من جديد بعد كل هدم، والإصرار على التعلم وسط كل هذا الخراب. إنها قصة وطن يُعلّم أبناءه أن القلم لا يُكسر حتى لو كُسرت الجدران.

هذا هو التعليم في ظل الحصار… وهذا هو شعب فلسطين المبدع رغم كل شيء.

٠ كاتب وسياسي فلسطيني