الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

حول انفلونزا الخنازير والادوية ومجمع فلسطين الطبي؟

نشر بتاريخ: 01/04/2015 ( آخر تحديث: 01/04/2015 الساعة: 14:57 )

الكاتب: عقل أبو قرع

لا جدال ان مبدأ الوقاية، اي ترسيخ الظروف والعوامل، لمنع الاصابة بالمرض او بالوباء، ومن ثم توفير العوامل التي تمنع او تحد من انتشارة، وتجهيز المختبرات والفحوصات والاجهزة التي تبين وبدقة اسبابة ونوعيتة، وتوفير الادوية والطعومات اللازمة له، ومن ثم تحضير واعداد المقومات الاعلامية والتوعوية، للتعامل مع الهلع والخوف والقلق، الذي يمكن ان يصاحبة، يعتبر من المبادئ الاساسية للصحة العامة وللرعاية الصحية الاولية، وهذا بالضبط ما تقوم بة الاجهزة الصحية، في الكثير من الدول، التي تعتبر صحة المواطن، وبالتالي الصحة العامة او صحة المجتمع، هي الاساس والاولوية في عملها؟

ومع تزايد حالات الاصابة ب " فيروس انفلونزا الخنازير" في مناطق عدة من بلادنا، والتي ادت الى وفاة حوالي 6 اشخاص حتى الان، واصابة اكثر من 100 شخص نتيجة العدوى بالفيروس، بدأ نوع من القلق او حالة من التساؤلات ومن الخوف تصيب الناس، وبالاخص في حال التواجد في بيئة او في ظروف مع اشخاص، ينتابهم السعال المتواصل، او مع اشخاص، ربما تظهر عليهم اعراض مرض " الانفلونزا العادية"، والتي لا تختلف اعراضها كثيرا عن " انفلونزا الخنازير، وبالتحديد في اماكن تجمعات او اماكن تحوي كثافة من الناس، مثل المدارس والاسواق والمخيمات، او في ظل ظروف بيئية غير صحية، مثل الاوضاع الحالية التي يمر بها قطاع غزة، وفي ظل هكذا اوضاع، فالمطلوب التحرك السريع والفعال، سواء فيما يتعلق بالتوعية والتواصل مع الناس، او فيما يتعلق بالقيام بأجراءات او خطوات تتوقع الاسوأ، اي امكانية انتشار العدوى، منها توفر الفحوصات والادوية والحملات الاعلامية ؟

ورغم الاقرار ان هناك تقدم وتحسن وتطوير في خدمات واجهزة ومعاملة القطاع الصحي في بلادنا، الا ان هناك الكثير الذي ما زلنا نحتاجة، والذي وفي ظل الامكانيات المحدودة، والظروف المعقدة، يمكن القيام بة، من خلال سياسات ومن خلال تغيير ثقافة عمل، اومن خلال تعديل في فلسفة الادارة، واعادة تسخير المصادر حسب احتياجات المواطن الفلسطيني، وعلى سبيل المثال، وان حدث وان قام احد بزيارة الى غرفة طوارئ "مجمع فلسطين الطبي"، في مدينة رام اللة هذه الايام، سواء اكان مريضا او مرافقا او متابعا او مستفسرا عن حالة، فأنة وبدون شك يلحظ التقدم الكبير، والاهتمام، والنظافة وديناميكية الحركة، والتطور الاداري والتقني، من حيث الفحوصات المختلفة، من بول ودم واشعة، والحصول على نتائجها من خلال شبكة الكترونية، اي من خلال وصولها الى ايادي الاطباء على اجهزة الكمبيوتر وبسرعة، وبدون الحاجة الى اوراق او الى مراجعات مملة، وما الى ذلك من امور ايجابية، يمكن ببساطة ملاحظتها؟

