الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الخطاب واعداء القضية

نشر بتاريخ: 08/04/2015 ( آخر تحديث: 08/04/2015 الساعة: 15:08 )

الكاتب: ياسر المصري

قد تحدد شكل وانواع للإصطفافات والتحالفات وفق عاملين ، إما رؤية تجمع أصناف معينة من القوى والحاجة وتخلق توازن لنجاح الرؤية وبلوغها لأهدافها ، أو مصالح تستجمع أطراف وقوى وفق تحقيق غايات معينة تتقاسمها اطراف الإصطفاف او التحالف ، وحتما في إصطفاف المصلحة إنفضاض وعدم ثبات في الإصطفاف طبقا لتبدل ميزان المصالح أو إنقضاؤها .

وهل كانت الحرب على الحوثيين هي في إطار إصطفاف الرؤية أم إصطفاف المصالح أم الإثنين معا ؟؟؟؟ وهذا ما ستجيب عليه نتائج هذه الحرب وما ستفرضه من وقائع بعد إنتهائها .

وقد تكون من دوافع التحرك السعودي في اليمن هو إدراك الممكلة العربية السعودية لضرورة أخذها بعين الإعتبار وإستراتيجيتها الجديدة التغيير في السياسة الأمريكية إتجاه منطقة الشرق الأوسط لصالح أكثر من محور على صعيد أسيا والتعامل مع خلق شكل جديد من طوق حول الإتحاد الروسي وغيره من العوامل ، وهذا ما دفع السعودية العربية للإعتماد على إستراتيجية جديدة تراعي إعتماد أقل على الحليف الأمريكي وتعيد رسم سلم أولويات جديد وفق مخرجات تفرضها حاجة ومكانة وتحديات قد تتطور إلى تهديدات .

ووفق لذلك تحركت السياسة الخارجية للعربية السعودية على محاور ثلاث ما قبل شنها للحرب على الحوثيين :
1- إعادة ترتيب وتعزيز صيغ العلاقة الخليجية – الخليجية (التهدئة مع قطر والتراجع عن التعامل الكلي مع كل اطر حركة الإخوان المسلمين كحركة إرهاب ) وإعادة رسم موقف خليجي متماسك نسبيا إتجاه مصر .
2- القيام بتفاهم سعودي- تركي حول الملف السوري واليمني وإبقاء الحوار قائم على الملف المصري .
3- تفعيل الحليف الباكستاني نحو تعزيز القدرة السعودية على صعيد الإقليم في مقابل إيران الشيعية – النووية من خلال السعودية كقوة إقليمية تتزعم العالم السني ونووية بقدرة باكستينة مع إعطاء دور باكستاني لمنع التمدد الإيراني بإتجاه الشرق .

وفلسطين في هذه الخارطة الجديدة التي ستتشكل وستفرض وقائع ومصالح جديدة ، إن لم تأخذ موقفها ومكانتها في كل التغيرات الحادثة وتحدث أو ستحدث ، ستكون في موضع الإرتهان لمجموعة من المصالح الإقليمية دون وضوح في الخط وفق الحاجة الفلسطينية لكل قدرة وفاعلية عربية ممكنة لإنجاح المشروع الفلسطيني بإقامة الدولة المستقلة وتقصير عمر الإحتلال الإستيطاني ، وما صرح به مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية محمود الهباش بخصوص الحرب على الحوثيين وضرورة وجود إجماع عربي من الإنقسام الفلسطيني ، وهذا التصريح الذي أخذ بغير مواضعه ومضمونه وإن كان هذا التحريف والإخراج قصدا او جهلا فإن التصريح بما كان به إنما هو حاجة سياسية ووطنية فلسطينية من منطلق الواجب على الأشقاء العرب إتجاه الإنقسام مع الأخذ بعين الإعتبار ما حدث خلال الحرب الإجرامية الأخيرة على قطاع غزة ، حيث قامت بعض دول في المنطقة بالعمل على إطالة عمر هذه الحرب لتحقيق اجندة إقليمية وقدمت للإحتلال مبررا للتوغل بسفك الدم الفلسطيني لينفذ الإحتلال عقدته المتولدة من رحم الحركة الصهيونية والقائمة على أساس القتل والهدم .

ونحن الفلسطينيين اكثر الشعوب العربية بالمنطقة حاجة لوجود قوة إقليمية عربية قادرة على خلق التوازن مع القوى الإقليمية القائمة( إسرائيل ، إيران الفارسية ، تركيا العثمانية) ، وبالنتائج فإن ما يحدث في الإقليم سيترك الأثر ويرتب نتائج على القضية الفلسطينية ، خصوصا أن بعض الأحداث( مسمى الربيع العربي و ظهور الحركات الجهادية السلفية بشكلها الحالي داعش – والنصرة وغيرها ) قدمت للإحتلال الإستيطاني الإسرائيلي إسهامات تعزيز لإستراتيجيته بحسم الصراع ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة ، فاليوم تحول المدخل لإستقرار الشرق الأسط من أن إقامة الدولة الفلسطينية هو المدخل لإستقراره إلى القضاء على الإرهاب كمدخل بديل لإستقراره ، واليوم دولة الإحتلال الإستيطاني ، في أكثر مراحل الوجود إسترخاءا وأمنا مع إرتفاع في فعاليتها الردعية بعد تحطم أو تأثر شكل الدولة في دول عربية كانت تشكل قدرة وقوة على صعيد جيوشها وإستقرارها ( العراق ، سوريا ، مصر) .

وإن مستشار الرئيس الفلسطيني محمود الهباش إذا كان في مضمون تصريحه بأن المطالبة الفلسطينية قائمة على أساس ضرورة حسم الإنقسام الفلسطيني الداخلي وحسمه من خلال أبعاد الشأن الفلسطيني من العبث من بعض طموح لأدوار دول في الإقليم ، وما يسببه هذا العبث من إطالة لعمر الإحتلال والإضرار بالقضية الفلسطينية ، فإن وجود موقف عربي موحد وحاسم ترعاه وتقوم عليه العربية السعودية هو ليس مطلب فلسطيني فحسب إنما هو واجب ملقى على كاهل أمة ، غير أن هناك جهات تتبرع في الدفاع عن مصالح الإحتلال تحت مظلة وشعار إدعاء الوطنية والتي أصبحت بحاجة إلى إعادة تعريف وصياغة على مستوى المنطقة وفلسطين بكل خصوصيتها ، فمتى كانت الوطنية قيمة ومعنى ومضمون وهي تتساوق وتحقق الأهداف في مخرجاتها ونتائجها وهي تخدم أجندة لصالح الإحتلال والإستعمار ؟؟؟؟؟؟؟؟