ولكن وفي نفس الوقت، ومع هذا التطور الايجابي، نلحظ الحاجة الماسة الى المزيد من التوسع، والى المزيد من الاسرة ومن المزيد من الطاقم والامكانيات، وحتى الحاجة الى اعادة ترتيب اولويات، والى تبني انظمة ادارية اكثر كفاءة واكثر وضوح وانجع، ومعروف ان مجمع" فلسطين الطبي"، يخدم وبالاضافة الى محافظة رام اللة والبيرة، والتي اعدادها تتكاثر مع الوقت، كذلك المحافظات الفلسطينية الاخرى، نظرا لتوفر امكانيات واجهزة وخبرات لا تتواجد في المناظق او في المحافظات الاخرى، ورغم الجهد الكبير والعمل المتواصل، والعناية والاهتمام، الذي يبذلة الاطباء والممرضين والطاقم، في المستشفى، وربما في غيرة من المستشفيات، الا انة قد يحدث ان لا تجد "سرير" في قسم الطوارئ، وتبقى لعدة ساعات تنتظر، وهذا يؤكد على الحاجة الملحة الى التوسع الافقي والعمودي والذي بدورة يحتاج الى القرارات الادارية، بأعادة توزيع المصادر والامكانيات المادية والبشرية، سواء الداخلية، او الخارجية، من اموال المنح والمشاريع والدعم والتبرعات، من اجل تلبية اولويات الناس؟

وهناك كذلك موضوع الادوية، الموضوع القديم الجديد، سواء من حيث توفرها، او من حيث مراجعة اسعارها، والقلق المتواصل عند الناس حول ذلك، ومن الامثلة على ذلك، ما تناقلتة وسائل الاعلام قبل فترة، عن تخفيض اسعار الكثير من الاصناف من الادوية الاجنبية، بدون ان يكون لذلك اثر سريع على المريض، وهذا يتطلب اعادة النظر في الالية او في الطريقة الادارية، التي يتم من خلالها مراجعة اسعار الادوية، وفي طريقة الاعلان عن ذلك الى وسائل الاعلام، وفي كيفية او توقيت التطبيق، وكذلك الايضاح للمريض لماذ بقيت اسعار اصناف العديد من الادوية، ومنها الاجنبية مرتفعة، ومرتفعة جدا، ولفترة طويلة، ومن كان المستفيد من ذلك؟

وموضوع التحويلات الطبية الى خارج القطاع الصحي الفلسطيني، ما زال موضوعا مقلقا، ومربكا، ومكلفا، ويحتاج الى العناية والدراسة والمراجعة، وبدون شك انة كان هناك تقدم في هذا المجال، من حيث اصبح اكثر ضبطا واكثر تأني في اتخاذ قرارات التحويلات الطبية الى الخارج، ولكن ما زال هناك الحاجة الى الضبط، والى التوفير في هذه الفاتورة الاكثر تكلفة لميزانية وزارة الصحة، والى توخي العدل والانصاف لمن يستحق، والى التوجة اكثر نحو زخم الاعتماد على الذات، من خلال الاستثمار في امكانيات وكفاءات وخدمات، يمكن من خلالها، التقليل من التحويلات الخارجية المكلفة؟

ورغم الاستفادة هنا او هناك، سواء من ناحية الاجهزة والمعدات، او من ناحية التدريب والخبرات، الا ان التخبط والتحكم من قبل فئة محددة في مشاريع القطاع الصحي ما زال قائما، وما زالت فئة معينة تحتكر القرار في المشروع، وفي اهدافة، وحتى تحتكر المشاركة في التدريب وفي ورشات العمل والاجتماعات، وتحتكر المشاركة في السفريات الكثيرة المرتبطة بهذه المشاريع، وحتى تحتكر الظهور الاعلامي هنا او هناك، وبالتالي يتم هدر الاموال والطاقات بعيدا عن ما يأملة المواطن او المريض الفلسطيني، وحتى ان هناك مشاريع تأتي وتذهب، وبدون ان يبقى لها اثر مستدام متواصل وينعكس على غالبية الناس، المستحقين لها؟

وفي ظل كل هذا، فأن الواقع الصحي في بلادنا يحتاج الى المزيد من الزخم، والى التركيز على التخطيط لاستراتيجيات بعيدة المدى، تعتمد مبدأ الوقاية كاولوية للحفاظ على الصحة العامة، ويحتاج الى المزيد من المتابعة والتقييم وبشكل موضوعي، وفي الاتجاة الصحيح، لكي تتراكم الامور الايجابية التي نراها ونقرها ونذكرها، وفي نفس الوقت لكي تتلاشى السلبيات والملاحظات والاشكاليات، ولو بشكل تدريجي، والتي ما زلنا نراها ونكتب عنها ونأمل ان تتغير وبشكل سريع؟